مقالات

الفيول قد يولع الشارع اللبناني مجددا

لا يوجد اثنان في لبنان يختلفان على ان لبنان يعيش ابشع الظروف منذ تأسيس لبنان الكبير حتى اليوم، نعيش في زمن المصالح والمحاصصة السياسية، هذه الذهنية التي ادت الى اسقاط ما تبقى من هيكل الدولة، نمر من ازمة الى ازمة، من انهيار الى انهيار، من ذل الى ذل من دون اذان صائغة، من دون الاحساس بمعانات المواطن ضمن وضع سياسة الأنا وليس لبنان اولا.

مسؤولية المواطن

لا يمكن ان نجلد الطبقة السياسية من دون ان نضع المسؤولية على المواطن المستسلم الى هذا الواقع المؤسف والمذري، وهذا الاستسلام ان لم ينتفض قد يودي به الى موت سريري او العيش تحت لواء الذل بين الكرتونة من هنا، والوقوف بالطابورمن هناك وعدم الحصول على الدواء من هنا والقتال على حليب الاطفال من هناك.لا لا ليس هذا لبنان الذي نعرفه، لبنان ليس بخير.

اسباب الازمة

الازمة تندرج اليوم بين الصراع على تحميل المسؤوليات وتوزيع الخسائر، النزاع على الصلاحيات خصوصا ان كل المؤشرات تشير اننا متجهون الى عقد اجتماعي جديد، وايضا بدء الحملات الانتخابية مبكرا بخصوص البرلمانية والرئاسية. كل تلك الامور ستجعل اللبنانيون يعيشوا بفترة جحيم تارة لا يوجد اموال لدى حاكم مصرف لبنان وتارة يوجد، تارة يفتح ملف قضائي للحاكم نفسه وتارة يوضع في الادراج، وتارة يوجد مبادرة للرئيس بري وتارة يكون الرئيس نفسه في المواجهة مع الرئيس عون، وتارة هناك ثورة وتارة الثورة نائمة.

لبنان في مرحلة رسم مشهد سياسي جديد يتم التفاوض من خلال حاجات المواطن، يتم النقاش عبر البيانات التافهة وكاننا نعيش في مدرسة اسمها دولة لبنان.

هذا الاداء السيء في ادارة الازمة قد يودي في الختام الى التفاوض بالشارع قد يدخل الحابل بالنابل بين المصالح السياسية وبين غضب المواطن الفعلي.

الانقسامات السياسية

منذ فترة ويعيش المواطن اللبناني ابشع مشاهد الذل ويأتيك تصريح فولاذي من قبل وزير الطاقة، من لا يتمكن تعبئة البنزين فليجد وسيلة اخرى، كأننا نعيش في لبنان الذي يحلم به اللبنانيون بخصوص النقل العام، مترو بين بيروت وجبيل وباصات نقل عامة في كافة المناطق ووو.

لكن هذه المشاهد ستزداد في المرحلة المقبلة للاسف، ولكن في ظل سياسة الزكزكات بين الافرقاء المتصارعين لا نعلم متى تأتي ساعة الصفر لقلب الطاولة في ظل وجود محورين الرئيسين بري والحريري والوزيرين السابقين جنبلاط و فرنجية اضافة الى حاكم مصرف لبنان من جهة والرئيس عون والتيار الوطني الحر من جهة اخرى وضابط الايقاع حزب الله يتدخل عند انفلات الامور. ولكن حرب الالغاء السياسية بين الطرفين لن تستمر ضمن هذا النطاق فقط، فان استمر الوضع كما هو عليه ستختلف التقنيات والوسائل.

هذا ناهيك عن المتغيرات الخارجية والتسويات السياسية بين اميركا وروسيا، اميركا و ايران، ايران والسعودية والسعودية وسوريا قد تساهم في تغير واضطراب المشهد الداخلي.

ازمة البنزين

حل ازمة البنزين في لبنان لن يكون عبر وقف الاحتكار وتوفير حوالي مبلغ خمسمئة مليون دولار سنويا ممكن استعمالها لدعمه، ولن يكون عبر الحد من هدر المال العام او استرداد الاموال المنهوبة، ولا عبر تطبيق خطة وقف التهريب النائمة في ادراج وزارة الاقتصاد منذ عام حسب مصدر في نقابة اصحاب المحطات،ولا عبر توقيف سياسة الاحتكار في مواد مختلفة في الوطن المقهور، بل سيكون مجددا على حساب المواطن. الحل هو ان تصبح سعر صفيحة البنزين على سعر 3900 ليرة لبنانية لعدة اشهر بينما يتم اقرار البطاقة التمويلية.

لكن حسب التجارب لا يوجد التزام حتى بما يقره مصرف لبنان، وارتفاع صفيحة البنزين الى 65 الف ليرة في المرحلة الاولى قبل رفع الدعم الكلي حيث ستصبح 12 دولارا حسب السوق السوداء فحسب سعر اليوم ستصبح حوالي 200 الف ليرة، ستؤدي الى ارتفاع اسعار السلع بشكل هستيري والى مزيد من ارتفاع نسب الفقر في البلاد.

الغضب الشعبي

السكوت على الواقع المذري في لبنان اصبح في رمقه الاخير منها لاسباب اقتصادية واجتماعية واخرى لاسباب سياسية في ظل ارتفاع منسوب التوتر بين الافرقاء المتخاصمين والمتغيرات الاقليمية. وهذا سيأخذنا الى سيناريوهات مختلفة اما حدوث غضب شعبي بسبب ارتفاع سعر البنزين وانقطاع الكهرباء ومن بعدها نصل الى حل سياسي وتشكيل حكومة برئاسة الرئيس المكلف واحتماله ضعيف، اما استقالة الرئيس المكلف وحدوث فوضى عارمة في البلاد، اواستقالة الرئيس المكلف بعد حدوث الغضب الشعبي ويأتي تماشيا مع غضب الناس، وفي السيناريوهات الثلاثة لا يمكن تشكيل حكومة حل من دون حل مشكلة النظام الاساسية والتوجه نحو شكل ادارة جديد قادران يطبق الاصلاحات، وكانت واضحة رسالة المبعوث الاوروبي بوريل، وفي الثلاثة ايضا نحن متجهون الى حكومة انتخابات وبالتالي من المرجح ان الحريري يكون خارج معادلة التشكيل.

في السيناريوهات الثلاثة لبنان سيمر بالفوضى شئنا ام ابينا ومن بعدها ممكن تحديد شكل الحل حسب التوازنات الداخلية والخارجية، فكيف سيكون الحل وعلى حساب من؟

قسد و الصراع المعقد

تم الإعلان عن تأسيس قوات سوريا الديمقراطية في مدينة القامشلي، شمال سوريا في تشرين الأول 2015. وأصدرت هذه القوات بياناً للتعريف بنفسها جاء فيه “إنها قوة عسكرية وطنية موحدة لكل السوريين تجمع العرب والكرد والسريان وكافة المكونات الاخرى”. تنتشر “قسد” على حوالي 23 بالمئة من مساحة سوريا وهي تسمى بسوريا المفيدة حيث تمتلك أهم الموارد وطنياً.

موارد “قسد”

تسيطر على نصف الموارد السورية الاستراتيجية، بما في ذلك العديد من السدود أهمها تشرين والبعث، وحقول النفط ومعظم الأراضي الزراعية الخصبة في المنطقة.

تمتلك المنطقة التي تحتلها قسد معظم النفط السوري، حيث تنتج حوالي 100 ألف برميل يومياً. الرقم ممكن أن يكون صعوداً ونزولاً حسب المشاكل الفنية والأمنية وغيرها.

كما تمتلك “قسد” مورداً أمنياً مهماً تلوّح به دائماً وهو سجناء “داعش”، حيث تهول بإطلاق سراحهم في حال حدوث أي ثغرة ما، إضافة إلى قوتها العسكرية بسبب دعم التحالف الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأميركية.

نقاط ضعف “قسد”

إحدى أهم نقاط الضعف لدى “قسد” يعد ملف العشائر العربية، حيث بدأ بعض التململ بخصوص أداء “قسد”، حيث تم استثمار هذا التشنج من قبل النظام في سوريا وروسيا وإيران وتركيا من خلال عقد مصالحات ودعم. فالنظام في سوريا وروسيا يمكن أن يستفيدا من ذلك من أجل الضغط على أميركا واستنزافها، وفي المقلب الآخر إضعاف “قسد” وفرض تسوية معينة عليها.

أما التوجّه الإيراني إلى دعم العشائر في المنطقة، فهو استنزاف أميركا ضمن الاستراتيجية التي تبنّاها للحصول على نفوذ أكبر وتفاوض بشكل أفضل.

أما تركيا فتستثمر بهم لدعم نفوذها في هذه المنطقة وتحقيق أهدافها، وأهمها الضغط على الأميركي لتنفيذ وعوده بالخروج وتسليم المنطقة لتركيا، والقضاء على “قسد” التي تعتبرها تركيا امتداداً للحزب الديموقراطي الكردستاني في سوريا، وتحسين موقعها وتأثيرها في المشهد السياسي السوري خلال العملية السياسية، والضغط على الروسي، ودفعه إلى القبول بالرؤية السياسية التركية في سوريا.

المشهد المقبل لشمال شرق سوريا

تشكل المنطقة الشمالية الشرقية في سوريا إحدى أهم صور الصّراع المعقّدة، نتيجة كثرة الأطراف المتصارعين، من فاعلين أصلاء ووكلاء، وتناقض مصالحهم وتوجّهاتهم، وما تتضمّنه هذه الخارطة من موارد وثروات تمنح القوّة لمن يسيطر عليها، وبالتالي هناك سيناريوات مختلفة ستتأثر بها تلك المنطقة.

فالصراع الأقوى هناك بين القطبين الأميركي والروسي مع دور رئيسي تركي الذي لديه نفوذ مهم في شمال سوريا، وأي تسوية مقبلة سيكون جزءاً منه.

وكل منهم يعمل على تعزيز أوراق قوته لحين بدء مسار التسوية الأكبر بحيث يتمكن من كسب مصالح أكثر.

اميركا و”قسد”

الكثير يتساءل عن موقف أميركا من الأزمة السورية وخصوصاً بشأن “قسد” والكثير يتحدث أنه ما زال موقفها رمادياً، ولكن الرد على جميع تلك الأسئلة يأتي من خلال تعيين برييت ماكغورك أحد المدافعين الشرسين عن “قسد” ويعتبر تركيا خصماً، هو الذي استقال من منصبه عام 2018 جراء قرار ترامب الانسحاب من شمال شرق سوريا.

فأميركا تعتبر “قسد” أهم ورقة رابحة لديها، من جهة تعتبرها أهم حليف أمني في سوريا من خلال مواجهة داعش والحفاظ على سيطرتها في المنطقة الأهم استراتيجياً، حيث تمنح لها القرار في موضوع تموين سوريا خاصة بعد قانون “قيصر” والحصار الذي تفرضه على النظام، ومن جهة أخرى تضغط على روسيا في عدم تمكينها من إجراء اتفاق سياسي داخلياً من دون موافقة أميركية.

روسيا و”قسد”

تعد منطقة سيطرة “قسد” أهم حاجز لها لإجراء اتفاق سياسي محلي في سوريا، وتحاول روسيا استعمال سياسة العصا والجزرة معها، تارة تنشر قوات لمنع حدوث صدام مع قوات النظام، وتارة أخرى تتحاور وتدعم العشائر في قاعدة حميميم للضغط على “قسد” والتخفيف من نفوذها، وفي المقلب الآخر تعمل على تعزيز أطر التواصل بين النظام و”قسد” للحد من التوتر كما حصل منذ فترة قصيرة.

السيناريو الأكثر ترجيحاً

من غير المتوقع أن تشهد المرحلة القصيرة المقبلة حلاً جذرياً بخصوص شمال شرق سوريا، ومستقبل المنطقة يترنح بين سيناريوات مختلفة، ولكن الأكثر ترجيحاً مزيد من التشنج رغم الدبلوماسية الروسية وتعزيز قنوات التواصل بين النظام و”قسد”، ولكن ذلك لا يعني أن الحل بدأ، فهذا الملف متعلق بملفات استراتيجية مختلفة. ما بين الضغط الأميركي على سوريا والحد من النفوذ الروسي من جهة ومحاولة تحجيم تركيا من جهة أخرى، إضافة إلى شد الحبال بين أميركا وايران من جهة، عقب الحديث حول الاتفاق النووي.

هذه المنطقة الجغرافية مهما كانت التسويات لكن بالطبع لن تعود كما كانت قبل حصول الأزمة السورية، والسيناريو في سوريا قد يشبه الحل العراقي لأزمة الأكراد، ولكن سيتضمن تسوية بخصوص الموارد الغنية التي تمتلكها هذه البقعة.

روسيا الضعيفة اقتصادية و لكن دولة عظمى لماذا؟

منذ بداية التسعينيات شهد النظام العالمي تحولات جذرية نتج منها الانتقال من الثنائية القطبية إلى القطب الواحد بعد انهيارالاتحاد السوفياتي.أصبحت روسيا خلال تلك الاعوام أشبه بالرجل المريض، حيث كانت تتخبط داخلياً وذات نفوذ محدود خارجياً، ما فتح المجال أمام القوى العظمى وخاصة الولايات المتحدة الاميركية لاستغلال هذا المرض وتحويله إلى مزيد من مكامن النفوذ عالمياً. ولكن سرعان ما تمكنت روسيا من استعادة دورها كقوة كبرى بعد ان كانت دولة تابعة لأميركا خلال فترة بوريس يلسن.

خلفيّة

تبلغ مساحة روسيا حوالى 17 مليون كلم مربع وعدد سكانها نحو 145 مليون نسمة، تتألف من 21 جمهورية فدرالية اتحادية.

الاقتصاد الروسي لا يوازي موقعها السياسي، فإنتاجها المحلي حوالى 1.7 تريليون دولار (الصين 14 ترليون). رغم وجود موارد غنية مختلفة، فهي أكبر منتج للنفط وثاني أكبر مصدّر بعد المملكة العربية السعودية، ولديها أكبر احتياطي للغاز، فحوالى خمسين في المئة من إجمالي الموارد الميزانية الروسية من الطاقة، فهذا يدل على مدى اعتماد الاقتصاد الروسي على تصدير السلاح والطاقة ما يضعها في خانة الارتهان على أسعار النفط العالمية.

أحد المؤثرات السلبية على الاقتصاد الروسي هو عامل الطقس (إقفال الموانئ على سبيل المثال) وعامل عدد السكان حيث يعدّ منخفضاً ما يؤثر على الانتاج والاستهلاك، ويؤدي إلى عدم اقتحام السوق العالمية على صعيد الانتاج الالكتروني وغيرها من الصناعات.

أما المؤثرات الإيجابية فهي تمتلك أكبر طاقة علماء في العالم، وعشرات العلماء حازوا على جوائز نوبل في اختصاصات مختلفة، فهي اول دولة صعدت إلى الفضاء اضافة إلى الحس الوطني والانتماء في روسيا، حجم الانفاق لروسيا السادسة عالمياً ولكن من إيجابياتها ترشيد الانفاق بطريقة جيدة.

روسيا بين عامي 1991 – 2000

بعد انتهاء الحرب الباردة واضمحلال الاتحاد السوفياتي انتخب بوريس يلتسن اول رئيس لروسيا الاتحادية عام 1991 حيث ورث حقبة تحول من نظام القطبين إلى نظام عالمي جديد مبني على الرأسمالية.

هذا الواقع فرض على يلتسن الاندماج بهذا النموذج، وألزمه باتخاذ إجراءات درامية منها خفض الميزانية، تحرير الاسعار، رفع الدعم وخصخصة القطاع الاقتصادي، ما أدى إلى ارتفاع التوتر السياسي والاقتصادي والاجتماعي وإلى انخفاض الانتاج بالقطاع الزراعي والصناعي، فانخفضت الصادرات الروسية 50 في المئة وأصبحت تستورد 70 في المئة من المواد الغذائية، وبلغ العجز حوالى مئتي مليار دولار.

اما على الصعيد السياسي، فمع المتغيرات السياسية الدولية اضافة إلى التوترات السياسية الداخلية، وقناعة يلتسن بأن روسيا دولة غربية أدت إلى الالتحاق بالقطب الاميركي وخاصة أنه كان بحاجة إلى الدعم الخارجي، فبقت روسيا كذلك حتى مجيء بوتين رئيساً للجمهورية عام 2000.

روسيا وبوتين

ورث بوتين عام 2000 مرحلة ثقيلة جداً على الصعيدين السياسي والاقتصادي. بدأ منذ توليه السلطة بالإصلاح السياسي والاقتصادي الداخلي مكّنه من التخلص بنسب كبيرة من سيطرة المافيا، ومن تحقيق الاستقرار الداخلي، وحلّ مشكلة رئيسية تختص بالأمن القومي وهو موضوع الشيشان.

ففي نهاية عام 2001 كان أفضل أداء للاقتصاد منذ التسعينيات ما أدى إلى جلب الكثير من الاستثمارات، أما اليوم فروسيا في المرتبة 11 اقتصادياً على الصعيد العالمي وكانت في مرتبات افضل خلال فترة غلاء اسعار النفط عالمياً.

أما على الصعيد السياسي، فتمكن بوتين من تفعيل دور روسيا عالمياً، واستطاع من إظهار طاقتها وتفعيل نقاط قوتها مثل الواقع الجيو- سياسي، العسكري، التكنولوجي والطاقوي، ما سمح له بمزاحمة الدول العظمى في مناطق جغرافية مختلفة قريبة وبعيدة عنها. تبنى بوتين في العلاقة مع الغرب منطق الشراكة لا الحلف.

روسيا اليوم

ما يؤرق الامن القومي الروسي هو أسعار النفط حيث يرتكز الاقتصاد الروسي على الطاقة وموضوع التطرف والاعمال الارهابية. أما في المقلب الآخر فروسيا تسعى جاهدة لفرض نفسها في السياسة العالمية وتسعى لنظام عالمي متعدد الاقطاب مثل الصين. وتعتبر روسيا ان البداية تكون من تزّعم منطقة أوراسيا فيمكنها عندئذ من فرض قرارها دولياً.

تعتمد روسيا على منطق القوة الناعمة في المرحلة الحالية، وهي وسيلة مختلفة عن طريقة الاتحاد السوفياتي المرتكزة على بناء قواعد عسكرية، أما على الصعيد الاقتصادي فتعمد إلى توسيع علاقاتها من خلال دخول منظمات مختلفة مثل شانغهاي ورابطة الدول المستقلة اضافة إلى اتفاقات جانبية مع دول مختلفة مثل الصين والهند واليابان.

ولكن لكي تصل روسيا إلى ما تصبو إليه، عليها مواجهة معضلات مختلفة، وبقدر ما تتمكن من تخفيف تأثيرها بقدر ما تنافس أكثر مستقبلياً، مثل فرض نفوذ غربي سياسي في الدول المجاورة لها، حلّ المعضلات الاقتصادية حيث ارقام التضخم تزداد وسعر النفط ينخفض لأسباب مختلفة، حلّ المعضلة السكانية إذ من المتوقع عام 2050 ان يصبح عدد سكان روسيا 22 مليوناً فقط، اضافة إلى المعضلة الأمنية وهي الوجود الاميركي والناتو بالجوار، إضافة إلى المعوقات الامنية الداخلية.

أميركا و الصين و الحروب المحتملة بين الطرفين

العلاقات الثنائية بين الحكومتين الأميركية و الصينية تمتد منذ القرن الثامن عشر. كانت العلاقات بين البلدين معقدة، وتأرجحت بين الإيجابية والسلبية. توطدت العلاقات الاقتصادية بشكل سريع بعد عام 1980. اتخذت العلاقة شكل التعاون الاقتصادي، التنافسي، والشك المتبادل حول نوايا بعضهما البعض. لذلك، تبنّت كل دولة موقفاً حذراً تجاه الأخرى كخصم محتمل. ولكن باتت تُعتبر هذه العلاقة الأقوى في القرن الحادي والعشرين.

التدهور السريع للعلاقات

تراجعت العلاقات بشكل كبير في عهد الرئيس دونالد ترامب، وخاصة منذ بدء الحرب التجارية الأميركية الصينية، بدأ المراقبون السياسيون في التحذير من إندلاع حربٍ باردة جديدة. بحلول أيار مايو 2020، شهدت العلاقات تراجعاً جديداً، حيث كان لكِلي الجانبين حلفاء لمهاجمة الآخر، في ما يتعلق بمسؤولية نشر جائحة كورونا العالمية.

كما ذكر جون ريد كليف مدير المخابرات الوطنية في صحيفة وول ستريت جورنال، وهو أهم كاتب استخباراتي في اميركا، ان الصين تشكل الخطر رقم واحد على اميركا، وإنها تحاول السيطرة على الارض عسكرياً واقتصادياً و تقنياً.

الخلاف الجيو- سياسي الآسيوي

قضية هونغ كونغ

ألغت وزارة الخارجية الأميركية الوضع التجاري الخاص الذي كانت تتمتع به هونغ كونغ كمركز مالي عالمي، لأنها لم تعد مستقلة بما فيه الكفاية عن الصين. وكانت وراء الإجراء خطة أقرها مجلس الشعب الصيني في ايار 2020 لفرض قانون للأمن الوطني على المدينة.

قضية الأويغور

وّجّهَت إدارة ترامب انتقادات مباشرة للصين، واتهمتها باعتقال أعدادٍ كبيرة من مسلمي الأويغور والأقليات الأخرى في مقاطعة شينجيانغ الصينية. كما فَرَضَ الكونغرس الاميركي عقوبات على المسؤولين الصينيين بسبب عمليات الاعتقال الجماعي.

وضع تايوان

تعتبر الصين أن تايوان الديموقراطية التي تتمتع بالحكم الذاتي، جزءاً من أراضيها التي ستستعيدها يوماً من الايام بالقوة إذا لزم الأمر. لكن واشنطن هي الحليف الرئيسي للجزيرة وتزودها بالأسلحة، من دون أن تعترف بها دبلوماسياً، وبكين تستنكر أي مبيعات أسلحة أو إتصالات رفيعة المستوى بين اميركا وتايوان.

المواجهة في بحر الصين الجنوبي

تواجهت الولايات المتحدة والصين أيضاً حول بحر الصين الجنوبي، وهو ممر مائي غني بالموارد، ومصدر للنزاع في المنطقة. وتؤكد الصين أحقيتها على معظم البحر الذي بنت فيه جزراً اصطناعية لتعزيز قوتها في المنطقة. وتقوم السفن الحربية الأميركية بتمارين تحت مسمى “حرية الملاحة” في البحر، وتُبْحِرُ بالقرب من المعالم التي تؤكد الصين أحقيتها بها، فتؤجج غضب بكين.

اضافة الى تلك الخلافات، نضيف موضوعين مهمين ايضاً، التمايز في ملف كوريا الشمالية، حيث إتّهَمت واشنطن الصين بخرق عقوبات الأمم المتحدة على كوريا الشمالية. والأمر الآخر قضية إقليم التِبِتْ ودفاع الولايات المتحدة عن الدالاي لاما، القائد الروحي لمنطقة التبت، الذي يعيش في المنفى في الهند. والتبت هي مملكة الهيمالايا السابقة في أقصى غرب الصين.

الصراع التكنولوجي وهواوي الواجهة

إتَّهمت الإدارات الأميركية المتعاقبة الصينَ بسرقة التقنيات الأمريكية، و صَعّدَ البيت الابيض بإدارة ترامب الإتهامات من خلال سعيه إدراج شركة هواوي على القائمة السوداء الدولية، بذريعة انها تخترق البنية التحتية للإتصالات في بعض الدول لمصالح استراتيجية، وإنها انتهكت العقوبات الاميركية على ايران، و انها قادرة على التجسس على عملائها.

في المقابل تقول هواوي إن واشنطن تريد إحباط نموّها، لأنه لا توجد شركة أميركية تُقدّم نفس التكنولوجيا بسعر منافس. هذا ناهيك عن الإتهامات الاميركية عبر مدير المخابرات الوطنية جون ريد عن تجنيد الصين لعلماء في اميركا للتعامل مع الاقتصاد الصيني، و ليس فقط على الصعيد الاقتصادي، بل تتهمها بسرقة تكنولوجيات عسكرية.

مستقبل العلاقة بين اميركا والصين

عندما يحدث تحوّل أو إشتباك سياسي بين قطبين عالميين، نذهب إلى واحد من سيناريوهين: الأول يتجة الى إشتباك عسكري مباشر او غير مباشر. والثاني يحصل بانتقال سَلِسْ مثلما حصل بين بريطانيا العظمى واميركا.

مما لا شك فيه إننا نعيش صراعاً بين البلدين ولكنه لم يتحوّل الى مواجهة عسكرية حتى الان، إلاّ أن المواجهات تحصل بوسائل اخرى تجارية، عسكرية وتكنولوجية.

ان ازدهار الاقتصاد الصيني وهو القوة الاقتصادية الثانية في العالم، ويُنافس الولايات المتحدة الأميركية على الريادة الاقتصادية العالمية، يفسح أمام الصين المجال في تطوير قدراتها العسكرية، حيث تخطّت ميزانية الصين العسكرية 170 مليار دولار عام 2018، مقابل 77 ملياراً فقط عام 2007. وارتبطت بالزيادة العسكرية زيادة أعداد الجنود لتتخطى المليونين. وإن استمر الوضع كما هو عليه ستصبح الصين القوة الاقتصادية الاولى في العالم.

ومن هنا بعض الساسة في اميركا يُصرّحون بإنه إما يبدأوا بالحد من نفوذ الصين الآن، وإما يكون قد فات الاوان، وهذا الخطاب لا يختلف بين الحزبين الديموقراطي و الجمهوري. ولكن فقط التكتيك يختلف. فترامب واجَهَ تحت شعار اميركا اولاً، و بايدن سيواجه من خلال تعزيز علاقته مع الحلفاء الاستراتيجيين لمواجهة المد الصيني.

في المستقبل القريب من الصعب ان نتحدث عن مواجهة مباشرة عسكرية، ولكن ممكن ان نشهد في مناطق التوتر و خاصة في المنطقة الجغرافية القريبة للصين، بعض المواجهات او توتراً امنياً لأن الصين ستحاول تثبيت سيطرتها في تلك المنطقة، ومحاولة نزع أوراق القوة من يد أميركا، كما فعل الاميركيون في سيطرتهم على الاميركيتين. وسياسة شَدّ الخناق على الصين ستستمر من قِبَل اميركا في المحاور التي تحدثنا حولها سابقاً. وهذا الصراع قد يساهم في تغيير النظام العالمي الجديد، على الصعيد التحالفات السياسية والاقتصادية و المالية.

تجار الهيكل

أقر مجلس الوزراء في فبراير/شباط 2002 مشاريع قوانين لتعديل المرسوم الاشتراعي الصادر في 1967، وتعديلاته في العام 1975، وأحاله الى مجلس النواب لدراسته واقراره. كما أقرّ قانون إلغاء الحماية عن الوكالات الحصرية في مجلس النواب في يناير/كانون الثاني 2004، على أن يصبح سارياً بعد أربع سنوات من تاريخ إقراره، قبل أن يردّ رئيس الجمهورية السابق إميل لحود القانون إلى مجلس النواب. وأودع البرلمان أيضاً مشروع قانون في العام 2007 يهدف الى تنظيم المنافسة، لكنه لم يُقرّ حتى الآن.

القانون الجديد

في أواخر العام الماضي، أنجز وزير الاقتصاد السابق منصور بطيش مشروع قانون المنافسة وأرسله الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء. كان من المفترض أن يعمد وزير الاقتصاد الحالي راوول نعمة الى سحب المشروع ودراسته إذا ما كان من تعديل يذكر لتحسينه وجعله أكثر ملاءمة مع الانهيار الاقتصادي الحاصل. الا أن نعمة الذي أدخل تعديلات طفيفة عليه لا تمس بالجوهر.غير أن وزير اقتصاد وضّب مشروع القانون في أدراج الوزارة بدلاً من إرساله مجدداً الى مجلس الوزراء، لا لشيء سوى لرضوخه لـلمحتكرين.

لبنان و الاحتكار

تفرض الاحتكارات إرتفاعاً باهظاً بأسعار سلع أساسية لا بديل عنها، مثل الاسمنت المحتكر من ثلاث شركات محلية في الداخل  تبيع الاسمنت  بسعر 90 دولار اميركي للطن الواحد، بينما يتم تصديره بسعر أقل يصل الى 40 دولار اميركي الى خارج لبنان، ويمنع القانون استيراد الاسمنت. كذلك تفرض الاحتكارات ارتفاعاً في أسعار الادوية، وخصوصاً الادوية التي لا بديل لها (جنريك) ويقدر عددها بنحو 400 دواء… وقد استثنى القانون كل شيء يتعلق بالمواد الغذائية التي باتت خارج الوكالات الحصرية.

وينسحب الامر أيضاً على أسعار الفيول والمحروقات والمشتقات النفطية والغاز المنزلي، وتمس أسعارها المرتفعة بسبب الاحتكارات جميع المواطنين وفي مقدمهم ذوي الدخل المحدود، ويتم الاتفاق على الاسعار بين أعضاء تلك الكارتيلات، ويمنع أي طرف آخر من استيراد تلك المواد منعاً لتخفيض الاسعار.

ولا يُخفى أن كارتيلات الغاز والادوية والمحروقات يصعب على أي طرف مواجهتها، بالنظر الى انها تتحكم بالسوق وبأسعاره، وتمنع المنافسة فيه، وهو الحال الذي تنسحب عليه قضية عدم اقرار قانون المنافسة المرتبط بضغوط تمارسها بعض الكارتيلات في عدة قطاعات على السياسيين.

وتغوّلت الوكالات الحصرية في السوق، حيث سجل مستوى الحرّية الاقتصادية في لبنان 51.1 نقطة في مؤشر العام 2019، متراجعا عن العام 2018 حيث سجل 53.2 نقطة ما يجعله يأتي في المرتبة 154 عالميا، بحسب مؤشّر الحرّية الاقتصادية، الصّادر عن مؤسسة البحوث العالمية ” هاريتاج فوندايشن” ويقوم بقياس درجة الحرية الاقتصادية في 186 دولة.

احتكار الدولار

ممكن ان نقول ان “لعبة الدولار” بيد وكيل الإمارة “حاكم مصرف لبنان” و هي احد مكامن الاحتكار في لبنان في وقتنا الحالي حيث يتحكم بالسوق بضعة اشخاص يخفضون و يرفعون قيمة الليرة اللبنانية حسب مصالحهم، تارة تكون لاسباب سياسية و تارة لاسباب مالية. فهؤلاء يلعبون بالمواطن و ممكن ان نقول ان رفع و تخفيض قيمة الليرة يكون وهمي و لكنه النتيجة واحدة اخذ العملة الصعبة من المواطن اللبناني و خفض قيمة اموال المودعين في المصارف اللبنانية  بسبب الحجز و الهدرها من قبل ساسة لبنان و خوفا على مصالحهم  في والقت الحالي محاولين ضخ الايجابية من خلال تعاميم الامارة المذكورة “ضخ دولارات المواطن” في الاسواق لكي يهبط سعر الصرف في الاسواق.

تقديم اوراق الاعتماد

ان ارتكاب جرائم الاحتكار تعد اقصى انواع الجرائم لانها ساهمت و تساهم في القضاء على جنى عمر المواطنين و سببت فلتان في سوق الصرف و بالتالي ارتفاع نسب الفقر و البطالة في البلد.

انها جريمة منظمة ترتقي الى درجة الاعتداء على الامن القومي الاجتماعي ، و بهذا يكون حاكم مصرف لبنان قد قدم اوراق اعتماده مجددا و ديمومته في هذا العمل او تقاعد مبكر دون محاسبة.