تحقيقات انفجار بيروت والخطوات المقبلة !!

خلال فترة قريبة وتكون الذكرى السنوية الاولى لانفجار مرفأ بيروت، الذي اوقع 211 شهيدا واصابة نحو 6500 جريح، إثر اشتعال أطنان من مادة نترات الأمونيوم شديدة الاشتعال، وهي جزء من حمولة كانت تقدر بـ2750 طنا، وفق تقديرات رسمية، بعد أن تم تخزينها في العنبر رقم 12، والتي كانت مُصادرة من سفينة رست في مرفأ بيروت ومُخزنة فيها منذ 2014. هذا الانفجار الذي لن يذهب من اذهان اللبنانيين لعقود وسيذكره التاريخ وسيذكر كل مسؤول تحمل المسؤولية خلال فترة تخزينها او اهمل ام كان مسؤولا مباشرا ام غير مباشرا، انه احد جرائم العصر نتيجة الاهمال والاستهتار ويعكس هذا البركان طريقة ادارة البلد منذ عقود حتى اليوم.

التحقيقات

لاول مرة يشعر اللبناني بتحقيق جدي، قاض مستقل، لديه اصرار، غير خائف، خارج اطار المحاصصة والتبعية القضائية في لبنان يعمل على استرجاع ولو الحد الادنى لشفاء غليل اهالي الضحايا، استرداد هيبة السلطة القضائية وضخ الروح من جديد في اجساد الشعب اللبناني في ظل حالة التخبط واليأس الذي يعيشه المواطن اللبناني.

تنقسم تحقيقات القاضي البطل طارق بيطار حتى الان على ثلاثة اجزاء، الجزء الاول الاهمال والتقصير الذي حصل، مما فتح المجال لحصول الانفجار ضمن سيناريوهات مختلفة، الجزء الثاني الاسباب التي ادت الى الانفجار حيث اصبح هناك فرضيتين الاكثر ترجيحا بعد الحصول على التقرير الفرنسي ولكنه ليس النهائي بموضوع عدم حصوله نتيجة ضربة جوية واصبح التركيز على فرضيتين اما عمل امني ميداني او احتمالية التلحيم حيث سيعمد القاضي على اجراء محاكاة للانفجار قريبا، كما استمع لسبعة شهود كانوا داخل المرفأ لحظة حصول الانفجار، والجزء الثالث الى من تعود مادة الامونيوم ومن كان المستفيد منها.

الادعاءات والحصانات

طلب القاضي بيطار للاستماع لافادات قادة امنيين وسياسيين وقضاة حاليين وسابقين جزء منهم متورط بالتقصير الوظيفي اوالاستهتار والجزء الاخر بجرم القتل القصدي اضافة الى براءة جزء منهم، وهذا ما سيحدده القاضي وحده. سار البيطار من ضمن المسار القانوني المتوجب عليه لاستكمال الانتهاء من التحقيقات في الجزء الاول وبدأت معركة رفع الحصانات حيث ستكون قنبلة موقوتة بوجه كل من سيتهرب من افادته فدماء الشهداء والجرحى ما زالت في الميدان وبشكل متوازي المواطن اللبناني يذل على الطرقات واصبحت ادنى حقوقه غير مؤمنة فلديه شحنة من الغضب ولن يرحم في حال لمس ان هناك قاضي شجاع يعمل على جلب الحقيقة والمحاسبة بقدرة قادر.

مازال حتى اليوم بعض من في السلطة يناور للتهرب من رفع الحصانة تحت ذرائع مختلفة، خوفا من تمدد الادعاءات التي ممكن ان تطالهم شخصيا ولحماية المدعى عليهم، ولان كسر هيبة الحصانة ستمضي على كسر هذه الهيبة في ملفات اخرى ايضا مرتبطة بملفات فساد وهدر المال العام وسرقة العصر الموصوفة.

السيناريوهات المقبلة

هناك سيناريوهات متعددة للمرحلة المقبلة تتراوح بين الاكثر سخونة واقلها حماوة، السيناريو الاول وهو الاقل فرصا هو ان يجري التعاون مع القاضي بشكل سلس ويتم وضع المتهمين والمقصرين وراء القضبان ويتم شفاء غليل اهالي المتضررين من الانفجار وكل مواطن لبناني يتمنى بروز الحقيقة ومحاسبة المسؤولين عن تلك الجريمة، السيناريو الثاني ان تنتزع الحصانات بالقوة وان يجري ضغط محلي وخارجي لاستمرار التحقيقات بالشكل المطلوب ولكن ذلك سيدفعنا فاتورة ثانية لانه ان استمرت السلطة بالمناورة والتشبص برأيها ستعلن المواجهة وبالتالي ستستعمل كل الوسائل لادحاض هذا المطلب من جذوره وتفكيك الترابط والوحدة بين اهالي الضحايا، والسيناريو الثالث الذي يمكن ان يكون بالتوازي مع الثاني ان لزم الامر لكل متضرر من التحقيقات في شقوق مختلفة التقصير والمسبب والمنفذ، للاسف ستكون احدى وسائلها اللعب بالامن لاستبدال الاولويات، لارسال رسائل، ولممارسة سياسة الترهيب والترغيب، وطبعا وضع على الطاولة الاجندة الطائفية لمحاولة اعدام القضايا الوطنية.

لبنان الجديد

بعد انكفاء ثورة 17 تشرين الى حد ما، اعاد ما يحيي امال المواطنين وهو العدالة بملف تفجير المرفأ، فهل سيكون هذا الملف قبلة جديدة لاحداث التغيير في لبنان وكسر الانكفاء والاتسعصاء السياسي الحاصل؟ كل تلك السيناريوهات والفرضيات تؤشر بأن لبنان قادم على فترة ساخنة وعلى حرب العدالة، هذه الحرب لن تكون سهلة ولكن من سيفوز؟ من سيستسلم اولا؟ هل سنرى لاول مرة مسؤولين وراء القضبان؟ من المؤكد ان لبنان خلال مرحلة ما بعد السخونة لن يكون كقبله بسبب الظلم الذي تفشى على المواطن اللبناني من كافة النواحي الاقتصادية، المالية، الاجتماعية والامنية، ويعكس هذا الاداء اقوى انفجارات العالم التي هزت العاصمة بيروت، بسبب التقصير والاهمال والفساد واللامبالات المستمر من قبل السلطة السياسية مما سيؤدي الى انفجار اجتماعي وسياسي لن تطفىء نيرانه الا توجه لبنان نحو الجمهورية الثالثة.