مقالات

السياسة الضرائبية في لبنان و نتائجها الإجتماعية و الإقتصادية

إن أزمة لبنان الرئيسية اليوم هي الأزمة الإقتصادية و سياستنا الإقتصادية التي تؤدي إلى أزمة إجتماعية و سياسية . و طبعا هذه الأزمة هي نتيجة السياسات الحكومية المتعاقبة التي ثبتت موضوع التمايز الإجتماعي. و طبعا ليس موضوع الضريبة فحسب و لكن هناك سياسات و مواضيع متعددة ساهمت في ذلك .

القسم الأول: مفهوم الضريبة والمسائل الرئيسية التي يطرحها بشكل عام

 الضريبة بتعريفها العام هي مبلغ معين من المال، يدفعه المكلفون إلى السلطات العامة (الدولة أو السلطة المحلية) بصورة إلزامية ونهائية، دون مقابل مباشر. وذلك من أجل تغطيـة ما يترتب على هذه السلطات القيام به من نفقات عامة(1). والضريبة بهذا المعنى، تطرح العديد من المسائل على بساط البحث، نتوقف بشكل خاص عند ثلاث مجموعـات منها: الأولى تتعلق بوظيفة الضريبة والثانية بالمبادئ أو القواعد التي تقوم عليها والثالثة بكيفية فرض الضريبة.

1 وظيفة الضريبة

          بوصفها المورد المالي الرئيسي للدولة في الأحوال العادية، فقد ارتبطت وظيفة الضريبة بدور الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للبلد المعني. ففي المراحل الأولى للنظام الرأسمالي في البلدان الصناعية وحتى أواخر القرن التاسع عشر عندما كان على الدولـة أن تلتزم الحياد تجاه النشاط الاقتصادي ونتائجه الاجتماعية، أي عندما كان دورها  يقتصر على دور “الشرطي” الذي يقوم بتوفير المناخ اللازم لعمل قوى السوق (العرض والطلب) بحرية تامة وكانت الوظيفة الرئيسية للضريبة أن تقوم بتغطية النفقات المرتبطة بشكل أساسي بتوفير سيادة القانون وتأمين الأمن الداخلي والخارجي (القضاء، الشرطة، الجيش، . . .). ولكن تحت وطأة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي أخذت الأنظمة الاقتصادية الرأسمالية المتقدمة تعاني منها بشكل متزايد، والتي بلغت ذروتها في سنة 1929، أخذت الدولـة، بدورها، تخرج عن حيادها وتتدخل لمكافحة هذه الأزمات في بادئ الأمر، وللحؤول دون قيامها فيما بعد. وهكذا أصبح من ضمن مهام الدولة أن تقوم بمكافحة البطالة والتضخم وإنشاء البنى التحتيـة والمرافق العامة، وتقديم الخدمات الاجتماعية. ليس هذا فحسب بل ذهبت أيضاً إلى العمل على تقليص الفروقات الاجتماعية وتوجيه النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص. وكانت الأداة الرئيسية لتحول الدولة من الدولة “الشرطي” إلى الدولة “العناية” هي الضريبة. فالضريبة بجانبها الكمي أصبحت هذه هي المورد الرئيسي لتغطية النفقات المترتبـة على الدور الجديد والمتعاظم للدولة بما أن الضريبة، بجانبها النوعي، أصبحت أداة رئيسية لتحقيق العدالة الاجتماعية وتوجيه المبادرة الفردية.

2المبادئ الأساسية التي يقوم عليها فرض الضريبة

          يرتبط قيام الضريبة بوظائفها في الدولة الحديثة بعدد من المبادئ التي يجب توفرها وأهمها:

أ- مبدأ قانونية الضريبة:

 لا ضريبة بدون نص قانوني في الدول الحديثة. ويشكل التشريع الضريبي المهمـة الرئيسية الأولى للمجالس التشريعية في الأنظمة الديمقراطية. وقد شكل ظهور نظام الضرائب الدائمة تاريخياً، أحد المصادر الأساسية للمؤسسات الديمقراطية والبرلمانية(2).

ب- مبدأ عدالة الضريبة:

 في المراحل الأولى لتكون الدولـة الحديثة، كان مفهوم العدالة الضريبية يعني المساواة “الحسابية” للمكلفين في تحمل العبء الضريبي، أي تحمل كل منهم نفس النسبـة لهذا العبء. ولكن في ظل دولة “العناية” أصبح مفهوم العدالة يقتضي “شخصنة”  Personnalisationالضريبة، أي الأخذ بعين الاعتبار الأوضاع المختلفة للمكلفين وقدراتهم، لا سيما أوضاعهم العائلية (حجم الأسرة على وجه الخصوص) وحجم ثرواتهم ومستويات دخولهم.

ج- مبدأ مردودية Rendement الضريبة:

خلاصة هذا المبدأ هي أن الضريبة يجب أن تعود على الدولة بأعلى مردود ممكن. ولكي يتحقق ذلك يجب أن تتوفر في الضريبة ثلاثة شروط رئيسية هي: الإنتاجية، الاستقرار، والمرونة.

1 الإنتاجية: الضريبة الأكثر إنتاجية هي التي تعود بأكبر حصيلة صافية على الدولـة، أي الأخذ بعين الاعتبار تكاليف التحصيل. ويتوقف تحقيق هذا الشرط على عدة عوامل أهمها:

شمولية الضريبة L’universalité: أي أن الضريبة يجب أن تؤدى من قبل جميع المكلفين وعلى كامل المادة الخاضعة للضريبة.

الاقتصاد ما أمكن في المصاريف المترتبة على جباية الضريبة.

حتمية دفع الضريبة: أي أن لا يكون بإمكان المكلف التهرب من دفع الضريبة أو الغش في التصريح عنها.

اعتدال معدل الضريبة: أي أن لا تتجاوز الضريبة حدوداً معينة، لأن الإفراط في زيادة معدل الضريبة يؤدي إلى انكماش المادة الخاضعة للضريبة أو ما يسمى بالوعاء الضريبي.

2الاستقرار: تكون الضريبة مستقرة عندما لا تتأثر بتأثر المادة الخاضعة للضريبة بالتقلبات الاقتصادية.

3 المرونة: تكون الضريبة مرنة عندما لا تتقلص المادة الخاضعة للضريبة (أو الوعاء الضريبي) مع زيادة معدل الضريبـة عليها بحيث يلغي هذا التقلص المفاعيل المرتقبة لزيادة معدل الضريبة.

3كيفية فرض الضريبة

          تجري عملية فرض الضريبة عادة على ثلاث مراحل:

– المرحلة الأولى وجري خلالها تعيين ما يسمى “بالوعاء الضريبي” أو “مطرح الضريبة” L’assiette de l’impôt.

– المرحلة الثانية ويجري خلالها تحديد معدل الضريبة.

– المرحلة الثالثة ويجري خلالها تحصيل أو جباية الضريبة.

أ- تعيين وعاء أو مطرح الضريبة:

يجري تعيين مطرح الضريبة من خلال القيام بعمليتين متتاليتين: الأولى وتتمثل باختيار المادة الخاضعة للضريبة la matière imposable، والثانية تتمثل بتقدير دقيق لقيمة أو كمية المادة المذكورة التي هي بحوزة المكلف.

1اختيار المادة الخاضعة للضريبة: في الدولة الحديثة تتكون المادة الخاضعة للضريبة عادة من الأموال (بمعناها الواسع) Biens التي هي بحوزة المكلف والتي تتشكل  من عنصرين رئيسيين: الأموال التي تأتي للمكلف بصورة منتظمة (عادة سنوية) وهي الدخل، والأموال التي تكونت لدى هذا المكلف نتيجة لادخاره جزءاً من دخله، أو التي انتقلت إليه بالوراثة، وهي الثروة أو رأس المال. ويمكن للضريبة أن تطال هذين العنصرين بطرق مختلفة. ويجري عادة التمييز بين طريقتين رئيسيتين: مباشرة وغير مباشرة.

الضرائب المباشرة: وهي التي تطال مباشرة المبلغ نفسه لدخل المكلف أو قيمة ثروته ورأسماله. ويجري التمييز عادة بين فئتين رئيسيتين من الضرائب المباشرة وهي الضريبة على الدخل، والضريبة على الثروة ورأس المال.

 ضريبة الدخل ويمكن أن تفرض على جميع أشكال الدخل ( رواتب وأجور وأرباح وفوائد وريوع، . . . الخ)، كما أنها يمكن أن تطال الأفراد كما الشركات. وتأخذ ضريبة الدخل عامة شكلين رئيسيين: ضريبة نوعية Cédulaire وهي التي تفرض على كل فئة دخل بحسب مصدره بشكل منفصل (أجر، ربح صافي أو تجاري، ريع عقاري، . . . الخ) وضريبة عامة أو مركبة وهي التي تفرض على مجموع الدخول المكلف مهما كان مصدرها.

 الضريبـة على الثروة أو رأس المال: وهي غير منتظمة وتندرج عادة في ثلاث فئات:

          – الضريبة التي تطال انتقال الثروة (ضريبة الإرث).

– الضريبـة التي تطال الزيادات الاستثنائية في الثروة (أرباح البورصة، أرباح الياناصيب، الزيادة في قيمة الملكية Plus values . . . الخ).

– الاقتطاع من مجمل ثروة المواطن. وهذا لا يحصل عادة إلا في ظروف استثنائية، كالمساهمة في إعادة الإعمار بعد حرب مدمرة.

ب- الضرائب غير المباشرة: وهي التي تطال الدخل أو رأس المال عند استعماله أي التي تطال الإنفاق على السلع والخدمات. وتأخذ هذه الضرائب عادة شكلين رئيسيين، فتكون إما ضرائب خاصة تطال هذا الصنف أو ذاك من المنتجات: محروقات، كحول، سيارات، . . . الخ (وهذه الضرائب يمكن بدورها أن تكون ضرائب على المعاملات الداخلية على السلع والخدمات أو ضرائب التجارة الخارجية (رسوم جمركية))، وإما ضرائب عامة موحدة على جميع المنتجات.

والضرائب غير المباشرة العامـة أو الموحدة يمكن أن تأخذ بدورها ثلاثة أشكال رئيسية:

– الضريبـة على مجمل المبيعات في كل مرحلة من مراحل الإنتاج أو البيع (من الإنتاج إلى البيع بالجملة، إلى البيع بنصف الجملـة، إلى البيع بالمفرق). وهذا ما يجعل الضريبة المذكورة تراكمية، فتلقي بعبئها بشكل خاص على المنتجات التي تصل إلى المستهلك من المنتج عبر وسطاء كثر.

– الضريبة التي تطال المنتجات في مرحلة واحدة. إما في بداية السلسلة التجارية (الرسوم على الإنتاج)، أو في نهايتها (الرسوم على الاستهلاك). وفي هذه الحال يكون معدل الضريبة مرتفعاً نسبياً مما يدفع إلى الغش والتهرب منها.

– الضريبة على القيمة المضافة وهي إلى الآن أفضل الأشكال المعتمدة للضريبة العامة غير المباشرة، لأنها تطال المنتجات في كل مرحلة من السلسلة التجارية كما في الشكل الأول. إلا أنها لا تطال سوى الفرق بين قيمتها عند بيعها في آخر مرحلة معينة، وقيمتها أو قيمة المنتجات الوسيطة الداخلة في إنتاجها، في بداية المرحلة نفسها.

2 تقدير قيمة أو كمية المادة الخاضعة للضريبة:

على أساس قيمة أو كمية المادة الخاضعة للضريبة، يتحدد مبلغ الضريبة الواجب دفعها من قبل المكلف. وهذه العملية هي الأصعب في تقنيات فرض الضريبة. لأن المكلف يحاول عادة وبشتى الطرق إخفاء الحجم الفعلي لدخله أو لثروته. وهناك طريقتان رئيسيتان للتقدير: مباشرة وغير مباشرة.

   الطريقة المباشرة في التقدير: وتعتمد هذه الطريقة على إجبار الإدارة الضريبية من يعرف قيمة أو كمية المادة الخاضعة للضريبة أن يصرح عنها. وعلى هذا الأساس يمكن أن يأتي التصريح من قبل المكلف نفسـه.وعندها ترتبط دقة التقدير بمدى صدق المكلف. وأو أن يأتي التصريح من قبل طرف ثالث، يكون في موقع العارف لقيمة أو كمية المادة، كتصريح رب العمال عن أجور مستخدميه وتصريح المستأجر عن الإيجار الذي يدفعـه للمؤجر . . . الخ، وفي هذه الحال يصعب التهرب والغش.

  الطريقة غير المباشرة في التقدير: وتعتمد هذه الطريقة مؤشرات معينة لتقدير قيمة أو كمية المادة الخاضعة للضريبة، كأن يجري تقدير دخل المكلف بالاستناد إلى القيمة التأجيريـة لسكنه. أو بالاستناد إلى بعض مظاهر أو علامات الثروة الخارجية: امتلاك منزل أو سيارة . . . الخ. وفي هذه الحال يأتي التقدير بصورة تقريبية.

   ب- تحديد معدل الضريبة:

   يجري تحديد معدل الضريبة من قبل المشترع على أساس اقتطاع نسبة معينة من المادة الخاضعة للضريبة بصرف النظر عن قيمة أو كمية هذه المادة التي هي بحوزة المكلفين. وبهذا الخصوص يجب أن يراعى في عملية تحديد معدل الضريبـة إلى جانب مبدأ اعتدال الضريبة، “الطاقة التكليفية”. أي النسبة التي يمكن اقتطاعها من دخول الأفراد وثرواتهم دون إلحاق الضرر بهم. وهذه المسألة تتعلق بدورها بمستوى الدخل وكلفـة المعيشة في البلد المعني، وبكيفية توزيع الدخل القومي على مختلف الفئات بشكل عام. لذلك نلاحظ أن الأنظمة الضريبيـة الحديثة تلجأ إلى شخصنة الضريبة على نطاق واسع أي كما سبق وذكرنا، للأخذ بعين الاعتبـار عند تحديد معدل الضريبة الوضع الشخصي للمكلف وبشكل خاص وضعه العائلي ومستوى دخله. فتعتمد التصاعديـة في تحديد معدل الضريبة على الدخل. والتصاعدية في هذا المجال يمكن أن تأخذ أحد شكلين: الشكل الأول وهو التصاعديـة الكلية أو الإجمالية بحيث يطبق على دخل المكلف معدل وحيد للضريبة يرتفع مع ارتفاع حجم هذا الدخل. والشكل الثاني الأكثر شخصنـة، وهو التصاعدية حسب الشطور. حيث يجزأ دخل المكلف إلى شطور. فتطبق على الشطور العليا معدلات ضريبة أعلى من المعدلات التي تطبق على الشطور الدنيا. وفي أغلب الأحيان تعفى الدخول أو الشطور التي لا تتجاوز الحد الأدنى للأجور، من الضريبة بشكل كامل. والتصاعدية يمكن تطبيقها أيضاً على ضريبة الإنفاق، فتفرض معدلات مختلفة على المنتجات حسب ضرورتها. فيكون معدل الضريبة على المنتجات الكمالية مثلاً أعلى من معدلات الضريبة على المواد الغذائية الأساسية.

          كما أن الأنظمة الضريبية الحديثة تلجأ من ناحية ثانية إلى التمييز في فرض الضريبة لاعتبارات اجتماعية أخرى غير مراعاة مستوى الدخل والوضع العائلي، كاعتبار العدالة في توزيع الدخل. فيكون معدل الضريبة على دخول الرساميل مثلاً أعلى منه على دخول العمل. كذلك تتدخل الاعتبارات الاقتصادية، فيقتضي تشجيع الاستثمار في قطاعات ومناطق محددة، تخفيض معدلات الضريبة على الرساميل المخصصة لهذا النوع من الاستثمار أو إعفاءها كلياً من الضريبة.

  ج- جباية الضريبة:

  وهي العملية التي يتم بموجبها انتقال المبلغ المتوجب على المكلف إلى خزينة الدولة. وهنا يجب التركيز بشكل خاص على سبل مكافحة الغش والتهرب من الضريبة وهذا الأمر يرتبط بالدرجة الأولى بأوضاع الإدارة الضريبية خصوصاً لناحية كفاءة وتجرد ونزاهة عناصرها البشرية ودرجة تطور النظم المحاسبية التي تعتمدها والتجهيزات المادية التي تستخدمها.

القسم الثاني: الأنظمة الضريبية

مما تقدم ذكره عن الضريبة بمختلف جوانبها، نستطيع أن نلاحظ بأن هنالك العديد من العناصر التي تدخل في تحديد طبيعة النظام الضريبي في بلد من البلدان. إلا أن هنالك عنصران اثنان رئيسيان يعتمدان عادة في عملية تصنيف الأنظمة الضريبية السائدة في العالم: عنصر كمي ويتمثل بالحجم النسبي للاقتطاع الضريبي أو ما يسمى بالضغط أو العبء الضريبي Pression fiscale، وعنصر آخر نوعي ويتمثل بشكل الضريبـة الأكثر اعتماداً. وبهذا المعنى يكون النظام الضريبي لبلد ما على علاقة وثيقة بالبنى الاقتصادية الاجتماعية السائدة في هذا البلد، أي بالنظام الاقتصادي الاجتماعي السائد فيه من جهة، ودرجة تطور هذا الأخير من جهة ثانية. وعلى هذا الأساس نلاحظ أن هنالك تمايزاً شديد الوضوح بين الأنظمة الضريبية السائدة في البلدان الصناعية المتقدمـة من جهة، والأنظمة الضريبية السائدة في البلدان النامية من جهة ثانية (هذا إذا وضعنا البلدان الاشتراكية جانباً).

1-    الأنظمة الضريبية حسب الحجم النسبي للاقتطاع الضريبي

هنالك مؤشران يعتمدان عادة في قياس الاقتطاع الضريبي: المؤشر الأول وهو عبارة عن نسبة الإيرادات الضريبية إلى الناتج المحلي والمؤشر الثاني هو عبارة عن نسبة الإيرادات الضريبية إلى مجموع الإيرادات العامة للدولة. وعلى أساس هذين المؤشرين تندرج الأنظمة الاقتصادية في مجموعتين: مجموعة تتميز بضغط ضريبي مرتفع حيث تشكل الإيرادات الضريبية القسم الأعظم من الإيرادات العامة ونسبة مرتفعة من الناتج المحلي أو القومي القائم وهي الأنظمة الضريبية السائدة في البلدان الصناعية المتقدمـة. أما المجموعة الثانية فتتميز بضغط ضريبي منخفض، حيث تشكل الإيرادات الضريبية، مقارنة بالمجموعة الأولى، نسبة قليلة من الإيرادات العامة ومن الناتج المحلي القائم. وهذه هي الأنظمة السائدة في البلدان النامية.

وهكذا نلاحظ أن نسبة الإيرادات الضريبية إلى مجموع الإيرادات العامة العادية، قد بلغت في عام 1985 وكمتوسط، نحو 92 بالمائة في البلدان الصناعية ونحو 85 بالمائة في البلدان النامية ذات الدخل المتوسط و 79 بالمائة في البلدان النامية ذات الدخل المنخفض (3). أما نسبـة الإيرادات الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي قد بلغت في العام نفسه وكمتوسط نحو 30 بالمائة في البلدان الصناعية ونحو 20 بالمائة في البلدان النامية ذات الدخل المتوسط ونحو 15 بالمائة في البلدان النامية ذات الدخل المنخفض وعلى صعيد بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو 23 بالمائة (4) ويظهر من هذه الأرقام بشكل واضح أن الاقتطاع الضريبي يرتفع مع ارتفاع مستوى الدخل القومي.

2 الأنظمة الضريبية حسب شكل الضريبة المسيطر

          بهذا الخصوص، يمكن تصنيف الأنظمة الضريبية السائدة في العالم بالاستناد إلى ثلاثة أسس:

أ- تصنيف الأنظمة الضريبية على أساس سيطرة الضرائب المباشرة أو الضرائب غير المباشرة:

          على هذا الأساس نجد أن الأنظمة الضريبية تندرج عموماً في مجموعتين رئيسيتين أيضاً: مجموعة الأنظمة التي تهيمن فيها الضرائب المباشرة ومجموعة الأنظمة التي تهيمن فيها الضرائب غير المباشرة.

*الأنظمة الضريبية التي تسيطر فيها الضرائب المباشرة:

 وهي الأنظمة السائدة في البلدان الصناعية المتقدمة، حيث نجد أن الإيرادات من الضرائب المباشرة تشكل الجزء الأكبر من الإيرادات الضريبية. فالضرائب المباشرة بما فيها الاقتطاعات لصالـح الضمان الاجتماعي تشكل كمتوسط عام نحو 69 بالمائة من مجموع الضرائب في البلدان الصناعية. وتشكل الضرائب على الدخل في هذه البلدان نحو نصف الضرائب المباشرة (34 بالمائة من مجموع الإيرادات الضريبية) هذا في حين أن الضرائب غير المباشرة لا تشكل في البلدان المذكورة سوى نحو 29 بالمائة (الجدول رقم1).

* الأنظمة الضريبية التي تسيطر فيها الضرائب غير المباشرة:

  وهي الأنظمة الضريبية السائدة في البلدان النامية. فكما يبين الجدول رقم -1- نلاحظ أن الضرائب غير المباشرة تشكل أكثر من نصف الإيرادات الضريبية في البلدان النامية ذات الدخل المتوسط مقابل 49 بالمائة للضرائب المباشرة. وتبلغ حصة الضرائب على الدخل من هذه الأخيرة نحو 34 بالمائة. أما في البلدان النامية ذات الدخل المنخفض فإن نسبة الضرائب غير المباشرة تتجاوز ثلثي الإيرادات الضريبية.

ب- تصنيف الأنظمة الضريبية على أساس اعتماد الضرائب العامة الشاملة أو الضرائب النوعية الخاصة:

تعتمد البلدان الصناعيـة المتقدمة، فيما يتعلق بضريبة الدخل على الأفراد والتي تبلغ حصتها نحو 27 بالمائة من الإيرادات الضريبية بشكل رئيسي، على الطريقـة الشاملة في فرض هذا النوع من الضرائب. أي أن الضريبـة المذكورة تحسب على أساس مجموع دخول المكلف بمختلف مصادرها. كما أن الضريبـة التي تطال الإنفاق الداخلي على السلع والخدمات، تتشكل بأكثرها من ضرائب عامة مدمجة (ضرائب على المبيعات أو على القيمة المضافة). فهذا النوع من الضريبة يأتي بنحو 17 بالمائة من مجموع الإيرادات الضريبية مقابل 10 بالمائة للضرائب النوعية على المنتجات. أما في البلدان النامية فبالرغم من الاتجاه نحو زيادة الاعتماد على الضرائب العامة المدمجـة، لا تزال الضرائب النوعية الخاصة هي الغالبة في مجموع الضرائب الداخليـة على السلع والخدمات (الجدول رقم -1-). أما ضريبة الدخل على الأفراد في هذه البلدان، والتي لا تتجاوز نسبة 9 بالمائة من مجموع الإيرادات الضريبية، فهي عبارة عن ضريبـة تطال مصادر دخل المكلف كل على حده. هذا في حين أن الضرائب على الشركات تتراوح نسبتها ما بين 15 أو 18 بالمائة  من مجموع الإيرادات الضريبية (الجدول رقم -1-).

ج- تصنيف الأنظمة الضريبية على أساس اعتماد الضرائب الداخلية أو الضرائب على التجارة الخارجية:

يبين الجدول رقم -1- أن الأنظمة الضريبية في البلدان النامية تعتمد كثيراً على الضرائب على التجارة الخارجية (الرسوم الجمركية). فهذه الأخيرة تشكل أكثر من خمس الإيرادات الضريبيـة في البلدان ذات الدخل المتوسط ونحو 38 بالمائة من الإيرادات الضريبيـة في البلدان ذات الدخل المنخفض. في حين أن نسبة الضرائب على التجارة الخارجية لا تتجاوز 2 بالمائة في البلدان الصناعية المتقدمة.

د- تصنيف الأنظمة الضريبية على أساس درجة تصاعدية الضريبة:

 يجري في بعض الأحيان تصنيف الأنظمة الضريبية على أساس درجة تصاعدية الضريبة:

وبهذا الخصوص نلاحظ أن الضريبة على الدخل بشكل عام هي أكثر تصاعدية في البلدان الصناعية منها في البلدان النامية. ففي هذه الأخيرة نادراً ما يتجاوز معدل الضريبة على الشطر الأعلى من الخل 70 بالمائة في حين أنه يتجاوز في معظم البلدان الصناعية نسبة 90 بالمائة (5).

3خصائص الأنظمة الضريبية في البلدان الصناعية المتقدمة والبلدان النامية

مما تقدم ذكره عن تصنيف الأنظمة الضريبية السائدة في العالم، نستطيع أن نستخلص الخصائص الرئيسية للأنظمة الضريبية في كل من مجموعتي البلدان الصناعية والبلدان النامية، على الوجه التالي:

أ- الخصائص الرئيسية للأنظمة الضريبية في البلدان الصناعية:

  أولاً: يعكس ارتفاع نسبة الاقتطاع الضريبي في البلدان الصناعية ارتفاع مستوى الدخل في هذه البلدان من جهة، ومن جهة ثانية مدى تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وخصوصاً الدور الفائق الأهمية الذي تلعبه السلطات العامة في السهر على رفاه مواطنيها. كما يعكس هذا الارتفاع كفاءة الإدارة وقدرتها الفنية المحاسبيـة والرقابية على تأمين مردود ضريبي عالي وخفض هامش الغش والتهرب من الضريبة.

  ثانياً: إن ارتفاع نسبة الضرائب المباشرة في مجموع الإيرادات الضريبية مقارنة بنسبة الضرائب غير المباشرة، وتطبيق معدلات الضريبة على مجموع دخل المكلف من مختلف المصادر والتركيز على شخصنة الضريبة على دخل الأفراد والقدر الكبير من التصاعدية في الضريبة على الدخول بشكل عام، كل ذلك يعكس هم البلدان الصناعية المتقدمة في تحقيق مبدأ العدالة الحقيقية واعتمادها النظام الضريبي كأداة رئيسية للحد من التفاوت في توزيع الدخل القومي على مختلف فئات المواطنين.

  ثالثاً: يعكس اعتماد البلدان الصناعية للضريبة العامة المدمجة على الدخل وعلى الإنفاق والابتعاد قدر الإمكان عن فرض الضرائب الخاصة والنوعية، كفاءة الإدارة الضريبيـة في هذه البلدان وتطور أجهزة المراقبة والتأكد والتدقيق لديها. كما تعكس في الوقت نفسه تطور التجهيزات التقنية والآلية والنظم المحاسبية التي يستعين بها كل من هذه الإدارة والمكلف.

ب- الخصائص الرئيسية للأنظمة الضرائبية في البلدان النامية:

  أولاً: يعكس انخفاض نسبة الاقتطاع الضريبي في البلدان النامية انخفاض مستوى المعيشة في هذه البلدان من جهة، ويعكس من جهة ثانية اعتمادها الكبير نسبياً على الإيرادات غير الضريبية من قروض خارجية وخلق من نقوض من أجل تغطية النفقات العامة مع ما يحمله هذا من ضغوط تضخيمية مستمرة. كما أنه يعكس ضعف الإدارة الضريبية وعدم كفاءتها في محاربة الغش والتهرب من دفع الضريبة بالإضافة إلى ضيق قاعدة المكلفين.

  ثانياً: إن ارتفاع نسبة الضرائب غير المباشرة في مجموع الإيرادات  الضريبية والانخفاض الملحوظ لنسبة الضرائب المباشرة لا سيما ضريبة الدخل، والاعتماد بشكل عام على الضرائب الخاصة والنوعيـة، كل ذلك يعكس جانب عدم العدالة في الأنظمة الضريبية المعتمدة في هذه البلدان ودور هذه الأنظمة الهامشي في الحد من التعاون الكبير في توزيع الدخل القومي على الفئات الاجتماعية في البلدان المذكورة. ذلك أن الضرائب غير المباشرة تطال جميع المواطنين بصرف النظر عن مستويات دخولهم وبذلك فهي تلقي بعبئها بشكل خاص على ذوي الدخل المحدود والفقراء.

  ثالثاً: إن ضعف الإدارة الضريبية بسبب محدودية مواردها البشرية والمادية وعدم كفاءتها من جهة، وتفتيش الطبقات الغنية بالتعاون مع السلطات الحاكمة عن مصالحها الخاصة الآنية من جهة ثانية، بالإضافة إلى عدم توفر المعارف المحاسبية عند المكلفين، كل ذلك يجعل هذه البلدان تستهل فرض الضرائب الخاصة والنوعية غير المباشرة لا سيما الضرائب على التجارة الخارجية، كما يجعل في الوقت نفسه تصاعدية الضريبة على الدخل حبراً على ورق.

  رابعاً: إن الاعتماد الكبير للبلدان الناميـة على الرسوم الجمركية يعود، بالإضافة إلى الأسباب التي سبق ذكرها، إلى عناصر اقتصاديـة بنيوية، منها أن كثيراً من هذه البلدان يعتمد على تصدير عدد محدود من المواد الأولية كمصدر أساسي للدخل وأن قسماً لا يستهـان به من النشاط الاقتصادي المحلي يدخل قي إطار ما يسمى بقطاع الإنتاج غير المنظم أي أنه يبقى بمنأى عن مراقبة الدولة. أضف إلى ذلك كله كون الرسوم الجمركية هي الأداة المفضلة عند البلدان المعنية لحماية إنتاجها الوطني بشكل عام وإنتاجها الصناعي بشكل خاص.

القسم الثالث: النظام الضريبي في لبنان

بالرغم من التعديلات الكثيرة التي أدخلت على النصوص القانونية المتعلقة بالضريبة والتغيير الواضح في تركيب الإيرادات العامـة الذي حدث خلال مرحلة الحرب واستمر حتى الآن، لناحية الاعتماد المتزايد على الإيرادات غير الضريبية، يمكننا القول إن الخصائص الرئيسية للنظام الضريبي في لبنان، بقيت من الناحية العملية، كما هي تقريباً، وذلك طوال ما يقارب الخمسة عقود من الزمن. ذلك أن النظام الضريبي المذكور بقي يتميز، لناحية العبء أو الضغط الضريبي، بانخفاض ملحوظ لنسبة الإيرادات الضريبيـة إلى الناتج المحلي الإجمالي، ولناحية تركيب الإيرادات الضريبية، بغلبة كبيرة للضرائب غير المباشرة، والوزن الراجح داخل هذه الخيرة لرسوم الجمركية، مقابل انخفاض واضح لنسبة الضرائب المباشرة بشكل عام والضرائب على الدخل بشكل خاص. هذا إلى جانب الاعتماد الحصري للضرائب النوعية أو الخاصة فيما يتعلق بضرائب الدخل والإنفاق على حد سواء.

هذه الخصائص، كما أصبح معلوماً، هي الخصائص الرئيسية للأنظمة الضريبية في البلدان النامية وتحديداً في مجموعة البلدان النامية ذات الدخل المنخفض. ولكننا نعلم من ناحية ثانية أن الاقتصاد اللبناني قد حقق خلال الحقبة التي سبقت الحرب الأهلية معدلات نمو مرتفعة نسبياً، بحيث كان لبنان يأتي في عداد البلدان النامية ذات الدخل الأكثر ارتفاعاً. وعليـه يجب التفتيش عن سبب أو أسباب أخرى، تفسر استمرار النظام الضريبي في لبنان على حالـه تقريباً طوال هذه المدة الزمنية. وبرأينا أن هذا الاستمرار يعود – إلى جانب كون لبنان بلداً نامياً واستمرار تردي أوضاع الإدارة العامـة فيه، بما فيها الإدارة الضريبية – إلى طبيعة نظامه الاقتصادي الاجتماعي الذي كان ولا يزال مفرطاً في ليبراليته. وإذا كنا سنتناول النظام الضريبي في لبنان في مرحلة ما قبل الحرب وخلالها، بشيء من التفصيل، فليس فقط بهدف إظهار هذه الاستمرارية، وإنما أيضاً، لا بل خصوصاً، بهدف تسليط المزيد من الأضواء على الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية الفعلية للنظام الضريبي في لبنان في حالته الحاضرة.

1 النظام الضريبي في لبنان قبل الحرب الأهلية

أ- خصائص النظام الضريبي في لبنان قبل الحرب الأهلية:

  1.  مستوى الاقتطاع الضريبي: في عقد الستينات، شكلت الإيرادات الضريبية كمتوسط نحو 80.5 بالمائة من مجموع الإيرادات العادية للموازنة العامـة ونحو 11 بالمائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي. وفي عام 1974 انخفضت النسبة الأولى إلى 73.5 بالمائة وارتفعت النسبة الثانيـة إلى 11.5 بالمائة فقط (الجدول رقم 2)، هذا مع العلم أن هذه النسبة الأخيرة كانت في الفترة نفسها نحو 18 بالمائة في البلدان النامية ذات الدخل المتوسط ونحو 13 بالمائة في البلدان النامية ذات الدخل المنخفض. أما في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فكانت نحو 20.5 بالمائة(6).

  .2  تركيب الإيرادات الضريبيـة: في عقد الستينات، شكلت الإيرادات من الضرائب غير المباشرة كمتوسط عام نحو 62.2 بالمائة من مجموع الإيرادات الضريبيـة، مقابل 37.8 بالمائة للإيرادات من الضرائب المباشرة. وفي العام 1974 ارتفعت النسبة الأولى إلى نحو 77.4 بالمائة وانخفضت النسبة الثانية إلى نحو 22.6 بالمائة (الجدول رقم -2-). هذا مع العلم أن النسبتين المذكورتين كانتا في أواسط السبعينات، وتباعاً، 51 بالمائة و49 بالمائة في البلدان النامية ذات الدخل المتوسط، و66 بالمائة و34 بالمائة في البلدان النامية ذات الدخل المنخفض في حين كانتا 33 بالمائة و66 بالمائة في البلدان الصناعية (الجدول رقم –1).

  3.  تركيب الإيرادات من الضرائب غيـر المباشرة: في عقد الستينات شكلت الرسوم الجمركيـة في لبنان كمتوسط عام نحو 40 بالمائة من الإيرادات الضريبيـة، مقابل نحو 22.2 بالمائة للإيرادات من الضرائب غير المباشرة الأخرى التي كانت تأتي بمعظمهـا من الرسوم على المحروقات (بنزين، مازوت، . . .) والرسوم على رخص البناء ورسوم التسجيل. وفي أواسط السبعينات ارتفعت النسبة العائدة إلى الرسوم الجمركيـة إلى نحو 51 بالمائة من مجموع الإيرادات الضريبة كما ارتفعت النسبة العائدة للضرائب غير المباشرة الأخرى إلى نحو 27.4 بالمائة (الجدول رقم -2-) هذا مع العلم أن نسبة الرسوم الجمركية من مجموع الإيرادات الضريبية لم تتجاوز في الفترة الأخيرة نفسها 20 بالمائة في البلدان النامية ذات الدخل المتوسط و25 بالمائة في البلدان الناميـة ذات الدخل المنخفض، و4 بالمائة فقط في البلدان الصناعية المتقدمة (الجدول رقم-1(.

  4.  تركيب الإيرادات من الضرائب المباشرة: في عقد الستينات شكلت الضريبة على الدخل كمتوسط عام نحو 13 بالمائة فقط من الإيرادات الضريبية (ونحو 10.5 بالمائة من مجمـوع الإيرادات العادية للموازنة) مقابل نحو 25 بالمائة للإيرادات من الضرائب المباشرة الأخرى والتي تأتي بمعظمها من الضرائب على العقارات وانتقال الملكيـة والرسوم على السيارات والطوابع. وارتفعت نسبة ضريبة الدخل في أواسط السبعينات إلى 15 بالمائة فقط من مجموع الإيرادات الضريبيـة في حين انخفضت نسبة الضرائب المباشرة الأخرى إلى 7.6 بالمائة من مجموع الإيرادات الضريبية (الجدول رقم -2-). هذا مع العلم أن نسبة الضرائب على الدخل كانت في الفترة الأخيرة نفسها 30 بالمائة في البلدان النامية ذات الدخل المتوسط و29 بالمائة في البلدان الناميـة ذات الدخل المنخفض و34 بالمائة في البلدان الصناعية المتقدمة (الجدول رقم –1(.

ب- الأبعاد الاقتصادية الاجتماعية للنظام الضريبي في لبنان قبل الحرب:

مما تقدم من كلام عن النظام الضريبي في لبنان، يظهر بشكل واضح أن الخصائص الرئيسية لهذا النظام، لناحية الانخفاض الملحوظ في نسبة الاقتطاع الضريبي وعدم عدالته، ليست هي فقط الخصائص الرئيسية للنظام الضريبي في البلدان النامية وإنما هي خصائص الأنظمة الضريبية للبلدان ذات الدخل المنخفض منها. لكننا، نلاحظ من جهة ثانيـة، أن لبنان لا ينتمي إلى هذه المجموعة من البلدان لا من ناحية مستوى الدخل الفردي فيـه ولا من ناحية الاعتماد على الإيرادات الاستثنائية لتمويل النفقات العامة ولا من ناحية هيكله الإنتاجي. وإذا كان هنالك من تفسير لهذه المفارقة يعود، كما سبق ولحظنا، إلى طبيعة النظام الاقتصادي الاجتماعي اللبناني الذي كان مفرطاً في ليبراليته، وتحديداً إلى الدور الضعيف الذي كانت تلعبه الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية لهذا البلد.

 1.  دور الدولة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي في لبنان قبل الحرب: حتى أواسط السبعينات بقي لبنان خارج اتجاه اقتصادات السوق (بشقيها الصناعية المتقدمـة والنامية) نحو المزيد من تدخل الدولة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي وما استتبعه من ارتفاع مستمر في الإنفاق العام على الشؤون الاقتصادية والاجتماعية. فحتى بداية الستينات اكتفت الدولة في لبنان بلعب دور “الشرطي” الذي تنحصر مهمته بتأمين الأمن وحماية حرية عمل المبادرة الخاصة، بالإضافـة إلى بعض الإجراءات التي تستجيب لحاجة ومصلحة القطاع الخاص، ولا يستطيع هذا الأخير القيام بها بنفسه (الحد الأدنى من البنى التحتية الضروري لنشاط القطاع الخاص). بعبارة أخرى لم يكن للدولة في لبنان من سياسة محددة لا في المجال الاقتصادي ولا في المجال الاجتماعي. حتى أنه لم يكن لديها الحد الأدنى من الوسائل والأدوات التي تتيح لها وضع مثل هذه السياسة. وهكذا بقيت أهمية القطاع العام محدودة جداً. فإلى جانب إدارات الدولة العادية، اقتصر هذا القطاع على عدد من مؤسسات الخدمات والمرافق العامة (كهرباء، مياه، مرافئ). أما بخصوص الدور الاقتصادي والاجتماعي للموازنـة، فنلاحظ أن حجمها قد تراوح ما بين 8 و12 بالمائة من الناتج الإجمالي وبقيت في طابعها الغالب موازنة تصريف أعمال الإدارة العادية، فالنفقات الجارية بلغت نسبتها كمتوسط نحو 85 بالمائة من مجموع النفقات. ونلاحظ من ناحيـة ثانية أن الاعتمادات المخصصة لنفقات السيادة (وزارات الدفاع والداخليـة والخارجية ورئاسة الجمهورية . . . الخ) كانت تستحوذ كمتوسط سنوي على 60 بالمائة من مجموع الاعتمادات. أما الأبواب ذات الطابع الاقتصادي الغالب (الاعتمادات المخصصة لوزارتي الاقتصاد والزراعة تحديداً) فلم تتجاوز نسبتها 4.5 بالمائة، هذا في حين أن الاعتمادات المخصصة للبنى التحتية (وزارات الأشغال العامة والبريد والبرق والهاتف) شكلت نحو 17.5 بالمائة من مجموع الاعتمادات. أما نصيب النفقات الاجتماعية (وتحديداً اعتمادات وزارات التربيـة والصحة والشؤون الاجتماعية) فكان نحو 18 بالمائة من الاعتمادات (وزارة التربية بمفردها 13 بالمائة).

ومع مجيء الرئيس شهاب إلى الحكم في أواخر الخمسينات بدأت أول محاولة جديـة لإحداث تحول في موقع الدولة ودورها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في لبنان، وذلك في ضوء ما أسفرت عنه الدراسة التي قامت بها بعثة ارفد من نتائج أظهرت التفاوتات الاقتصادية الاجتماعية الكبيرة إن كان بين الفئات الاجتماعية أو بين المناطـق. ولكن بالرغم من الإنجازات اللافتة التي تحققت في النصف الأول من الستينات على صعيد إقامة الأطر المؤسسية اللازمة لإطلاق عملية التنمية الاقتصادية الاجتماعية الشاملة (كاستحداث العديد من المؤسسات والمصالح المستقلـة)، فإن الدولة لم تنجح بعد ترك الرئيس شهاب للسلطة في وضع هذه الأطر في خدمة خطط وسياسات تنموية متكاملة تجد طريقها إلى التنفيذ. فباستثناء بعض التوسع في تنفيذ مشاريع البنى التحتية والخدمات الأساسية، نلاحظ أنه لم يلحق بدور الدولة وموقعها الاقتصادي الاجتماعي أيتحول جوهري. وعلى سبيل المثال بقي حجم الإنفاق العام في أواخر الستينات لا يتجاوز نسبـة 13 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، والتعليم الرسمي لا يشمل سوى 45 بالمائة من عدد التلاميذ (هذا مع العلم أن نسبة الأولاد خارج المدارس من فئة الأعمار 6 – 14 سنـة كانت تصل إلى نحو 12.5 بالمائة). وفي المجال الصحي كانت أسرة المستشفيات الحكوميـة لا تتجاوز 12 بالمائة من مجموع أسرة المستشفيات في لبنان. أما مؤسسة الضمان الاجتماعي فكانت في بداية عملها الفعلي (7).

  2النتائج الاقتصادية والاجتماعية لليبرالية اللبنانية قبل الحرب: لقد استطاع الاقتصاد اللبناني، وبفضل عوامل خارجية لا مجال لتناولها الآن، أن يحقق على امتداد ربع قرن (1950 -1974) معدلات نمو مرتفعة نسبياً (بلغت كمتوسط وبالأسعار الحقيقية نحو 5 بالمائة سنوياً) مصحوبة بتوازنات مالية ونقدية، داخلية وخارجية، لافتة. لكن الليبرالية اللبنانية المفرطة حالت دون إدراج حركة النمو الاقتصادي السريع في إضفاء سياسة رسمية مالية اقتصادية اجتماعية متكاملة يكون، كما آلت الأمور في الاقتصادات الحديثـة، للدولة فيها وعبر النظام الضريبي بشكل خاص، دور رئيسي، خصوصاً لناحية معالجة الاختلالات التي تنجم عن إطلاق العنـان لقوى السوق الحرة. وهكذا أصبحت سلسلة التفاوتات البنيوية التي كان يشكو منها لبنان في أواخر الخمسينات (التفاوتات في توزيع الدخل الوطني والخدمات الاجتماعية على مختلف قطاعات الإنتاج والمناطق والفئات)، أصبحت أكثر خطورة في بدايـة السبعينات. فقطاع الخدمات وصلت نسبته من الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من 70 بالمائة ونسبة الـ4 بالمائة من اللبنانيين الذين كانوا في بداية الستينات يستحوذون على ثلث الدخل الوطني، أصبحت 2.5 بالمائة. كذلك زادت درجة تركيز النشاط الاقتصادي في بيروت وضواحيها. فأصبح هذا المحيط الجغرافي الضيق يستقطب ما لا يقل عن 70 بالمائة من النشاط الاقتصادي. أما على صعيد الخدمات فقد استقطبت بيروت وضواحيها نحو 80 بالمائة من المدارس الخاصة وجميع مؤسسات التعليم العالي و77 بالمائة من أسرة المستشفيات و80 بالمائة من عدد الأطباء. وبالرغم من دفق الهجرة الكثيف نحو الخارج، فإن معدل البطالـة تجاوز 8 بالمائة من مجموع القوى العاملة. هذا كله جعل النصف الأول من السبعينات يتميز بمناخ اجتماعي شديد التوتر بفعل تصاعد الحركة المطلبية التي شملت فئات اجتماعية كثيرة: طلاب، عمال، مزارعون، سكان مناطق محرومـة،  . . . الخ. فلا عجب أن تنفجر الحرب في ظل هكذا مناخ.

  2.  النظام الضريبي في فترة الحرب

  باعتبار أن ظروف الحرب هي ظروف استثنائية على جميع الصعد، فإننا، فيما يتعلق بالنظام الضريبي، سوف لا نتوقف إلا عند أهم التغيرات التي أحدثتها الحرب على هذا الصعيد، والتي كان لهـا تأثير كبير على المرحلة التي تلتها. وعليه، نلاحظ أن نسبـة الإنفاق العام إلى الناتج المحلي الإجمالي استمرت بالارتفاع خلال سنوات الحرب من نحو 15 بالمائة في 1974 إلى نحو 36 بالمائة في 1980 إلى نحو 40 بالمائة في 1989(8). ويعود ذلك، من جهة، إلى التدهور الذي حصل في الناتج المحلي الإجمالي، ومن جهة ثانية، إلى بقاء النفقات العامة على مستوى مرتفع نسبياً، بسبب زيادة الاستخدام في الإدارة العامة ودعم أسعار عدد من السلع الأساسية المستوردة. لكن الإيرادات العامة العادية، وعلى الخصوص الإيرادات الضريبية، وعلى الأخص الإيرادات من الضرائب غيـر المباشرة، استمرت بالانخفاض وذلك بسبب عوامل كثيرة أهمها تدهور الناتج المحلي وما نتج عن قيام الميليشيات وقوى الأمر الواقع بتجريد الدولة من معظم سلطاتها السياسية والأمنية والعسكرية والإدارية، من استيلاء على جزء كبير من الإيرادات العامـة، بوضع اليد على معظم المرافئ والمرافق العامة والتقليل من قدرتها على تحصيل الجزء الباقي. أضف لجوء الدولة نفسها، عندما أخذ سعر صرف الليرة يتدهور بسرعة، إلى احتساب الرسوم الجمركية على أساس سعر صرف ثابت للدولار تجاه الليرة. وهكذا فإن الإيرادات العادية، التي كانت في عام 1974 تفيض عن النفقات، أصبحت لا تغطي سوى 17 بالمائة من هذه الأخيرة في عام 1980 وفقط 9 بالمائة في عام 1989. والباقي أصبحت تغطيه الواردات الاستثنائية (إصدار النقود والاكتتاب في سندات الخزينـة) (9). أما الإيرادات الضريبيـة نفسها التي كانت في عام 1974 تشكل نحو 74 بالمائة من مجموع الإيرادات العادية، أصبحت تشكل نحو 68.5 بالمائة من هذه الإيرادات في 1980 ونحو 27.5 بالمائة في عام 1985 ونحو 17.8 بالمائة فقط في عام 1989. أي أن نسبة الإيرادات غير الضريبية في هذا العام الأخير تكون قد بلغت نحو 82.2 بالمائة من الإيرادات العادية. هذا مع العلم أن الجزء الأعظم من الإيرادات غير الضريبية كان يأتي من الأرباح التي يحققها البنك المركزي على أسعار القطع. وعلى كل يجب أن نلاحظ أن الإيرادات الضريبية لم تعد تغطي في عام 1989 سوى 1.6 بالمائة من مجموع الإنفاق. وفيما يتعلق بتركيب الإيرادات الضريبية، نلاحظ أن الضرائب غير المباشرة التي كانت تشكل في عام 1974 نحو 77.4 بالمائة من مجموع الإيرادات الضريبية (منها نحو 51 بالمائة رسوم جمركية) أصبحت في عام 1980 لا تشكل سوى 52 بالمائة من الإيرادات الضريبية (منها نحو 42 بالمائة رسوم جمركية) أما في سنـة 1989 فقد هبطت هذه النسبة إلى نحو 43 بالمائة (منها نحو 22 بالمائة فقط رسوم جمركية) (الجدول رقم –2(.

3النظام الضريبي في الوقت الحاضر

عملياً، كانت الأوضاع الاقتصاديـة والمالية خلال السنوات الثلاث التي أعقبت اتفـاق الطائف، امتداداً للأوضاع التي سادت في السنوات الأخيرة من الحرب. ولم تبدأ السلطات المسؤولة بمعالجة هذه الأوضاع المتردية بصورة جدية إلا في أواخر عام 1992، وفي إطار ما سمي بخطـة النهوض الاقتصادي وإعادة الإعمار. وقد قامت هذه الخطة على اعتبار أن المشكلـة الأساسية التي يعانيها الاقتصاد اللبناني بعد الحرب. هي مشكلة استئناف عملية النمو التي وضعت هذه الحرب حداً لها. وأن إطلاق عملية النمو تكون، بالدرجة الأولى، من خلال تمكين القطاع الخاص بشقيه المحلي والأجنبي من الاستثمار بكثافـة في مختلف القطاعات الإنتاجية. وعليه، فالمهمة الرئيسيـة المطروحة على الدولة في هذا الإطار هي تحديداً توفير المناخ المناسب الذي يمكن القطاع الخاص من القيام بالاستثمارات اللازمة.

  أما خلق المناخ المطلوب فيقتضي من الدولة أن تقوم بأمور ثلاثة رئيسية:

  أولاً: إعادة إعمار وتحديث ما تهدم وتقادم خلال الحرب من بنى تحتية مادية (كهرباء، ومياه ومواصلات واتصالات ومرافق صحية وتربوية، . . . الخ).

  ثانياً: تحقيق الاستقرار النقدي والمالي من خلال تثبيت سعر صرف الليرة وتقليص العجز في الموازنة تدريجياً وصولاً إلى تحقيق فائض فيها.

  ثالثاً: تحدث بعض الأطر التشريعية والمؤسسية المحفزة لنشاط القطاع الخاص خصوصاً في المجالين المصرفي والمالي.

في هذا الإطار، كان مطلوباً من النظام الضريبي أن يقوم بمهمتين رئيسيتين: الأولى هي توفير ما أمكن من إيرادات للخزينـة بهدف تقليص العجز في الموازنة وفي الوقت نفسه المساهمة في تمويل الإنفاق على إعادة الإعمار. أما المهمة الثانية فهي المساهمة في توفير الحوافز للقطاع الخاص ليقوم بالاستثمار على نطاق واسع. وفي هذا السباق قامت السلطات المسؤولة بتناول النظام الضريبي بعدد من الإجراءات التي لم تمس جوهره، فأبقت على الخصائص الرئيسية التي كانت تميزه قبل الحرب. أضف إلى ذلك أنها لم تعط النتائج المرجوة منهـا، لا بل زادت في حدة بعض المشاكل التي كان يعاني منها لبنان قبلاً، لا سيما على الصعيد الاجتماعي.

   أ- الإجراءات التي تناولت النظام الضريبي:

   تندرج الإجراءات التي تناولت النظام الضريبي في السنوات الأخيرة في مجموعتين رئيسيتين: واحدة تشمل الإجراءات التي تناولت الضرائب المباشرة، والثانية تشمل الإجراءات التي تناولت الضرائب غير المباشرة.

 1.  الإجراءات التي تناولـت الضرائب المباشرة: تتمثل الإجراءات التي اتخذت في هذا المجال، بالتعديلات التي أدخلت في نهاية العام 1993 على قانون ضريبة الدخل الصادر بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 144 بتاريخ 12/6/1959 وأهم هذه التعديلات هي:

* التعديلات التي طالت ضريبة الدخل على الرواتب والأجور: بعد أن كان معدل الضريبة على الرواتب والأجور يرتفع تصاعداً من 2 بالمائة إلى 32 بالمائة حسب الشطور (13 شطراً)، تقلصت هذه المروحة إلى 2 – 10 بالمائة وانخفض عدد الشطور إلى خمسة، وألغيت العلاوات التي كانت تطال هذه الضريبة لصالح البلديات والتعمير. كما ارتفع سقف الحد الأدنى الضروري للمعيشة المعفى من الضريبة إلى 3 ملايين ليرة للعازب و6 ملايين ليرة للمتزوج وله خمسة أولاد.

  *التعديلات التي طالت ضريبة الدخل للمؤسسات الفردية وشركات الأشخاص: بعد أن كانت معدلات هذه الضريبـة تتراوح من 6 بالمائة إلى 50 بالمائة موزعة على 12 شطراً، تقلص عدد الشطور إلى أربعة وأصبح المعدل للشطر الأدنى 3 بالمائة وللشطر الأعلى 10 بالمائة.

*التعديلات التي طالت ضريبة الدخل على شركات الأموال: خفض معدل هذه الضريبة المقطوع من 22 بالمائة إلى 10 بالمائة وألغيت علاوة 15 بالمائة التي كانت تطالـه لحساب البلديات والتعمير. كما خفض معدل ضريبة توزيع الأرباح من 12 بالمائة إلى 5 بالمائة وأعفيت من علاوة 3 بالمائة كانت تلحقها لصالح التعمير.

* التعديلات التي طالت بعض الضرائب المباشرة الأخرى: خفضت الضريبة على إيرادات الأموال المنقولة من 12 – 15 بالمائة إلى 5 بالمائة وخفضت الضريبة على ربح التحسين من 15 بالمائة إلى 6 بالمائة. وخفض رسم انتقال الملكية من 6 – 15 بالمائة إلى 3 – 10 بالمائة. أما إيرادات الأملاك المبنية، التي كانت تطالهـا معدلات اقتطاع مختلفة تصل بمجموعها إلى 15 بالمائة لتصبح تصاعدية على الإيرادات التي تزيد عن 350 ألف ليرة، فقد خفضت الضريبة عليها إلى ما بين 4 بالمائة و10 بالمائة دون علاوات.

  وتتلخص الأسباب الموجبة لهذه التخفيضات الكبيرة، من وجهة النظر الرسمية، بأربعة هي التالية:

 –  تبسيط القوانين الضريبية بما يتناسب وأوضاع الإدارة الضريبية ذات الإمكانات البشرية والفنية المتواضعة.

 –  تخفيف عبء الضريبة عن ذوي الرواتب والأجور المنخفضة والمحدودة.

 –  زيادة الإيرادات من هذه الضرائب، فنسبة التهرب من دفعها كانت في الماضي كبيرة جداً ومن شأن هذا التخفيض أن يجعل كلفـة التهرب أو الغش مساوية، إن لم يكن، أعلى من المبلغ المتوجب.

 –  تشجيع وتحفيز الرساميل الخاصة المحلية والأجنبية على الاستثمار في لبنان. وهذا هو السبب الأهم برأي المسؤولين.

ولكن مهما كانت أسباب هذه التعديلات فإن المستويات التي استقرت عليها الضرائب على الدخل في لبنان في الوقت الحاضر وهي لناحية انخفاضها، من الاستثناءات النادرة على الصعيد الدولي، حتى بالنسبة للبلدان الأكثر استدراجاً للاستثمارات الخارجية. فالقليل من البلدان النامية يخفض فيها معدل الضريبة على الشطر الأعلى من الدخول عن 50 بالمائة. والكثرة منها يتراوح فيها هذا المعدل بين 50 بالمائة و70 بالمائة ويزيد عن 70 بالمائة في عدد غير قليل من البلدان المذكورة ومنها مصر وتونس والمغرب (10). أما معدل الضريبة العادي على أرباح الشركات فمن النادر أن ينخفض في البلدان النامية عن 25 بالمائة فهو في مصر 32 بالمائة وفي كل من الأردن وتونس 38 بالمائة وفي تركيا 46 بالمائة وفي المغرب 48 بالمائة (11).

 2الإجراءات التي تناولت الضرائب غير المباشرة: تضمنت قوانين الموازنات منذ 1993 الكثير من التعديلات على معدلات وقيم الضرائب والرسوم غير المباشرة. وفيما عدا بعض الاستثناءات القليلة ذهبت هذه التعديلات بمعظمها نحو زيادة هذه الضرائب والرسوم. ذلك أن فشل السلطات المسؤولة في لجم الإنفاق العام، ومحاولة منهـا للحد ما أمكن من تزايد العجز في الموازنة، دفعها لتضمين قانون الموازنة في كل عام جدولاً ينص على رفع معدلات الضريبة وزيادة الرسوم على قائمـة طويلة من السلع والخدمات ويأتي على رأس هذه القائمة لناحية معدلات الارتفاع في الضرائب والرسوم: المحروقات، الخدمات الحكومية، بعض الرسوم الجمركية (على استيراد السيارات وعدد من السلع الكمالية) بالإضافة إلى الخدمات العامة من كهرباء ومياه وهاتف. وبخصوص الرسوم الجمركية تحديداً فقد أعيد النظر فيها بشكل عام لناحيـة تقليص عدد الشطور وتخفيض عدد فئات التعرفة وتبسيط المعاملات.

  ب- أثر الإجراءات التي تناولت الضرائب على خصائص النظام الضريبي اللبناني:

بالرغم من الزيادة الكبيرة نسبياً التي حققتها الإيرادات الضريبية في السنوات الأخيرة قياساً بالمستوى الذي كانت عليه في السنوات الأخيرة من الحرب، فإن العجز في الموازنة بقي على مستوى مرتفع (نحو 18 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي كمتوسط)، كذلك بقيت خصائص النظام الضريبي اللبناني كما كان قبل الحرب أي خصائص النظام الضريبي للبلدان الناميـة ذات الدخل المنخفض، إن كان لناحية انخفاض الاقتطاع الضريبي، أم لناحية غلبة الضرائب غير المباشرة وداخلها غلبة الرسوم الجمركية، أم للانخفاض الملحوظ في نسبة الضرائب على الدخل، أم أخيراً لناحية الاستمرار في اعتماد الضرائب الخاصة والنوعية. وفيما يتعلق بهذه النقطة الأخيرة نلاحظ أن البلدان النامية بما فيها البلدان ذات الدخل المنخفض قطعت شوطاً بعيداً في اعتماد الضرائب على المبيعات أو القيمة المضافـة. فالإيرادات من هذا النوع من الضرائب شكلت في عام 1985 نسبة 17 بالمائة من مجموع الإيرادات الضريبية في البلدان ذات الدخل المنخفض وهي النسبة نفسها في البلدان الصناعية (12).

 1.  مستوى الاقتطاع الضريبي: لم تتجاوز نسبة الإيرادات الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي في لبنان خلال الفترة  1994 – 1996، 12.3 بالمائة كمتوسط في السنة (13) في حين بلغت نسبة الإيرادات الضريبية إلى الناتج القومي الإجمالي في عـام 1994: 22.2 بالمائة في الأردن و24.3 بالمائة في تونس وأكثر من 26 بالمائة في كل من مصر والمغرب (14). في الفترة 1994 – 1996 نفسها بلغت نسبة الإيرادات الضريبية إلى مجموع الإيرادات العادية للموازنة نحو 75 بالمائة كمتوسط سنوي. غير أن الإيرادات العادية لم تشكل في الفترة المذكورة سوى 48 بالمائة من مجموع النفقات (15)، مما يعني أن أكثر من نصف النفقات العامة كانت تغطية الواردات الاستثنائية (القروض).

 2.  تركيب الإيرادات الضريبية: من الجدولين -1- و -2- نلاحظ أنه في السنوات الثلاث 1996 – 1998 بلغت نسبة الإيرادات من الضرائب غير المباشرة إلى مجموع الإيرادات الضريبية المقدرة في مشاريع الموازنة، نحو 75 بالمائة، كمتوسط سنوي. وهذه النسبة كانت في عام 1985 نحو 70 بالمائة في البلدان ذات الدخـل المنخفض و51 بالمائة في البلدان ذات الدخل المتوسط     و31 بالمائة في البلدان الصناعيـة. وداخل الضرائب غير المباشرة شكلت الضرائب على التجارة الخارجيـة في لبنان (الرسوم الجمركية) نحو 58 بالمائة من مجموع الإيرادات الضريبية. هذا في حين أنها شكلت 38 بالمائة في البلدان ذات الدخل المنخفض    و21 بالمائة في البلدان ذات الدخل المتوسط و2 بالمائة فقط في البلدان الصناعية.

وفي حين لم تشكل الضرائب المباشرة في لبنان سوى 25 بالمائة من الإيرادات الضريبية المقدرة للفترة 1996 – 1996، منها 12 بالمائة فقط للضرائب على الدخل، نلاحظ أن هاتين النسبتين كانتا في عام 1985 وعلى التوالي 29 بالمائة و25 بالمائة في البلدان ذات الدخل المنخفض، 49 بالمائة و32 بالمائة في البلدان ذات الدخل المتوسط، و69 بالمائة و35 بالمائة في البلدان الصناعية.

ج- الأبعاد الاقتصادية الاجتماعية للنظام الضريبي في وضعه الخاص:

تظهر الأبعاد الاقتصادية الاجتماعية التي يأخذها النظام الضريبي في لبنان في الوقت الحاضر، من خلال النتائج التي أسفرت عنها الإجراءات التي تناولت بشكل أو بآخر هذا النظام في السنوات الأخيرة، لا سيما فيما يتعلـق بتحقيق الأهداف التي توختها السلطات العامة من قيامها بهذه الإجراءات.

  وإذا كنا قد رأينا فيما تقدم من كلام على خصائص النظام الضريبي اللبناني في الوقت الحاضر، أن هذه الخصائص قد عادت بشكل عام، إلى ما كانت عليه قبل الحرب خصوصاً لناحية عدم عدالته وضعف فعاليته، فماذا يمكن القول عن النتائج التي أسفر عنها عمل هذا النظام قياساً على ما حددته له السلطات الرسمية من أهداف؟

 1.  النتائج على صعيد معالجـة العجز في الموازنة: من الواضح أن النظام الضريبي قد فشل في تحقيق المطلوب منه على هذا الصعيد، فالعجز لم يقل عن  45 بالمائة من حجم الإنفاق. قد يقال أن تخفيض هذا العجز يتطلـب أيضاً لجم الإنفاق. هذا صحيح، إذا كان المقصود من ترشيد الإنفاق هو إلغاء هامش الإهدار الكبير في النفقات العامة ووضع سلم أولويات واضح على هذا الصعيد. ولكننا نلاحظ بالمقابل أن حجم الحاجات الاقتصادية والاجتماعية لبلد كلبنان يعاني من آثار حرب مدمرة استمرت 16 عاماً، سيبقى كبيراً. وفي جميع الأحوال فإن مستوى التكليـف الضريبي (الاقتطاع الضريبي) لا يزال بجميع المقاييس منخفضاً، فهو كما سبق ورأينا لا يتجاوز نصف ما هو عليه في بلدان كمصر وتونس والمغرب.

 2.  الناتج على صعيد تشجيع الاستثمار: ما يمكن قوله بشكل عام بهذا الخصوص هو أن الدراسات الميدانية لا سيما المتعلق منها بتجارب البلدان الأكثر نجاحاً في استدراج الاستثمارات الخاصـة المحلية والأجنبية، تجمع على مستوى ضريبة الدخل لا يأتي في عداد العوامل الرئيسية المؤثرة في خلق مناخ استثماري مناسب، ويسبقه عل رأس قائمة هذه العوامل حسب أهميتها عوامل كثيرة مثل الاستقرار السياسي، والاستقرار الاقتصادي، ومعدلات الربح، ومستوى البنى التحتية، وأجور اليد العاملة ومستويات تأهيلها، . . . الخ.

أما في ما يتعلق بلبنان تحديداً، نلاحظ أن ندرة الاستثمار في القطاعات الإنتاجية تشكل في الوقت الحاضر أهم المشاكل الرئيسية المطروحة على الصعيد الاقتصادي. وإذا كان من دور قد لعبته ضريبة الدخل على صعيد تشجيع الاستثمارات فهو إقبال الرساميل الخاصة على التوظيف في سندات الخزينـة المعفية من الضرائب والحازمة في الوقت نفسه لهذه الرساميل عن التوظيف في القطاعات الإنتاجية الخالقة لفرص العمل.

 3.  النتائج على صعيد تخفيف العبء الضريبي عن أصحاب الدخل المحدود: لا شك أن الإعفاءات والتخفيضات الضريبية التي لحقت بالرواتب والأجور، قد حـررت جزءاً لا يستهان به من دخول أصحاب هذه الفئة. لكن مما لا شك فيه أيضاً أن ما أعطي للفئة المذكورة من هذه الجهة (بيد) عادت تدفعه مضاعفاً من جهة ثانية (باليد الأخرى). وذلك بسبب الارتفاع المستمر للضرائب والرسوم غير المباشـرة ولأسعار الخدمات العامة الأساسية من كهرباء ومياه وهاتف. زد على هذا الضريبـة الناتجة عن التضخم التي استمرت خلال السنوات الماضية، تنهش من الرواتـب والأجور، خلال السنوات الأربع الماضية بما يقارب 10 بالمائة سنوياً. هذا يعني أم مستوى معيشة أكثر من 75 بالمائة من اللبنانيين (وهم الذين يعيشون من الرواتب والأجور ومصادر الدخل المحدود الأخرى) استمر بالتدهور، وأن شرائح واسعة من الطبقة الوسطى قد هبطت إلى ما دون خط الفقر. وبهذا الخصوص، كانت إحدى الدراسات قد قدرت نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر في أوائل سنة 1996 بنحو 30 بالمائة من مجموع السكان (16).

     محصلة الأمر إذن هي أن النظام الضريبي في لبنان، لا يلعب الدور المفروض أن يلعبه، بشكل عام، على الصعد المالية والاقتصادية والاجتماعية، ولا الدور المفروض أن يلعبه، خصوصاً، في دفع عمليـة النهوض وإعادة الإعمار. طبعاً هذا لا يعني أن النظام الضريبي هو وحده المسؤول عن جميع المشاكـل التي يعاني منها لبنان في الوقت الحاضر، من الركود الاقتصادي إلى اتساع الهوة في توزيع الدخل الوطني، مروراً بارتفاع معدلات البطالة والفقر . . . الخ. فمن البديهي أن تكون هذه المشاكل نتيجة لأخطاء في مجمل السياسة الرسمية بجوانبها المختلف، النقديـة والمالية والاقتصادية والاجتماعية، وإنما يعني أن النظام الضريبي بوضعـه الحالي، قد رفع كثيراً من الكلفة المالية والاقتصادية والاجتماعية لعملية النهوض وإعادة الإعمار. ويتحمل بالتالي جزءاً كبيراً من المسؤولية عن مراوحة هـذه العملية مكانها في الوقت الحاضر. وأنه من الضروري إعادة النظر بهذا النظام بأسرع وقت ممكن.

د- التعديلات الواجب إدخالها على النظام الضريبي في لبنان:

من الواضح أنه لا مجال هنا للدخول في تفاصيل هذا الموضوع من الناحية الفنية أو التقنية. لذلك نكتفي بالتوجهات العامة التي نرى من الضروري أن يأخذها أي إصلاح للنظام الضريبي في لبنان. وهي:

   أولاً: ننطلق من التقديرات الرسمية التي تضع متوسط دخل الفرد في لبنان في الوقت الحاضر في مستوى يقترب من خمسة آلاف دولار، لنلاحظ أن هذا الرقم يضع بدوره لبنان في عداد الشريحة العليا من البلدان النامية وذلك حسب تصنيفات البنـك الدولي. وهذا يدفعنا إلى القول بأن على الإصلاح الضريبي العتيد أن يستهدف جعل الخصائص الرئيسية للأنظمـة الضريبية في الشريحة المذكورة، وتحديداً: أن ترتفع نسبة الاقتطاع الضريبي من مستواها الحالي (نحو 13 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي) أي ما لا يقل عن 20 بالمائة من الناتج. وأن يتغير في الوقت نفسه التركيب الحالي للواردات الضريبية لترتفع حصة الإيرادات من الضرائب المباشرة بما فيها الاقتطاعات لصالح الضمان الاجتماعي، إلى ما لا يقل عن 50 بالمائة من مجموع الإيرادات الضريبية (فتنخفض في المقابل حصة الضرائب غير المباشرة إلى نحو 50 بالمائة من مجموع الإيرادات الضريبية) وأن ترتفع في الوقت نفسه حصة ضريبة الدخل إلى ما لا يقل عن 25 بالمائة من الإيرادات الضريبية. وفيما يتعلق بالضريبة على دخل الأفراد، أن تفرض هذه الضريبـة على مجموع دخول الفرد الواحد مهما اختلفت مصادرها، وأن يرتفع في الوقت نفسه عدد الشطور إلى ما لا يقل عن ثمانية. وتزيد التصاعدية بحيث لا يقل معدل الضريبة على الشطر الأعلى  عن 30 بالمائة. أما الضريبة المقطوعة على أرباح الشركات فيجب أن لا تقل عن 25 بالمائة وزيادة نسبة الضريبة على الأرباح الموزعة إلى ما لا يقل عن 15 بالمائة.

   ثانياً: من الضروري أن يجري توسيع قاعدة المكلفين بالضريبة المباشرة من الناحيتين القانونية والعملية الإجرائية:

من الناحية القانونية، من الضروري أن تشمل الضريبة الدخول من الفوائد على الودائـع في المصارف والفوائد على سندات الخزينـة وأرباح شركة سوليدير. كما أنه من الضروري أن تشمل الضريبة الزيادة في الثروات ورؤوس الأموال المحققة من المضاربات والتحسين العقاري بالإضافة إلى وجوب فرض ضريبة على المظاهر الخارجية للثروة.

ومن الناحية العملية من الضروري أن تطال الضريبة فئات كثيرة لا تطالها إلى الآن لأسباب عملية: أطباء، مهندسون، محامون، فنانون، وغيرهم من أصحاب المهن الحرة.

  ثالثاً: فيما يتعلق بالضريبة غير المباشرة، من الضروري أن يبدأ منذ الآن الإستعاضة عن الضرائب النوعية والرسوم الجمركية بالضريبة المدمجة على الإنفاق، كالضريبة على القيمة المضافة.

  رابعاً: من الواضح أن إصلاح النظام الضريبي من خلال هذه التوجهات لا يمكن أن يعطي النتائج المرجوة منه ما لم يكن في أساسه إصلاح لإدارة الضريبة بحيث يصبـح لديهـا القدرة والكفاءة اللازمتان للحصول على أكبر مردود ضريبي وذلك من خلال رفع مستوى أجهزة المحاسبة والتأكد والمراقبـة والجباية . . . وهذا لا يتـم إلا من خلال تحسيـن الوضع المادي والمعنوي للعنصر البشري فيها ورفع كفاءاته العلمية والفنية من جهة، وتأمين المعدات والتجهيزات التقنية المتطورة من ناحية ثانية.

جدول رقم -1- تركيب الإيرادات الضريبية حسب مجموعات بلدان العالم 1975-1985 بالنسبة المئوية

مجموعة البلدان

 

 

 

               السنة

 

نوع الضريبة                    

البلدان ذات الدخل المنخفض

البلدان ذات الدخل المتوسط

البلدان ذات الدخل المرتفع (البلدان الصناعية(

1975

1985

1975

1985

1975

1985

1-الضرائب على الأشخاص الطبيعيين

2-الضرائب على الشركات

3-الضرائب الأخرى على الدخل

9182

9151

8175

10175

2770

2771

أ-مجموع الضرائب على الدخل 1+2+3

29

25

30

32

34

35

4-اشتراكات الضمان الاجتماعي

5-الضرائب على الثروة

6-غيرها

122

112

1234

1124

2921

3121

ب-الضرائب المباشرة الأخرى 4+5+6

5

4

19

17

32

34

مجموع الضرائب المباشرة  أ+ب

34

29

49

49

66

69

7-الضرائب على المبيعات والقيمة المضافة

8-الضرائب النوعية على المنتوجات

9-غيرها

13132

17132

9125

13125

16102

17102

ج-الضرائب الداخلية على السلع والخدمات 7+8+9

28

32

26

30

29

29

10-الرسوم على الاستيراد11-الرسوم على التصدير12-غيرها

25112

2981

2041

1821

400

200

د-الضرائب على التجارة الخارجية (رسوم جمركية) 10+11+12

38

38

25

21

4

2

مجموع الضرائب غير المباشرة ج+د

66

70

51

51

33

31

مجموع الإيرادات الضريبية أ+ب+ج+د

100

99

100

100

99

100

 المصدر: BANQUE MONDIALE: Rapport sur le développement dans le monde 1988.

  جدول رقم -2- تركيب الإيرادات الضريبية في لبنان 1964 – 1992 بالنسبة المئوية

19641969

1974

1980

1989

19961998

1-الضرائب المباشرة منها الضريبة على الدخل

30.4

10.4

27.8

13

16.7

11.1

22.6

15

32.6

47.7

10.1

56.7

189

24

12

2-الضرائب غير المباشرة منها الرسوم الجمركية

50

32

62.2

39.8

57

37.5

77.4

51

35.8

29

52.3

42.3

7.7

3.9

43.3

22

57

44

76

57

3-مجموع الإيرادات الضريبية 1+2

80.4

100

73.7

100

68.5

100

17.8

100

75

100

4-الإيرادات غير الضريبية

19.6

26.3

31.5

82.2

25

5-مجموع الإيرادات العادية 3+4

100

100

100

100

100

نسبة الإيرادات غير العادية (العجز) إلى مجموع النفقات

83

91

36

المصدر: للفترة 1964 – 1969 احتسبت النسب من الأرقام الواردة في المجموعات الإحصائية للأعوام 1967 – 1970 (المديرية العامة للإحصاء المركزي).

للسنوات 1947 و1980 و1989 أنظر نجيب عيسى، الإصلاح الاقتصادي وإعادة الإعمار في لبنان. منشورات الأمم المتحدة – اسكوا – 1993.

          للفترة 1996 – 1998 احتسبت من الأرقام الواردة في فذلكة الموازنة للعامين 1997 و1998.

1.    M. DUVERGER: “Finances publiques” collection THEMIS. P.U.F. Paris. 1963.

2.    أنظر (1).

3.    BANQUE MONDIALE: ” Rapport sur le Développement dans le Monde 1988″.

4.    أنظر (3).

6.    أنظر (3(.

7.    7- Najib ISSA. Najib: “Structures actuelles et politiques du développement au Liban. Possibilités et limites du développement industriel”. Thèse de Doctorat -ES-Sciences économiques. Université de Paris. 1973

8.    نجيب عيسى: “الإصلاح الاقتصادي وإعادة الإعمار في لبنان” منشورات الأمم المتحدة – اسكوا – 1993.

9.   أنظر فذلكة موازنة 1998 (الإيرادات الفعلية).

10.    -14- BANQUE MONDIALE: “Rapport sur le Développement dans le monde 1996”.

11.   حداد أنطوان: “الفقر في لبنان” منشورات الأمم المتحدة – اسكوا – 1996.

فما هو واضح أن نظامنا الضريبي في لبنان ما زال نظام مجحف و خصوصا بحق الطبقتين الفقيرة و المتوسطة , و ذلك ما يساهم بتعزيز الفقر في لبنان و بالتالي هذه الآفة سوف تكون قنبلة موقوتة إن لم نأخذ أي حركة إصلاحية لأن هذا الإجحاف سوف يأخذنا إلى مزيد من العنف و العنف لن يولد إلا العنف . ممكن من ضمن سياستنا الإصلاحية يجب دعم برامج المبادرات الإقتصادية و الإجتماعيات و بالتالي خلق فرص عمل جديدة للشباب كما تعديل نظامنا الضريبي المجحف … فهل من المقبول أن تكون اليخوت معفاة من الضرائب و حليب الأطفال الذي لا يتمكن من شربه آلاف الأطفال بسبب غلائه عليه ضريبة !! فعن أي عدالة نتحدث ؟