ماذا على مائدة بايدن و بوتين

إن عدنا قليلا الى الوراء نرى مشهد قاتم للعلاقات الاميركية-الروسية من اتهامات متبادلة بين الرئيسين، ازمة دبلوماسية، عقوابات اميركية، وحرب باردة في بقع جغرافية مختلفة وخاصة في المناطق المجاورة لروسيا والشرق الاوسط. لكن هذه الحرب يبدو انها ليست لمصلحة الطرفين من جهة روسيا لديها ازمة اقتصادية ولا تريد معركة تستنزفها اكثر ومن جهة اخرى الولايات المتحدة لديها هوس تنامي النفوذ الصيني. فمن هنا يعمل الاميركي على ضبط الايقاع لاهم حليفين استراتيجيين للصين ايران وروسيا.

كسر الجليد

بعد حصول التوتر الشديد بين اميركا وحلف الناتو من جهة و روسيا من جهة اخرى شرقي اوكرانيا اخذ الرئيس جو بايدن المبادرة واتصل بنظره الروسي فلاديمير بوتين لعقد قمة ثنائية، ومن بعدها تابع وزيري خارجية البلدين الملف وتم تفويض الملف الى السفراء المختصين سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيقولاي باتروشيف، ومستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان.

عنوان المفاوضات

صرح وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف ان عنوان المفاوضات هي الاستقرار الاستراتيجي في جميع انحاء العالم، فمن هذه العبارة  ممكن التكهن المادة الدسمة التي ستكون على طبق المفاوضات التي ترمز الى القضايا العسكرية والسياسية والاقتصادية العالقة بين البلدين فإن نجحت ممكن ان تؤدي الى قلب الموازين في بقع جغرافية مختلفة والى تسويات في بقع اخرى.

ابرز نقاط الخلاف

الفجوة بين البلدين كبيرة في ظل عوامل تاريخية سياسية وعسكرية فرضت نفسها على المتنافسين، ولكن ممكن وضع اول طبق على المفاوضات هو روسيا والجوار وابرزها اوكرانيا حيث ستحاول روسيا قدر استطاعتها إقناع الجانب الأميركي بالضغط على أوكرانيا للعودة إلى اتفاقيات مينسك، ومنح إقليم الدونباس حكماً ذاتياً موسّعاً في إطار أوكرانيا. اضافة الى علاقة روسيا مع حلفاء اميركا في تلك البقع الجغرافية حيث تمكنت من زرع انظمة حليفة لها خلال فترة الاحادية، وتعتبره روسيا يهدد امنها القومي والاستراتيجي.

الوجبة الثانية هي الاتفاقيات المشتركة بين البلدين ان كانت دولية  مثل اتفاقية الاجواء المفتوحة التي انسحبت منها روسيا التي تسمح بتسيير رحلات جوية غير مسلحة فوق عشرات الدول الموقعة على الاتفاق، اضافة الى الاتفاقات الثنائية بين البلدين ان كانت اقتصادية او بيئية او سياسية او الكترونية حيث اتهمت اميركا وقوف روسيا وراء حملة قرصنة ضخمة على وكالات حكومية ومراكز صناعة القرار، وطبعا موضوع رفع العقوبات الاقتصادية.

الوجبة الثالثة في ظل عودة بايدن واهتمامه بعودة مؤسسات النظام العالمي من المتوقع ان يتخلل الحوار الثنائي دور مجلس الامن والقرارات التي لا تنفذ، تفعيل عمل الرباعية الدولية بشأن القضية الفلسطينية التي تضم الولايات المتحدة الاميركية، روسيا، الاتحاد الاوروبي وهيئة الامم المتحدة. 

الوجبة الرابعة تتضمن الواقع السياسي في منطقة الشرق الاوسط وابرزها سوريا وليبيا، سوريا من جهة خارجة من انتخابات رئاسية وتبحث روسيا عن تسوية لها تعيد الاوكسجين الاقتصادي وتسوية سياسية مع اميركا قد تؤدي الى نظام شبه فيدرالي طالما لن يتمكن النظام خلال المرحلة القادمة من السيطرة على شرق سوريا ذو دعم اميركي وادلب ذو دعم تركي وبالتالي روسيا اولويتها في المرحلة الحالية عودة سوريا الى الكنف العربي والدولي، وبدء مشوار اعادة الاعمار من خلال مؤتمرات دولية وعربية وبالتالي عودة الاستقرار من دون استنزاف لروسيا لا اقتصاديا ولا عسكريا. وفي المقلب الاخر روسيا مهتمة في الملف الليبي ولكنها تمشي بين الالغام تدعم من هنا وتساوم من هناك ولكنها لن تخرج من النفق الليبي الا بدور مهم من خلال التسويات السياسية المقبلة.

الوجبة الخامسة ستكون متعلقة بالمفاوضات مع ايران وبحث نقاط الخلاف الباقية وكيفية الوصول الى اتفاق نهائي، اضافة الى مؤثراته السياسية في المنطقة حيث سيتم البحث في كيفية لعب روسيا دور ضابط الايقاع او الضمانة في بقع جغرافية حساسة مثل امن اسرائيل ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة.

الوجبة السادسة ستتضمن نتائج جائحة كورونا الصحية والاقتصادية وكيفية تعزيز اطر التعاون لتحقيق استقرار صحي واقتصادي في العالم مما يعزز دور البلدين وخاصة ان هناك هاجس اميركي من تزعزع النظام النقدي العالمي وستبذل كل جهدها في عدم خسارة موقعها الاول في النظام النقدي حيث ممكن القول ان الدولار اصبح متزعزع ان اردنا العودة الى الارقام خلال الاشهر الماضية.

النتائج المتوقعة

لا يمكن الحديث انه من اللقاء الاول سنشهد متغيرات سياسية فما زلنا في صلب التفاوض، ولكن الاتفاق هو حاجة للطرفين لاسباب ذكرناها سابقا، وبالتاكيد ان حصل اي اتفاق ثنائي سيؤدي الى مشهد سياسي جديد في بقع مختلفة من انحاء العالم وخاصة في الشرق الاوسط لانها منطقة نزاعات وتنتظر التسويات الكبرى. ولكن الاسئلة التي ممكن ان نطرحها من سيدفع ثمن اي اتفاق ثنائي؟ وماذا سيكون تأثيره على القوى الاقليمية والدولية ؟ وهل سيكون الاتحاد الاوروبي جزء من الاتفاق؟ والسؤال الاهم كيف سيكون الرد الصيني لمحاولة ضبط ايقاع حلفاءها الاستراتيجيين؟