الفيول قد يولع الشارع اللبناني مجددا

لا يوجد اثنان في لبنان يختلفان على ان لبنان يعيش ابشع الظروف منذ تأسيس لبنان الكبير حتى اليوم، نعيش في زمن المصالح والمحاصصة السياسية، هذه الذهنية التي ادت الى اسقاط ما تبقى من هيكل الدولة، نمر من ازمة الى ازمة، من انهيار الى انهيار، من ذل الى ذل من دون اذان صائغة، من دون الاحساس بمعانات المواطن ضمن وضع سياسة الأنا وليس لبنان اولا.

مسؤولية المواطن

لا يمكن ان نجلد الطبقة السياسية من دون ان نضع المسؤولية على المواطن المستسلم الى هذا الواقع المؤسف والمذري، وهذا الاستسلام ان لم ينتفض قد يودي به الى موت سريري او العيش تحت لواء الذل بين الكرتونة من هنا، والوقوف بالطابورمن هناك وعدم الحصول على الدواء من هنا والقتال على حليب الاطفال من هناك.لا لا ليس هذا لبنان الذي نعرفه، لبنان ليس بخير.

اسباب الازمة

الازمة تندرج اليوم بين الصراع على تحميل المسؤوليات وتوزيع الخسائر، النزاع على الصلاحيات خصوصا ان كل المؤشرات تشير اننا متجهون الى عقد اجتماعي جديد، وايضا بدء الحملات الانتخابية مبكرا بخصوص البرلمانية والرئاسية. كل تلك الامور ستجعل اللبنانيون يعيشوا بفترة جحيم تارة لا يوجد اموال لدى حاكم مصرف لبنان وتارة يوجد، تارة يفتح ملف قضائي للحاكم نفسه وتارة يوضع في الادراج، وتارة يوجد مبادرة للرئيس بري وتارة يكون الرئيس نفسه في المواجهة مع الرئيس عون، وتارة هناك ثورة وتارة الثورة نائمة.

لبنان في مرحلة رسم مشهد سياسي جديد يتم التفاوض من خلال حاجات المواطن، يتم النقاش عبر البيانات التافهة وكاننا نعيش في مدرسة اسمها دولة لبنان.

هذا الاداء السيء في ادارة الازمة قد يودي في الختام الى التفاوض بالشارع قد يدخل الحابل بالنابل بين المصالح السياسية وبين غضب المواطن الفعلي.

الانقسامات السياسية

منذ فترة ويعيش المواطن اللبناني ابشع مشاهد الذل ويأتيك تصريح فولاذي من قبل وزير الطاقة، من لا يتمكن تعبئة البنزين فليجد وسيلة اخرى، كأننا نعيش في لبنان الذي يحلم به اللبنانيون بخصوص النقل العام، مترو بين بيروت وجبيل وباصات نقل عامة في كافة المناطق ووو.

لكن هذه المشاهد ستزداد في المرحلة المقبلة للاسف، ولكن في ظل سياسة الزكزكات بين الافرقاء المتصارعين لا نعلم متى تأتي ساعة الصفر لقلب الطاولة في ظل وجود محورين الرئيسين بري والحريري والوزيرين السابقين جنبلاط و فرنجية اضافة الى حاكم مصرف لبنان من جهة والرئيس عون والتيار الوطني الحر من جهة اخرى وضابط الايقاع حزب الله يتدخل عند انفلات الامور. ولكن حرب الالغاء السياسية بين الطرفين لن تستمر ضمن هذا النطاق فقط، فان استمر الوضع كما هو عليه ستختلف التقنيات والوسائل.

هذا ناهيك عن المتغيرات الخارجية والتسويات السياسية بين اميركا وروسيا، اميركا و ايران، ايران والسعودية والسعودية وسوريا قد تساهم في تغير واضطراب المشهد الداخلي.

ازمة البنزين

حل ازمة البنزين في لبنان لن يكون عبر وقف الاحتكار وتوفير حوالي مبلغ خمسمئة مليون دولار سنويا ممكن استعمالها لدعمه، ولن يكون عبر الحد من هدر المال العام او استرداد الاموال المنهوبة، ولا عبر تطبيق خطة وقف التهريب النائمة في ادراج وزارة الاقتصاد منذ عام حسب مصدر في نقابة اصحاب المحطات،ولا عبر توقيف سياسة الاحتكار في مواد مختلفة في الوطن المقهور، بل سيكون مجددا على حساب المواطن. الحل هو ان تصبح سعر صفيحة البنزين على سعر 3900 ليرة لبنانية لعدة اشهر بينما يتم اقرار البطاقة التمويلية.

لكن حسب التجارب لا يوجد التزام حتى بما يقره مصرف لبنان، وارتفاع صفيحة البنزين الى 65 الف ليرة في المرحلة الاولى قبل رفع الدعم الكلي حيث ستصبح 12 دولارا حسب السوق السوداء فحسب سعر اليوم ستصبح حوالي 200 الف ليرة، ستؤدي الى ارتفاع اسعار السلع بشكل هستيري والى مزيد من ارتفاع نسب الفقر في البلاد.

الغضب الشعبي

السكوت على الواقع المذري في لبنان اصبح في رمقه الاخير منها لاسباب اقتصادية واجتماعية واخرى لاسباب سياسية في ظل ارتفاع منسوب التوتر بين الافرقاء المتخاصمين والمتغيرات الاقليمية. وهذا سيأخذنا الى سيناريوهات مختلفة اما حدوث غضب شعبي بسبب ارتفاع سعر البنزين وانقطاع الكهرباء ومن بعدها نصل الى حل سياسي وتشكيل حكومة برئاسة الرئيس المكلف واحتماله ضعيف، اما استقالة الرئيس المكلف وحدوث فوضى عارمة في البلاد، اواستقالة الرئيس المكلف بعد حدوث الغضب الشعبي ويأتي تماشيا مع غضب الناس، وفي السيناريوهات الثلاثة لا يمكن تشكيل حكومة حل من دون حل مشكلة النظام الاساسية والتوجه نحو شكل ادارة جديد قادران يطبق الاصلاحات، وكانت واضحة رسالة المبعوث الاوروبي بوريل، وفي الثلاثة ايضا نحن متجهون الى حكومة انتخابات وبالتالي من المرجح ان الحريري يكون خارج معادلة التشكيل.

في السيناريوهات الثلاثة لبنان سيمر بالفوضى شئنا ام ابينا ومن بعدها ممكن تحديد شكل الحل حسب التوازنات الداخلية والخارجية، فكيف سيكون الحل وعلى حساب من؟