مقالات

الاتفاق النووي بين المد والجزر

خلال الفترة الماضية، إن أردنا التحدث حول الواقع السياسي في منطقة الشرق الأوسط، تلقائياً يأتي الجواب حول مسار العلاقات الأميركية -ال إيرانية بعد توتر وانقطاع العلاقة إثر خروج ترامب من الاتفاق النووي ال إيراني، مارس ترامب حصاره الاقتصادي والضربات الهادفة بالتعاون مع إسرائيل وبالمقابل مارست إيران سياسة ضبط النفس وعدم الرد على الأصيل، ولكن حاولت تعزيز قوتها والرد على الحليف في بقع جغرافية مختلفة في المنطقة.
تاريخ العلاقات
بدأت العلاقات بين إيران والولايات المتحدة عندما بعث شاه فارس ناصر الدين، أول سفير لإيران ميرزا أبو الحسن شيرازي إلى واشنطن في عام 1856. وفي عام 1883 كان صمويل بنجامين أول مبعوث دبلوماسي رسمي للولايات المتحدة في إيران.
عام 1979، اضطر الشاه محمد رضا بهلوي، الذي كان يحظى بدعم أميركي، إلى مغادرة إيران، بسبب الثورة الإسلامية وخروج مظاهرات وإضرابات مناهضة لنظام حكمه، وبعد أسبوعين من تلك الأحداث عاد الزعيم الديني آية الله الخميني من منفاه في فرنسا. وبعد انتصار الثورة الإسلامية في 11 شباط 1979، تم تنصيب الخميني على رأس الدولة، وهنا يكمن مسار التحول السياسي بين طهران وواشنطن.
تدهورت العلاقات بين أميركا وإيران، بعد أن وافقت الولايات المتحدة على استقبال الشاه بهلوي للعلاج، حيث غضب طلبة الجامعات الإيرانية، وهاجموا سفارة أميركا في تشرين الثاني 1979، واحتجزوا 52 موظفًا في السفارة الأميركية في إيران، حيث قطعت أميركا علاقاتها الدبلوماسية مع إيران في نيسان 1980، وبمبادرة من الرئيس السابق كارتر أفرجت إيران عن الرهائن الـ52 يوم تنصيب الرئيس الأميركي رونالد ريغان رئيسًا للولايات المتحدة في 20 كانون الثاني 1981.
وما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ازدادت العداوة بين الطرفين ووضعت عدوين لها في منطقة الشرق الأوسط هما العراق في تلك المرحلة وإيران أيضاً.
الاتفاق النووي
هي اتفاقية دولية حول البرنامج النووي الإيراني، تم التوصل إليها في تموز 2015 بين إيران ومجموعة خمسة زائداً واحداً (الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة – الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة – بالإضافة إلى ألمانيا) والاتحاد الأوروبي، وفي 8 أيار 2018 انسحب الرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاقية الدولية المشتركة، وبدأ بمسار الضغط على إيران حيث دعم هذا القرار بعض الدول العربية وإسرائيل وعارضه البعض الآخر مثل الصين وروسيا ومعظم الدول الأوروبية، وأبرز من كان على الحياد مصر وقطر وعمان والهند.
بايدن والاتفاق النووي
خلال حملة بايدن الانتخابية، كان من الواضح رغبته في العودة إلى الاتفاق النووي. ولكن لم يكن واضحا كثيرا كيف ومن ضمن أي صيغة. ولكن تعيين روبرت مالي رئيس مجموعة الأزمات الدولية ومستشار السياسة الخارجية للرئيس السابق باراك أوباما هو دليل نية أميركية بالبدء بتنفيذ وعود بايدن بخصوص إجراء اتفاق نووي مع إيران. وخاصة أن أميركا تريد أن تتفرغ لملفات أخرى أكثر أهمية لها مثل روسيا والصين، إضافة إلى الملفات الداخلية، وتريد الخروج من نفق الأزمات في منطقة الشرق الأوسط وتفويض بعض المهام من خلال الحلفاء (تعزيز منطق العولمة) ومن خلال اتفاقات وتسويات مع الخصوم.
العقبات
الصراع القائم حالياً بين العودة إلى اتفاق عام 2015 كما تطالب إيران، وبين تعديل اتفاق عام 2015 وتوسعته إلى الحوار حول النظام الصاروخي وسياستها الإقليمية كما يطالب بايدن. بايدن من غير الممكن أن يعود فقط إلى اتفاق 2015 لأنه سيواجه معارضة شرسة داخلية (الحزب الجمهوري) ومعارضة خارجية قوية أيضاً من قبل إسرائيل وبعض الدول العربية. يعتبر بايدن أن بإمكانه إجراء ضغوط وتسويات جانبية مع الدول العربية المعارضة، ولكن بخصوص إسرائيل يعول على الانتخابات الإسرائيلية هذا العام من خلال فوز حزب قريب منه وتغيير نتانياهو.
فبالتالي المرحلة الحالية لن تكون مفروشة بالورود، وللالتفاف على ذلك سيحاول بايدن الحصول على بعض التنازلات الإيرانية جراء الضغوطات الاقتصادية التي أنهكتها ومراهنة إيران على الاستفادة من وجود إدارة دبلوماسية وأكثر ليونة في المرحلة الحالية، تمكنه من تسهيل مهمته داخلياً وخارجياً. ولكن حتى الآن يوجد تصلب في الموقف الإيراني جراء المطالبة في العودة إلى الاتفاق القديم.
المخارج
أحد المخارج التي يمكن أن تحصل هو الدمج بين مسار رفع العقوبات والبدء بمشوار المفاوضات بخصوص ملفي الصواريخ الباليستية والسياسة الإقليمية. ولكن هذا المخرج لن يحصل بالسهل بالفترة القريبة، لأنا ما زلنا في فترة طرح أوراق القوة على الطاولة، ومرحلة الضغط من قبل القوى المعارضة للاتفاق، ما يمكن أن يؤجج الصراع في المرحلة المقبلة على الأقل حتى حصول الانتخابات الإسرائيلية.
الفترة المقبلة
سيحاول بايدن إدخال الأوروبيين في هذا المسار، وفوض للفرنسيين تعزيز قنوات التواصل في المنطقة وفتح باب الحوار غير المباشر والبدء بالمفاوضات في الملفات الأقل تأثيراً، كمحاولة لخرق جدار الانقطاع الكامل، وبالتوازي البدء بمسار حلحلة الملفات المعقدة كالملف اليمني في محاولة لتقطيع الأزمات وتسويتها كمنطلق لإبرام اتفاق مقبل.
من هذا المنطلق يتمكن بايدن من تخفيف وهج معارضة الاتفاق حيث يكون أنهى إحدى نقاط تعديل الاتفاق، وهي دور إيران في المنطقة. وفي المقلب الآخر يبقى موضوع الصواريخ الباليستية والجيوش الإيرانية حيث يمكن أن نشهد حروباً جانبية لتسوية هذه النقطة، وعلى نتائج هذه الحروب إن كانت عسكرية أو سياسية تتوضح أكثر معالم الاتفاق المقبل.
والسؤال: من سيدفع ثمناً في المرحلة الحالية؟ ومن سيدفع الثمن بعد حدوث الاتفاق؟ لأن لا تسويات من دون ثمن وأحياناً دم؟

أميركا و الصين و الحروب المحتملة بين الطرفين

العلاقات الثنائية بين الحكومتين الأميركية و الصينية تمتد منذ القرن الثامن عشر. كانت العلاقات بين البلدين معقدة، وتأرجحت بين الإيجابية والسلبية. توطدت العلاقات الاقتصادية بشكل سريع بعد عام 1980. اتخذت العلاقة شكل التعاون الاقتصادي، التنافسي، والشك المتبادل حول نوايا بعضهما البعض. لذلك، تبنّت كل دولة موقفاً حذراً تجاه الأخرى كخصم محتمل. ولكن باتت تُعتبر هذه العلاقة الأقوى في القرن الحادي والعشرين.

التدهور السريع للعلاقات

تراجعت العلاقات بشكل كبير في عهد الرئيس دونالد ترامب، وخاصة منذ بدء الحرب التجارية الأميركية الصينية، بدأ المراقبون السياسيون في التحذير من إندلاع حربٍ باردة جديدة. بحلول أيار مايو 2020، شهدت العلاقات تراجعاً جديداً، حيث كان لكِلي الجانبين حلفاء لمهاجمة الآخر، في ما يتعلق بمسؤولية نشر جائحة كورونا العالمية.

كما ذكر جون ريد كليف مدير المخابرات الوطنية في صحيفة وول ستريت جورنال، وهو أهم كاتب استخباراتي في اميركا، ان الصين تشكل الخطر رقم واحد على اميركا، وإنها تحاول السيطرة على الارض عسكرياً واقتصادياً و تقنياً.

الخلاف الجيو- سياسي الآسيوي

قضية هونغ كونغ

ألغت وزارة الخارجية الأميركية الوضع التجاري الخاص الذي كانت تتمتع به هونغ كونغ كمركز مالي عالمي، لأنها لم تعد مستقلة بما فيه الكفاية عن الصين. وكانت وراء الإجراء خطة أقرها مجلس الشعب الصيني في ايار 2020 لفرض قانون للأمن الوطني على المدينة.

قضية الأويغور

وّجّهَت إدارة ترامب انتقادات مباشرة للصين، واتهمتها باعتقال أعدادٍ كبيرة من مسلمي الأويغور والأقليات الأخرى في مقاطعة شينجيانغ الصينية. كما فَرَضَ الكونغرس الاميركي عقوبات على المسؤولين الصينيين بسبب عمليات الاعتقال الجماعي.

وضع تايوان

تعتبر الصين أن تايوان الديموقراطية التي تتمتع بالحكم الذاتي، جزءاً من أراضيها التي ستستعيدها يوماً من الايام بالقوة إذا لزم الأمر. لكن واشنطن هي الحليف الرئيسي للجزيرة وتزودها بالأسلحة، من دون أن تعترف بها دبلوماسياً، وبكين تستنكر أي مبيعات أسلحة أو إتصالات رفيعة المستوى بين اميركا وتايوان.

المواجهة في بحر الصين الجنوبي

تواجهت الولايات المتحدة والصين أيضاً حول بحر الصين الجنوبي، وهو ممر مائي غني بالموارد، ومصدر للنزاع في المنطقة. وتؤكد الصين أحقيتها على معظم البحر الذي بنت فيه جزراً اصطناعية لتعزيز قوتها في المنطقة. وتقوم السفن الحربية الأميركية بتمارين تحت مسمى “حرية الملاحة” في البحر، وتُبْحِرُ بالقرب من المعالم التي تؤكد الصين أحقيتها بها، فتؤجج غضب بكين.

اضافة الى تلك الخلافات، نضيف موضوعين مهمين ايضاً، التمايز في ملف كوريا الشمالية، حيث إتّهَمت واشنطن الصين بخرق عقوبات الأمم المتحدة على كوريا الشمالية. والأمر الآخر قضية إقليم التِبِتْ ودفاع الولايات المتحدة عن الدالاي لاما، القائد الروحي لمنطقة التبت، الذي يعيش في المنفى في الهند. والتبت هي مملكة الهيمالايا السابقة في أقصى غرب الصين.

الصراع التكنولوجي وهواوي الواجهة

إتَّهمت الإدارات الأميركية المتعاقبة الصينَ بسرقة التقنيات الأمريكية، و صَعّدَ البيت الابيض بإدارة ترامب الإتهامات من خلال سعيه إدراج شركة هواوي على القائمة السوداء الدولية، بذريعة انها تخترق البنية التحتية للإتصالات في بعض الدول لمصالح استراتيجية، وإنها انتهكت العقوبات الاميركية على ايران، و انها قادرة على التجسس على عملائها.

في المقابل تقول هواوي إن واشنطن تريد إحباط نموّها، لأنه لا توجد شركة أميركية تُقدّم نفس التكنولوجيا بسعر منافس. هذا ناهيك عن الإتهامات الاميركية عبر مدير المخابرات الوطنية جون ريد عن تجنيد الصين لعلماء في اميركا للتعامل مع الاقتصاد الصيني، و ليس فقط على الصعيد الاقتصادي، بل تتهمها بسرقة تكنولوجيات عسكرية.

مستقبل العلاقة بين اميركا والصين

عندما يحدث تحوّل أو إشتباك سياسي بين قطبين عالميين، نذهب إلى واحد من سيناريوهين: الأول يتجة الى إشتباك عسكري مباشر او غير مباشر. والثاني يحصل بانتقال سَلِسْ مثلما حصل بين بريطانيا العظمى واميركا.

مما لا شك فيه إننا نعيش صراعاً بين البلدين ولكنه لم يتحوّل الى مواجهة عسكرية حتى الان، إلاّ أن المواجهات تحصل بوسائل اخرى تجارية، عسكرية وتكنولوجية.

ان ازدهار الاقتصاد الصيني وهو القوة الاقتصادية الثانية في العالم، ويُنافس الولايات المتحدة الأميركية على الريادة الاقتصادية العالمية، يفسح أمام الصين المجال في تطوير قدراتها العسكرية، حيث تخطّت ميزانية الصين العسكرية 170 مليار دولار عام 2018، مقابل 77 ملياراً فقط عام 2007. وارتبطت بالزيادة العسكرية زيادة أعداد الجنود لتتخطى المليونين. وإن استمر الوضع كما هو عليه ستصبح الصين القوة الاقتصادية الاولى في العالم.

ومن هنا بعض الساسة في اميركا يُصرّحون بإنه إما يبدأوا بالحد من نفوذ الصين الآن، وإما يكون قد فات الاوان، وهذا الخطاب لا يختلف بين الحزبين الديموقراطي و الجمهوري. ولكن فقط التكتيك يختلف. فترامب واجَهَ تحت شعار اميركا اولاً، و بايدن سيواجه من خلال تعزيز علاقته مع الحلفاء الاستراتيجيين لمواجهة المد الصيني.

في المستقبل القريب من الصعب ان نتحدث عن مواجهة مباشرة عسكرية، ولكن ممكن ان نشهد في مناطق التوتر و خاصة في المنطقة الجغرافية القريبة للصين، بعض المواجهات او توتراً امنياً لأن الصين ستحاول تثبيت سيطرتها في تلك المنطقة، ومحاولة نزع أوراق القوة من يد أميركا، كما فعل الاميركيون في سيطرتهم على الاميركيتين. وسياسة شَدّ الخناق على الصين ستستمر من قِبَل اميركا في المحاور التي تحدثنا حولها سابقاً. وهذا الصراع قد يساهم في تغيير النظام العالمي الجديد، على الصعيد التحالفات السياسية والاقتصادية و المالية.

زيارة نشابة إلى الولايات المتحدة

قام رئيس جمعية يوتوبيا شادي نشابة إلى جانب مجموعة من الناشطين اللبنانيين بزيارة الولايات المتحدة الأميركية وذلك في إطار برنامج الزوار الدوليين الذي ينظمه مكتب وزارة الخارجية الأميركية. شملت الزيارة خمس ولايات: واشنطن، جنوب داكوتا، أركنسا، ميشيغان ونيويورك حيث تم التعرّف على الحياة السياسية الاقتصادية والاجتماعية فيها من خلال عدّة لقاءات نظّمت مع سياسيين، أكادميين، جمعيات وأعضاء مجلس شيوخ.

تخلّل الاجتماعات تبادل للتجارب والخبرات كما تم إطلاعهم على الواقع اللبناني بشكل عام والواقع الشبابي حيث شاركونا بعض الأفكار التي من شانها المساهمة في رفد هذه الفئة.

إلى ذلك، تم تنظيم مجموعة من اللقاءات مع الجاليات اللبنانية والعربية في تلك الولايات فإطلعنا على أوضاعهم الحياتية وحاجاتهم كما تم التطرق إلى دورهم كمغتربين في دعم وطنهم لبنان.