بين عقدة الفقر في الوطن و العالم و سباق ناطحات السحاب

إن أزمة الفقر عالميا تعد كارثة بشرية و خصوصا في دول العالم الثالث و الدول الفقيرة، فيعيش فوق كوكب الأرض 6 مليارات من البشر يبلغ عدد سكان الدول النامية منها 4.3 مليارات، يعيش منها ما يقارب 3 مليارات تحت خط الفقر وهو دولاران أميركيان في اليوم، ومن بين هؤلاء هنالك 1.2 مليار يحصلون على أقل من دولار واحد يوميا.

وفي المقابل توضح الإحصاءات الغربية بالأرقام أن الدول الصناعية تملك 97% من الامتيازات العالمية كافة، وأن الشركات الدولية عابرة القارات تملك 90% من امتيازات التقنية والإنتاج والتسويق، وأن أكثر من 80% من أرباح إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في البلدان النامية يذهب إلى 20 دولة غنية.

وفي البلدان النامية نجد أن نسبة 33.3% ليس لديهم مياه شرب آمنة أو معقمة صالحة للشرب والاستعمال، و25% يفتقرون للسكن اللائق، و20% يفتقرون لأبسط الخدمات الصحية الاعتيادية، و20% من الأطفال لا يصلون لأكثر من الصف الخامس الابتدائي، و20% من الطلبة يعانون من سوء ونقص التغذية.

وفي المقابل تبلغ ثروة ثلاثة من أغنى أغنياء العالم ما يعادل الناتج المحلي لأفقر 48 دولة في العالم، كما أن ثروة 200 من أغنى أغنياء العالم تتجاوز نسبتها دخل 41% من سكان العالم مجتمعين. وتوضح الدراسات أنهم لو ساهموا بـ 1% من هذه الثروات لغطت تكلفة الدراسة الابتدائية لكل الأطفال في العالم النامي.

وبينما يموت 35 ألف طفل يوميا بسبب الجوع والمرض ويقضي خمس سكان البلدان النامية بقية اليوم وهم يتضورون جوعا، تقل المساعدات المخصصة للدول الفقيرة عن طريق منظمة الأمم المتحدة عما تنفقه تسعة من البلدان المتقدمة على غذاء القطط والكلاب في ستة أيام فقط.

فهذه الكارثة لها أسباب مباشرة و غير مباشرة…فعمل المنظمات الأهلية و الدولية و هيئة الأمم لوحدها لا يكفي فإنني أعده في إطار الدعم أو مواساة لهذه الأزمة و ليس الحل، لأن ذلك يحتاج إلى إستراتيجية دول و توقيع إتفاقيات و بروتوكولات ليس شكلية بين الدول ( فاليوم نرى تسابق بين الدول الغنية على ناطحات سحاب و هناك أناس مدخولهم الشهري دولارين ) و ذلك لخفض نسبة الفقر عالميا و قد تؤدي إلى تغيير سياسات بلدان و لذلك مستبعد أن يحدث ذلك.

لأن بعد دخولنا ظاهرة العولمة التي كانت تبشر بإنماء إقتصادي لدول العالم الثالث أصبحنا نرى أنه رجال المال و الأعمال في تلك الدول أصبحت تستثمر أموالها في الدول المزدهرة و ذلك أدى إلى تدهور إقتصادي في الدول النامية و الفقيرة مما يعنيه زيادة البطالة و الفقر عالميا . فهناك تمركز للرأس المال العالمي، وهو خلل لا يمكن تجاهل تفاعلاته السلبية وما يترتب عليها من آثار وخيمة على البشرية، كما توضح ما آل إليه حال الإنسانية في التغاضي عن هذه الفضيحة الأخلاقية التي تهدد على نحو خطير السلام الاجتماعي.

أما على النطاق الإجتماعي : فكانت بعض الدول النامية توفر الرعاية الصحية قبل تفشي العولمة فيها ، فاليوم بعد تبنيها العولمة بالكامل أصبحت تتنصل هذه الدول من واجباتها الصحية منها و غيرها مثل الواجبات التربوية.

أما على الصعيد الآخر، ففرض العقوبات و الغزوات و الحروب التي تحصل للحصول على مواقع إستراتيجية أو للإستيلاء على موارد موجودة في تلك البلدان أدت إلى زيادة أزمة الفقر عالميا. ( مثلا قارة إفريقيا يوجد فيها فيها أهم و أكثر المواد الأولية في العالم لكن أكبر نسبة فقر موجودة فيها و سبب من الأسباب هو أن دول الغرب تفرض هيمنتها عليها )

فاليوم يجب على دول العالم الثالث أن تتبع ما هو مفيد من العولمة و ممارسة ما هو مفيد لإقتصادهم ، كما فعلت بعض بلدان آسيا الشرقية و أوروبا. و يجب وضع إستراتيجيات للتنمية المستدامة في تلك البلدان لأنه لا يمكن الإنطلاق و محاربة الفقر من دون التنمية على جميع الصعد إجتماعي، تربوي، إقتصادي و ثقافي . فذلك يلعب دورا بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب و بالتالي يؤدي إلى محاربة الهدر و الفساد في تلك البلدان و بالتالي وضع إستراتيجيات مطورة لبلاد العالم الثالث.

أتمنى و لو نبدأ في لبنان بتطبيق خطة عمل لتنفيذ ما يؤدي إلى محو الفقر في وطننا الحبيب لأن نسبة الفقر فيه تتعدى الخمسون في المئة حسب آخر الدراسات. فممكن أن نبدأ على صعد عدة إن صناعي، زراعي، تربوي ، صحي و بيئي. لأنهم يكملون بعضهم فخمسة و سبعون في المئة من أهل الريف يعتمدون على القطاع الزراعي في لبنان.

و هنا أريد الذكر أن أكبر نسبة فقر في لبنان هي في محافظة الشمال في لبنان أي تتعدى نسبة 41% في إجمالي السكان و من هنا كان مطلبنا دائما و دوما لإنماء الشمال و تحسين الأوضاع فيه.
فأتمنى لو يأتي يوما و ننتهي من هذه الكارثة التي تؤثر على أصعد عدة في لبنان خاصة و العالم عامة