مقالات

ماذا على مائدة بايدن و بوتين

إن عدنا قليلا الى الوراء نرى مشهد قاتم للعلاقات الاميركية-الروسية من اتهامات متبادلة بين الرئيسين، ازمة دبلوماسية، عقوابات اميركية، وحرب باردة في بقع جغرافية مختلفة وخاصة في المناطق المجاورة لروسيا والشرق الاوسط. لكن هذه الحرب يبدو انها ليست لمصلحة الطرفين من جهة روسيا لديها ازمة اقتصادية ولا تريد معركة تستنزفها اكثر ومن جهة اخرى الولايات المتحدة لديها هوس تنامي النفوذ الصيني. فمن هنا يعمل الاميركي على ضبط الايقاع لاهم حليفين استراتيجيين للصين ايران وروسيا.

كسر الجليد

بعد حصول التوتر الشديد بين اميركا وحلف الناتو من جهة و روسيا من جهة اخرى شرقي اوكرانيا اخذ الرئيس جو بايدن المبادرة واتصل بنظره الروسي فلاديمير بوتين لعقد قمة ثنائية، ومن بعدها تابع وزيري خارجية البلدين الملف وتم تفويض الملف الى السفراء المختصين سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيقولاي باتروشيف، ومستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان.

عنوان المفاوضات

صرح وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف ان عنوان المفاوضات هي الاستقرار الاستراتيجي في جميع انحاء العالم، فمن هذه العبارة  ممكن التكهن المادة الدسمة التي ستكون على طبق المفاوضات التي ترمز الى القضايا العسكرية والسياسية والاقتصادية العالقة بين البلدين فإن نجحت ممكن ان تؤدي الى قلب الموازين في بقع جغرافية مختلفة والى تسويات في بقع اخرى.

ابرز نقاط الخلاف

الفجوة بين البلدين كبيرة في ظل عوامل تاريخية سياسية وعسكرية فرضت نفسها على المتنافسين، ولكن ممكن وضع اول طبق على المفاوضات هو روسيا والجوار وابرزها اوكرانيا حيث ستحاول روسيا قدر استطاعتها إقناع الجانب الأميركي بالضغط على أوكرانيا للعودة إلى اتفاقيات مينسك، ومنح إقليم الدونباس حكماً ذاتياً موسّعاً في إطار أوكرانيا. اضافة الى علاقة روسيا مع حلفاء اميركا في تلك البقع الجغرافية حيث تمكنت من زرع انظمة حليفة لها خلال فترة الاحادية، وتعتبره روسيا يهدد امنها القومي والاستراتيجي.

الوجبة الثانية هي الاتفاقيات المشتركة بين البلدين ان كانت دولية  مثل اتفاقية الاجواء المفتوحة التي انسحبت منها روسيا التي تسمح بتسيير رحلات جوية غير مسلحة فوق عشرات الدول الموقعة على الاتفاق، اضافة الى الاتفاقات الثنائية بين البلدين ان كانت اقتصادية او بيئية او سياسية او الكترونية حيث اتهمت اميركا وقوف روسيا وراء حملة قرصنة ضخمة على وكالات حكومية ومراكز صناعة القرار، وطبعا موضوع رفع العقوبات الاقتصادية.

الوجبة الثالثة في ظل عودة بايدن واهتمامه بعودة مؤسسات النظام العالمي من المتوقع ان يتخلل الحوار الثنائي دور مجلس الامن والقرارات التي لا تنفذ، تفعيل عمل الرباعية الدولية بشأن القضية الفلسطينية التي تضم الولايات المتحدة الاميركية، روسيا، الاتحاد الاوروبي وهيئة الامم المتحدة. 

الوجبة الرابعة تتضمن الواقع السياسي في منطقة الشرق الاوسط وابرزها سوريا وليبيا، سوريا من جهة خارجة من انتخابات رئاسية وتبحث روسيا عن تسوية لها تعيد الاوكسجين الاقتصادي وتسوية سياسية مع اميركا قد تؤدي الى نظام شبه فيدرالي طالما لن يتمكن النظام خلال المرحلة القادمة من السيطرة على شرق سوريا ذو دعم اميركي وادلب ذو دعم تركي وبالتالي روسيا اولويتها في المرحلة الحالية عودة سوريا الى الكنف العربي والدولي، وبدء مشوار اعادة الاعمار من خلال مؤتمرات دولية وعربية وبالتالي عودة الاستقرار من دون استنزاف لروسيا لا اقتصاديا ولا عسكريا. وفي المقلب الاخر روسيا مهتمة في الملف الليبي ولكنها تمشي بين الالغام تدعم من هنا وتساوم من هناك ولكنها لن تخرج من النفق الليبي الا بدور مهم من خلال التسويات السياسية المقبلة.

الوجبة الخامسة ستكون متعلقة بالمفاوضات مع ايران وبحث نقاط الخلاف الباقية وكيفية الوصول الى اتفاق نهائي، اضافة الى مؤثراته السياسية في المنطقة حيث سيتم البحث في كيفية لعب روسيا دور ضابط الايقاع او الضمانة في بقع جغرافية حساسة مثل امن اسرائيل ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة.

الوجبة السادسة ستتضمن نتائج جائحة كورونا الصحية والاقتصادية وكيفية تعزيز اطر التعاون لتحقيق استقرار صحي واقتصادي في العالم مما يعزز دور البلدين وخاصة ان هناك هاجس اميركي من تزعزع النظام النقدي العالمي وستبذل كل جهدها في عدم خسارة موقعها الاول في النظام النقدي حيث ممكن القول ان الدولار اصبح متزعزع ان اردنا العودة الى الارقام خلال الاشهر الماضية.

النتائج المتوقعة

لا يمكن الحديث انه من اللقاء الاول سنشهد متغيرات سياسية فما زلنا في صلب التفاوض، ولكن الاتفاق هو حاجة للطرفين لاسباب ذكرناها سابقا، وبالتاكيد ان حصل اي اتفاق ثنائي سيؤدي الى مشهد سياسي جديد في بقع مختلفة من انحاء العالم وخاصة في الشرق الاوسط لانها منطقة نزاعات وتنتظر التسويات الكبرى. ولكن الاسئلة التي ممكن ان نطرحها من سيدفع ثمن اي اتفاق ثنائي؟ وماذا سيكون تأثيره على القوى الاقليمية والدولية ؟ وهل سيكون الاتحاد الاوروبي جزء من الاتفاق؟ والسؤال الاهم كيف سيكون الرد الصيني لمحاولة ضبط ايقاع حلفاءها الاستراتيجيين؟

ماذا ستختار الطبقة السياسية في لبنان الانهيار كامل ام تطبيق الاصلاحات؟

الشعب قال كلمته منذ تشرين الاول 2019 في موضوع تغيير الواقع المذري من هدر للاموال العامة و الفساد و كيفية ادارة مرافق الدولة، و لكن للاسف السلطة ما زالت في زمن ما قبل الانتفاضة الشعبية تراهن على التسويات الخارجية و تبيع و تشتري بشعبها الغاضب على ممارساتها الخاطئة، فتحاول مجددا تدفيعه الثمن بعدما دفعه في مرحلة ما قبل الانهيار.

لبنان و الانهيار

لم يتوقع احدا ان لبنان الذي كان منارة للشرق ان يصبح بمشهد شبه فنزويلي، هل هذا لبنان الذي يفتخر مواطنيه في كافة اصقاع العالم بهويتهم؟ هل هذا لبنان الذي نجح ابناؤه في كافة انحاء العالم؟ هل هذا لبنان الذي كان مرقدا للسياحة؟ هل هذا لبنان جبران خليل جبران او رمال حسن الرمل او مايك دبغي؟ هل هذا هل هذا هل هذا…

اصبحنا نتنافس مع دول تحت خط الانهيار ان ذهبنا الى الحد الادنى للاجور نجن في اخر القائمة فموريتانيا على سبيل المثال 111 دولارا و لبنان حوالي 66 دولارا، مرتبة الفساد 138 من اصل 180، نسب الفقر منافسة بشكل كبير حسب اخر تقارير دولية اكثر من نصف الشعب اللبناني دون خط الفقر، اما على صعيد المؤسسات التجارية فاكثر من 50 بالمئة ستقفل ابوابها.

غضب الشارع

هذا الغضب الذي نشهده اليوم هو اثر احتقان سياسي،اقتصادي واجتماعي وقد اعطيت هذه السلطة الفرصة لاطلاق ذمام المبادرة خلال عام 2020 و لكن للاسف ما حاولت ان تفعله هو  محاولة اعادة صياغة نفسها، ما ادى الى ما وصلنا له اليوم و الشارع مستمر حتى حدوث مبادرة تشفي غليله و هذه المرة محاولة شراء الوقت ستدفعهم الثمن اكثر لان حتى بيئتهم الداعمة كفرت بالوضع القائم.

الطروحات السياسية

بيان بعبدا كان بلا لون و هو لذر الرماد بالعيون و لحلول وهمية، هل محاربة التطبيقات الالكترونية هو الحل في لبنان؟ مضحكة ومبكية الحلول المطروحة، المواطن ينتظر اكثر من ذلك باشواط ينتظر سلطة قوية وجريئة تعمل على انقاذه ولا يريد حلولا نوصفها بالترقيع او بالحلول الجزئية.

الواقع السياسي

حزب الله متفرج و يحاول ربط النزاع بين حلفاؤه و حتى المرحلة الحالية ممكن ان نقول انه منتظر الضوء الاخضر اقليميا ليبدء بفك النزاع، و هناك بعض المؤشرات انه بدء بمسار حلحلة العقد بعد طرح التدويل من قبل البطرك الراعي حيث اصبح من مصلحته وجود حكومة اخرى لتمرير الوقت بشكل افضل من سابقاتها، على ان يبقى الوضع كما هو عليه حيث ممكن ان يخسر اكثر في بيئته الحاضنة.

حركة امل و حزب التقدمي الاشتراكي و تيار المردة يعملون على اضعاف قدرة عون  و الحد من قدراته، اضافة تحجيم الوزير السابق جبران باسيل لاسباب مختلفة منها تختص بالنفوذ المقبل ومن الناحية الاخرى تختص بالانتخابات الرئاسية المقبلة.

تيار المستقبل بين نارين انفجار الوضع داخليا و الحصول على دعم المملكة العربية السعودية في تشكيل الحكومة حيث يحاول الرئيس الحريري اخذ الضوء الاخضر في ملفي تمثيل حزب الله واسترجاع الاعتبار بعدما حصل الغضب اثر التسوية الرئاسية.

حزب القوات يريد اسقاط العهد باكمله و يأمل بحدوث انتخابات نيابية مبكرة تمكنه من اخذ مقاعد اكثر حيث له طموح بان يصبح اكبر تكتل مسيحي ممكن ان يفرض قراره بشكل اوسع و في المقلب الاخر يحاول وراثة التيار الوطني الحر ايضا حزب الكتائب لرفع اعداد مقاعده.

التيار الوطني الحر الخاسر الاكبر جراء ثورة 17 تشرين يحاول شد العصب الطائفي و العمل مجددا على مشهد المظلومية كما كانت استراتيجية الرئيس عون سابقا بين فترة انتخابات 2005 و توقيع ورقة مارمخايل، بتلك الاستراتيجية هناك محاولة لاستعادة الحاضنة المسيحية. لكنه يعيش بين نارين في المرحلة الحالية وجوده في السلطة و تحالفه مع حزب الله من هنا يأتي قرار الوزير باسيل بعدم اعطاء الثقة ان شكل الحريري الحكومة ونرى احيانا بعض التمايز في الاعلام في موضوع حزب الله و الحديث عن اعادة تقييم ورقة مارمخايل.

الجيش و الغضب الشعبي

تحت الاضواء الجيش اللبناني منتهك من الواقع الاقتصادي المذري الذي نمر به، وان استمر الواقع كما هو عليه ستشهد المؤسسة انتكاسة كبيرة و ممكن ان نرى الجيش الى جانب الناس في الشارع. هناك الكثير من الدول المتخوفة من هذا الوضع حيث يتم ارسال بعض المساعدات الطبية و الغذائية ليستفيد منها الجيش محاولة بقاء تماسكه.

صرخة قائد الجيش كانت دليل على مدى غضب المؤسسة العسكرية و لولا الواقع الطائفي في لبنان لشهدنا “انقلابا عسكريا”، هذه الصرخة دغدغة مشاعر كل مظلوم و كل فقير و كل محتاج واصبح الكثير من المواطنون يطالبونه بالتدخل، ليس فقط بسبب ان الجيش حامي الوطن بل للاسف لانها احدى المؤسسات القليلة في لبنان التي ما زالت تنال ثقة الشعب.

السيناريوهات المقبلة

واهم من يعتقد ان غضب الناس ممكن ان يمتصه خطابات وشعارات وقرارات وهمية، و موهم من يظن انه يمكن تخوين الناس. فنحن سنتجه الى سيناريوهين لا ثالث لهما، الاول استمرار غضب الناس و الذهاب نحو الفوضى لا نعلم مدى حجمها و ما ممكن ان تكون نتائجها و الثاني تشكيل حكومة في وقت قريب و اجراء تسوية تسحب الواقع المتردي من عنق الزجاجة او على الاقل تهدء الامور في ظل غياب اي دور للسلطة في المرحلة الحالية.

لكن ليس تشكيل الحكومة فقط هو الحل، فنحن في مرحلة انهيار شبه كامل سنحتاج الى جولات من الاصلاح و الى عقد سياسي واجتماعي جديد يطور ممارسات الادارة العامة.

فلبنان شئنا ام ابينا يعيش في ازمة نظام وما يحدث من مناورات سياسية داخليا او المتغيرات الاقليمية التي سنتأثر بها، ستأخذنا الى رسم وجة لبنان المقبل، فنحن نعيش بين مرحلة الانهيار وعقد اجتماعي جديد. الصراع سيكون بين تطبيق الطائف و تعديله و لكن لنكون واقعيين و موضوعيين لبنان ليس بحاجة الى تعديل دستوره بل الى تطبيقه بطريقة افضل تأخذنا الى شاطىء الامان.

لبنان بين مرحلتي الانهيار و العقد الاجتماعي الجديد

الشعب قال كلمته منذ تشرين الاول 2019 في موضوع تغيير الواقع المذري من هدر للاموال العامة و الفساد و كيفية ادارة مرافق الدولة، و لكن للاسف السلطة ما زالت في زمن ما قبل الانتفاضة الشعبية تراهن على التسويات الخارجية و تبيع و تشتري بشعبها الغاضب على ممارساتها الخاطئة، فتحاول مجددا تدفيعه الثمن بعدما دفعه في مرحلة ما قبل الانهيار.

لبنان و الانهيار

لم يتوقع احدا ان لبنان الذي كان منارة للشرق ان يصبح بمشهد شبه فنزويلي، هل هذا لبنان الذي يفتخر مواطنيه في كل اصقاع العالم بهويتهم؟ هل هذا لبنان الذي نجح ابناؤه في كافة انحاء العالم؟ هل هذا لبنان الذي كان مرقدا للسياحة؟ هل هذا لبنان جبران خليل جبران او رمال حسن الرمل او مايك دبغي؟ هل هذا هل هذا هل هذا…

اصبحنا نتنافس مع دول تحت خط الانهيار ان ذهبنا الى الحد الادنى للاجور نجن في اخر القائمة فموريتانيا على سبيل المثال 111 دولارا و لبنان حوالي 60 دولارا، مرتبة الفساد 138 من اصل 180، نسب الفقر منافسة بشكل كبير حسب اخر تقارير دولية اكثر من نصف الشعب اللبناني دون خط الفقر، اما على صعيد المؤسسات التجارية فاكثر من 50 بالمئة ستقفل ابوابها.

غضب الشارع

هذا الغضب الذي نشهده اليوم هو اثر احتقان سياسي،اقتصادي واجتماعي وقد اعطيت هذه السلطة الفرصة لاطلاق ذمام المبادرة خلال عام 2020 و لكن للاسف ما حاولت ان تفعله هو  محاولة اعادة صياغة نفسها، ما ادى الى ما وصلنا له اليوم و الشارع مستمر حتى حدوث مبادرة تشفي غليله و هذه المرة محاولة شراء الوقت ستدفعهم الثمن اكثر لان حتى بيئتهم الداعمة كفرت بالوضع القائم.

الطروحات السياسية

بيان بعبدا كان بلا لون و هو لذر الرماد بالعيون و لحلول وهمية، هل محاربة التطبيقات الالكترونية هو الحل في لبنان؟ مضحكة ومبكية الحلول المطروحة، المواطن ينتظر اكثر من ذلك باشواط ينتظر سلطة قوية وجريئة تعمل على انقاذه ولا يريد حلولا نوصفها بالترقيع او بالحلول الجزئية.

الواقع السياسي

حزب الله متفرج و يحاول ربط النزاع بين حلفاؤه و حتى المرحلة الحالية ممكن ان نقول انه منتظر الضوء الاخضر اقليميا ليبدء بفك النزاع، و هناك بعض المؤشرات انه بدء بمسار حلحلة العقد بعد طرح التدويل من قبل البطرك الراعي حيث اصبح من مصلحته وجود حكومة اخرى لتمرير الوقت بشكل افضل من سابقاتها، على ان يبقى الوضع كما هو عليه حيث ممكن ان يخسر اكثر في بيئته الحاضنة.

حركة امل و حزب التقدمي الاشتراكي و تيار المردة يعملون على اضعاف قدرة عون  و الحد من قدراته، اضافة تحجيم الوزير السابق جبران باسيل لاسباب مختلفة منها تختص بالنفوذ المقبل و من الناحية الاخرى تختص بالانتخابات الرئاسية المقبلة.

تيار المستقبل بين نارين انفجار الوضع داخليا و الحصول على دعم المملكة العربية السعودية في تشكيل الحكومة حيث يحاول الرئيس الحريري اخذ الضوء الاخضر في ملفي تمثيل حزب الله و استرجاع الاعتبار بعدما حصل الغضب اثر التسوية الرئاسية.

حزب القوات يريد اسقاط العهد باكمله و يأمل بحدوث انتخابات نيابية مبكرة تمكنه من اخذ مقاعد اكثر حيث له طموح بان يصبح اكبر تكتل مسيحي ممكن ان يفرض قراره بشكل اوسع و في المقلب الاخر يحاول وراثة التيار الوطني حزب الكتائب لرفع اعداد مقاعده.

التيار الوطني الحر الخاسر الاكبر جراء ثورة 17 تشرين يحاول شد العصب الطائفي و العمل مجددا على مشهد المظلومية كما كانت استراتيجية الرئيس عون سابقا بين فترة انتخابات 2005 و توقيع ورقة مارمخايل، بتلك الاستراتيجية هناك محاولة لاستعادة الحاضنة المسيحية. لكنه يعيش بين نارين في المرحلة الحالية وجوده في السلطة و تحالفه مع حزب الله من هنا يأتي قرار الوزير باسيل بعدم اعطاء الثقة ان شكل الحريري الحكومة ونرى احيانا بعض التمايز في الاعلام في موضوع حزب الله و الحديث عن اعادة تقييم ورقة مارمخايل.

الجيش و الغضب الشعبي

تحت الاضواء الجيش اللبناني منتهك من الواقع الاقتصادي المذري الذي نمر به، وان استمر الواقع كما هو عليه ستشهد المؤسسة انتكاسة كبيرة و ممكن ان نرى الجيش الى جانب الناس في الشارع. هناك الكثير من الدول المتخوفة من هذا الوضع حيث يتم ارسال بعض المساعدات الطبية و الغذائية ليستفيد منها الجيش محاولة بقاء تماسكه.

صرخة قائد الجيش كانت دليل على مدى غضب المؤسسة العسكرية و لولا الواقع الطائفي في لبنان لشهدنا “انقلابا عسكريا”، هذه الصرخة دغدغة مشاعر كل مظلوم و كل فقير و كل محتاج واصبح الكثير من المواطنون يطالبونه بالتدخل، ليس فقط بسبب ان الجيش حامي الوطن بل للاسف لانها احدى المؤسسات القليلة في لبنان التي ما زالت تنال ثقة الشعب.

السيناريوهات المقبلة

واهم من يعتقد ان غضب الناس ممكن ان يمتصه خطابات وشعارات وقرارات وهمية، و موهم من يظن انه يمكن تخوين الناس. فنحن سنتجه الى سيناريوهين لا ثالث لهما، الاول استمرار غضب الناس و الذهاب نحو الفوضى لا نعلم مدى حجمها و ما ممكن ان تكون نتائجها و الثاني تشكيل حكومة في وقت قريب و اجراء تسوية تسحب الواقع المتردي من عنق الزجاجة او على الاقل تهدء الامور في ظل غياب اي دور للسلطة في المرحلة الحالية.

لكن ليس تشكيل الحكومة فقط هو الحل، فنحن في مرحلة انهيار شبه كامل سنحتاج الى جولات من الاصلاح و الى عقد سياسي واجتماعي جديد يطور ممارسات الادارة العامة.

فلبنان شئنا ام ابينا يعيش في ازمة نظام وما يحدث من مناورات سياسية داخليا او المتغيرات الاقليمية التي سنتأثر بها، ستأخذنا الى رسم وجة لبنان المقبل، فنحن نعيش بين مرحلة الانهيار وعقد اجتماعي جديد. الصراع سيكون بين تطبيق الطائف و تعديله و لكن لنكون واقعيين و موضوعيين لبنان ليس بحاجة الى تعديل دستوره بل الى تطبيقه بطريقة افضل تأخذنا الى شاطىء الامان.

قسد و الصراع المعقد

تم الإعلان عن تأسيس قوات سوريا الديمقراطية في مدينة القامشلي، شمال سوريا في تشرين الأول 2015. وأصدرت هذه القوات بياناً للتعريف بنفسها جاء فيه “إنها قوة عسكرية وطنية موحدة لكل السوريين تجمع العرب والكرد والسريان وكافة المكونات الاخرى”. تنتشر “قسد” على حوالي 23 بالمئة من مساحة سوريا وهي تسمى بسوريا المفيدة حيث تمتلك أهم الموارد وطنياً.

موارد “قسد”

تسيطر على نصف الموارد السورية الاستراتيجية، بما في ذلك العديد من السدود أهمها تشرين والبعث، وحقول النفط ومعظم الأراضي الزراعية الخصبة في المنطقة.

تمتلك المنطقة التي تحتلها قسد معظم النفط السوري، حيث تنتج حوالي 100 ألف برميل يومياً. الرقم ممكن أن يكون صعوداً ونزولاً حسب المشاكل الفنية والأمنية وغيرها.

كما تمتلك “قسد” مورداً أمنياً مهماً تلوّح به دائماً وهو سجناء “داعش”، حيث تهول بإطلاق سراحهم في حال حدوث أي ثغرة ما، إضافة إلى قوتها العسكرية بسبب دعم التحالف الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأميركية.

نقاط ضعف “قسد”

إحدى أهم نقاط الضعف لدى “قسد” يعد ملف العشائر العربية، حيث بدأ بعض التململ بخصوص أداء “قسد”، حيث تم استثمار هذا التشنج من قبل النظام في سوريا وروسيا وإيران وتركيا من خلال عقد مصالحات ودعم. فالنظام في سوريا وروسيا يمكن أن يستفيدا من ذلك من أجل الضغط على أميركا واستنزافها، وفي المقلب الآخر إضعاف “قسد” وفرض تسوية معينة عليها.

أما التوجّه الإيراني إلى دعم العشائر في المنطقة، فهو استنزاف أميركا ضمن الاستراتيجية التي تبنّاها للحصول على نفوذ أكبر وتفاوض بشكل أفضل.

أما تركيا فتستثمر بهم لدعم نفوذها في هذه المنطقة وتحقيق أهدافها، وأهمها الضغط على الأميركي لتنفيذ وعوده بالخروج وتسليم المنطقة لتركيا، والقضاء على “قسد” التي تعتبرها تركيا امتداداً للحزب الديموقراطي الكردستاني في سوريا، وتحسين موقعها وتأثيرها في المشهد السياسي السوري خلال العملية السياسية، والضغط على الروسي، ودفعه إلى القبول بالرؤية السياسية التركية في سوريا.

المشهد المقبل لشمال شرق سوريا

تشكل المنطقة الشمالية الشرقية في سوريا إحدى أهم صور الصّراع المعقّدة، نتيجة كثرة الأطراف المتصارعين، من فاعلين أصلاء ووكلاء، وتناقض مصالحهم وتوجّهاتهم، وما تتضمّنه هذه الخارطة من موارد وثروات تمنح القوّة لمن يسيطر عليها، وبالتالي هناك سيناريوات مختلفة ستتأثر بها تلك المنطقة.

فالصراع الأقوى هناك بين القطبين الأميركي والروسي مع دور رئيسي تركي الذي لديه نفوذ مهم في شمال سوريا، وأي تسوية مقبلة سيكون جزءاً منه.

وكل منهم يعمل على تعزيز أوراق قوته لحين بدء مسار التسوية الأكبر بحيث يتمكن من كسب مصالح أكثر.

اميركا و”قسد”

الكثير يتساءل عن موقف أميركا من الأزمة السورية وخصوصاً بشأن “قسد” والكثير يتحدث أنه ما زال موقفها رمادياً، ولكن الرد على جميع تلك الأسئلة يأتي من خلال تعيين برييت ماكغورك أحد المدافعين الشرسين عن “قسد” ويعتبر تركيا خصماً، هو الذي استقال من منصبه عام 2018 جراء قرار ترامب الانسحاب من شمال شرق سوريا.

فأميركا تعتبر “قسد” أهم ورقة رابحة لديها، من جهة تعتبرها أهم حليف أمني في سوريا من خلال مواجهة داعش والحفاظ على سيطرتها في المنطقة الأهم استراتيجياً، حيث تمنح لها القرار في موضوع تموين سوريا خاصة بعد قانون “قيصر” والحصار الذي تفرضه على النظام، ومن جهة أخرى تضغط على روسيا في عدم تمكينها من إجراء اتفاق سياسي داخلياً من دون موافقة أميركية.

روسيا و”قسد”

تعد منطقة سيطرة “قسد” أهم حاجز لها لإجراء اتفاق سياسي محلي في سوريا، وتحاول روسيا استعمال سياسة العصا والجزرة معها، تارة تنشر قوات لمنع حدوث صدام مع قوات النظام، وتارة أخرى تتحاور وتدعم العشائر في قاعدة حميميم للضغط على “قسد” والتخفيف من نفوذها، وفي المقلب الآخر تعمل على تعزيز أطر التواصل بين النظام و”قسد” للحد من التوتر كما حصل منذ فترة قصيرة.

السيناريو الأكثر ترجيحاً

من غير المتوقع أن تشهد المرحلة القصيرة المقبلة حلاً جذرياً بخصوص شمال شرق سوريا، ومستقبل المنطقة يترنح بين سيناريوات مختلفة، ولكن الأكثر ترجيحاً مزيد من التشنج رغم الدبلوماسية الروسية وتعزيز قنوات التواصل بين النظام و”قسد”، ولكن ذلك لا يعني أن الحل بدأ، فهذا الملف متعلق بملفات استراتيجية مختلفة. ما بين الضغط الأميركي على سوريا والحد من النفوذ الروسي من جهة ومحاولة تحجيم تركيا من جهة أخرى، إضافة إلى شد الحبال بين أميركا وايران من جهة، عقب الحديث حول الاتفاق النووي.

هذه المنطقة الجغرافية مهما كانت التسويات لكن بالطبع لن تعود كما كانت قبل حصول الأزمة السورية، والسيناريو في سوريا قد يشبه الحل العراقي لأزمة الأكراد، ولكن سيتضمن تسوية بخصوص الموارد الغنية التي تمتلكها هذه البقعة.

روسيا الضعيفة اقتصادية و لكن دولة عظمى لماذا؟

منذ بداية التسعينيات شهد النظام العالمي تحولات جذرية نتج منها الانتقال من الثنائية القطبية إلى القطب الواحد بعد انهيارالاتحاد السوفياتي.أصبحت روسيا خلال تلك الاعوام أشبه بالرجل المريض، حيث كانت تتخبط داخلياً وذات نفوذ محدود خارجياً، ما فتح المجال أمام القوى العظمى وخاصة الولايات المتحدة الاميركية لاستغلال هذا المرض وتحويله إلى مزيد من مكامن النفوذ عالمياً. ولكن سرعان ما تمكنت روسيا من استعادة دورها كقوة كبرى بعد ان كانت دولة تابعة لأميركا خلال فترة بوريس يلسن.

خلفيّة

تبلغ مساحة روسيا حوالى 17 مليون كلم مربع وعدد سكانها نحو 145 مليون نسمة، تتألف من 21 جمهورية فدرالية اتحادية.

الاقتصاد الروسي لا يوازي موقعها السياسي، فإنتاجها المحلي حوالى 1.7 تريليون دولار (الصين 14 ترليون). رغم وجود موارد غنية مختلفة، فهي أكبر منتج للنفط وثاني أكبر مصدّر بعد المملكة العربية السعودية، ولديها أكبر احتياطي للغاز، فحوالى خمسين في المئة من إجمالي الموارد الميزانية الروسية من الطاقة، فهذا يدل على مدى اعتماد الاقتصاد الروسي على تصدير السلاح والطاقة ما يضعها في خانة الارتهان على أسعار النفط العالمية.

أحد المؤثرات السلبية على الاقتصاد الروسي هو عامل الطقس (إقفال الموانئ على سبيل المثال) وعامل عدد السكان حيث يعدّ منخفضاً ما يؤثر على الانتاج والاستهلاك، ويؤدي إلى عدم اقتحام السوق العالمية على صعيد الانتاج الالكتروني وغيرها من الصناعات.

أما المؤثرات الإيجابية فهي تمتلك أكبر طاقة علماء في العالم، وعشرات العلماء حازوا على جوائز نوبل في اختصاصات مختلفة، فهي اول دولة صعدت إلى الفضاء اضافة إلى الحس الوطني والانتماء في روسيا، حجم الانفاق لروسيا السادسة عالمياً ولكن من إيجابياتها ترشيد الانفاق بطريقة جيدة.

روسيا بين عامي 1991 – 2000

بعد انتهاء الحرب الباردة واضمحلال الاتحاد السوفياتي انتخب بوريس يلتسن اول رئيس لروسيا الاتحادية عام 1991 حيث ورث حقبة تحول من نظام القطبين إلى نظام عالمي جديد مبني على الرأسمالية.

هذا الواقع فرض على يلتسن الاندماج بهذا النموذج، وألزمه باتخاذ إجراءات درامية منها خفض الميزانية، تحرير الاسعار، رفع الدعم وخصخصة القطاع الاقتصادي، ما أدى إلى ارتفاع التوتر السياسي والاقتصادي والاجتماعي وإلى انخفاض الانتاج بالقطاع الزراعي والصناعي، فانخفضت الصادرات الروسية 50 في المئة وأصبحت تستورد 70 في المئة من المواد الغذائية، وبلغ العجز حوالى مئتي مليار دولار.

اما على الصعيد السياسي، فمع المتغيرات السياسية الدولية اضافة إلى التوترات السياسية الداخلية، وقناعة يلتسن بأن روسيا دولة غربية أدت إلى الالتحاق بالقطب الاميركي وخاصة أنه كان بحاجة إلى الدعم الخارجي، فبقت روسيا كذلك حتى مجيء بوتين رئيساً للجمهورية عام 2000.

روسيا وبوتين

ورث بوتين عام 2000 مرحلة ثقيلة جداً على الصعيدين السياسي والاقتصادي. بدأ منذ توليه السلطة بالإصلاح السياسي والاقتصادي الداخلي مكّنه من التخلص بنسب كبيرة من سيطرة المافيا، ومن تحقيق الاستقرار الداخلي، وحلّ مشكلة رئيسية تختص بالأمن القومي وهو موضوع الشيشان.

ففي نهاية عام 2001 كان أفضل أداء للاقتصاد منذ التسعينيات ما أدى إلى جلب الكثير من الاستثمارات، أما اليوم فروسيا في المرتبة 11 اقتصادياً على الصعيد العالمي وكانت في مرتبات افضل خلال فترة غلاء اسعار النفط عالمياً.

أما على الصعيد السياسي، فتمكن بوتين من تفعيل دور روسيا عالمياً، واستطاع من إظهار طاقتها وتفعيل نقاط قوتها مثل الواقع الجيو- سياسي، العسكري، التكنولوجي والطاقوي، ما سمح له بمزاحمة الدول العظمى في مناطق جغرافية مختلفة قريبة وبعيدة عنها. تبنى بوتين في العلاقة مع الغرب منطق الشراكة لا الحلف.

روسيا اليوم

ما يؤرق الامن القومي الروسي هو أسعار النفط حيث يرتكز الاقتصاد الروسي على الطاقة وموضوع التطرف والاعمال الارهابية. أما في المقلب الآخر فروسيا تسعى جاهدة لفرض نفسها في السياسة العالمية وتسعى لنظام عالمي متعدد الاقطاب مثل الصين. وتعتبر روسيا ان البداية تكون من تزّعم منطقة أوراسيا فيمكنها عندئذ من فرض قرارها دولياً.

تعتمد روسيا على منطق القوة الناعمة في المرحلة الحالية، وهي وسيلة مختلفة عن طريقة الاتحاد السوفياتي المرتكزة على بناء قواعد عسكرية، أما على الصعيد الاقتصادي فتعمد إلى توسيع علاقاتها من خلال دخول منظمات مختلفة مثل شانغهاي ورابطة الدول المستقلة اضافة إلى اتفاقات جانبية مع دول مختلفة مثل الصين والهند واليابان.

ولكن لكي تصل روسيا إلى ما تصبو إليه، عليها مواجهة معضلات مختلفة، وبقدر ما تتمكن من تخفيف تأثيرها بقدر ما تنافس أكثر مستقبلياً، مثل فرض نفوذ غربي سياسي في الدول المجاورة لها، حلّ المعضلات الاقتصادية حيث ارقام التضخم تزداد وسعر النفط ينخفض لأسباب مختلفة، حلّ المعضلة السكانية إذ من المتوقع عام 2050 ان يصبح عدد سكان روسيا 22 مليوناً فقط، اضافة إلى المعضلة الأمنية وهي الوجود الاميركي والناتو بالجوار، إضافة إلى المعوقات الامنية الداخلية.

الاتفاق النووي بين المد والجزر

خلال الفترة الماضية، إن أردنا التحدث حول الواقع السياسي في منطقة الشرق الأوسط، تلقائياً يأتي الجواب حول مسار العلاقات الأميركية -ال إيرانية بعد توتر وانقطاع العلاقة إثر خروج ترامب من الاتفاق النووي ال إيراني، مارس ترامب حصاره الاقتصادي والضربات الهادفة بالتعاون مع إسرائيل وبالمقابل مارست إيران سياسة ضبط النفس وعدم الرد على الأصيل، ولكن حاولت تعزيز قوتها والرد على الحليف في بقع جغرافية مختلفة في المنطقة.
تاريخ العلاقات
بدأت العلاقات بين إيران والولايات المتحدة عندما بعث شاه فارس ناصر الدين، أول سفير لإيران ميرزا أبو الحسن شيرازي إلى واشنطن في عام 1856. وفي عام 1883 كان صمويل بنجامين أول مبعوث دبلوماسي رسمي للولايات المتحدة في إيران.
عام 1979، اضطر الشاه محمد رضا بهلوي، الذي كان يحظى بدعم أميركي، إلى مغادرة إيران، بسبب الثورة الإسلامية وخروج مظاهرات وإضرابات مناهضة لنظام حكمه، وبعد أسبوعين من تلك الأحداث عاد الزعيم الديني آية الله الخميني من منفاه في فرنسا. وبعد انتصار الثورة الإسلامية في 11 شباط 1979، تم تنصيب الخميني على رأس الدولة، وهنا يكمن مسار التحول السياسي بين طهران وواشنطن.
تدهورت العلاقات بين أميركا وإيران، بعد أن وافقت الولايات المتحدة على استقبال الشاه بهلوي للعلاج، حيث غضب طلبة الجامعات الإيرانية، وهاجموا سفارة أميركا في تشرين الثاني 1979، واحتجزوا 52 موظفًا في السفارة الأميركية في إيران، حيث قطعت أميركا علاقاتها الدبلوماسية مع إيران في نيسان 1980، وبمبادرة من الرئيس السابق كارتر أفرجت إيران عن الرهائن الـ52 يوم تنصيب الرئيس الأميركي رونالد ريغان رئيسًا للولايات المتحدة في 20 كانون الثاني 1981.
وما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ازدادت العداوة بين الطرفين ووضعت عدوين لها في منطقة الشرق الأوسط هما العراق في تلك المرحلة وإيران أيضاً.
الاتفاق النووي
هي اتفاقية دولية حول البرنامج النووي الإيراني، تم التوصل إليها في تموز 2015 بين إيران ومجموعة خمسة زائداً واحداً (الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة – الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة – بالإضافة إلى ألمانيا) والاتحاد الأوروبي، وفي 8 أيار 2018 انسحب الرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاقية الدولية المشتركة، وبدأ بمسار الضغط على إيران حيث دعم هذا القرار بعض الدول العربية وإسرائيل وعارضه البعض الآخر مثل الصين وروسيا ومعظم الدول الأوروبية، وأبرز من كان على الحياد مصر وقطر وعمان والهند.
بايدن والاتفاق النووي
خلال حملة بايدن الانتخابية، كان من الواضح رغبته في العودة إلى الاتفاق النووي. ولكن لم يكن واضحا كثيرا كيف ومن ضمن أي صيغة. ولكن تعيين روبرت مالي رئيس مجموعة الأزمات الدولية ومستشار السياسة الخارجية للرئيس السابق باراك أوباما هو دليل نية أميركية بالبدء بتنفيذ وعود بايدن بخصوص إجراء اتفاق نووي مع إيران. وخاصة أن أميركا تريد أن تتفرغ لملفات أخرى أكثر أهمية لها مثل روسيا والصين، إضافة إلى الملفات الداخلية، وتريد الخروج من نفق الأزمات في منطقة الشرق الأوسط وتفويض بعض المهام من خلال الحلفاء (تعزيز منطق العولمة) ومن خلال اتفاقات وتسويات مع الخصوم.
العقبات
الصراع القائم حالياً بين العودة إلى اتفاق عام 2015 كما تطالب إيران، وبين تعديل اتفاق عام 2015 وتوسعته إلى الحوار حول النظام الصاروخي وسياستها الإقليمية كما يطالب بايدن. بايدن من غير الممكن أن يعود فقط إلى اتفاق 2015 لأنه سيواجه معارضة شرسة داخلية (الحزب الجمهوري) ومعارضة خارجية قوية أيضاً من قبل إسرائيل وبعض الدول العربية. يعتبر بايدن أن بإمكانه إجراء ضغوط وتسويات جانبية مع الدول العربية المعارضة، ولكن بخصوص إسرائيل يعول على الانتخابات الإسرائيلية هذا العام من خلال فوز حزب قريب منه وتغيير نتانياهو.
فبالتالي المرحلة الحالية لن تكون مفروشة بالورود، وللالتفاف على ذلك سيحاول بايدن الحصول على بعض التنازلات الإيرانية جراء الضغوطات الاقتصادية التي أنهكتها ومراهنة إيران على الاستفادة من وجود إدارة دبلوماسية وأكثر ليونة في المرحلة الحالية، تمكنه من تسهيل مهمته داخلياً وخارجياً. ولكن حتى الآن يوجد تصلب في الموقف الإيراني جراء المطالبة في العودة إلى الاتفاق القديم.
المخارج
أحد المخارج التي يمكن أن تحصل هو الدمج بين مسار رفع العقوبات والبدء بمشوار المفاوضات بخصوص ملفي الصواريخ الباليستية والسياسة الإقليمية. ولكن هذا المخرج لن يحصل بالسهل بالفترة القريبة، لأنا ما زلنا في فترة طرح أوراق القوة على الطاولة، ومرحلة الضغط من قبل القوى المعارضة للاتفاق، ما يمكن أن يؤجج الصراع في المرحلة المقبلة على الأقل حتى حصول الانتخابات الإسرائيلية.
الفترة المقبلة
سيحاول بايدن إدخال الأوروبيين في هذا المسار، وفوض للفرنسيين تعزيز قنوات التواصل في المنطقة وفتح باب الحوار غير المباشر والبدء بالمفاوضات في الملفات الأقل تأثيراً، كمحاولة لخرق جدار الانقطاع الكامل، وبالتوازي البدء بمسار حلحلة الملفات المعقدة كالملف اليمني في محاولة لتقطيع الأزمات وتسويتها كمنطلق لإبرام اتفاق مقبل.
من هذا المنطلق يتمكن بايدن من تخفيف وهج معارضة الاتفاق حيث يكون أنهى إحدى نقاط تعديل الاتفاق، وهي دور إيران في المنطقة. وفي المقلب الآخر يبقى موضوع الصواريخ الباليستية والجيوش الإيرانية حيث يمكن أن نشهد حروباً جانبية لتسوية هذه النقطة، وعلى نتائج هذه الحروب إن كانت عسكرية أو سياسية تتوضح أكثر معالم الاتفاق المقبل.
والسؤال: من سيدفع ثمناً في المرحلة الحالية؟ ومن سيدفع الثمن بعد حدوث الاتفاق؟ لأن لا تسويات من دون ثمن وأحياناً دم؟

بين تركيا و السعودية…و توقيت المصالح المشتركة

بدأت العلاقات الحديثة بين الجمهورية التركية والمملكة العربية السعودية بتاريخ 3 آب 1929، إذ اعترفت تركيا  بالمملكة العربية السعودية، وبنفس التاريخ تم توقيع اتفاقية سلام وصداقة مشتركة بين الطرفين، ولكن على الرغم من هذه الاتفاقية المُشتركة وعلى الرغم من انضمامهم المشترك للقطب الغربي، إبان الحرب العالمية الأولى، لم تكن العلاقة تتسم بالحميمة بين الطرفين طوال الوقت تنمو مع المصالح المشتركة و تنحدر مع اضطراب القواسم.

مسار العلاقات بين البلدين

اتسمت العلاقة بالبرودة حتى الثمانينات من القرن الماضي، حيث كان هناك حرب بين العراق وإيران، وواجهت الدول المُصدرة والمستوردة للنفط مشاكل عديدة في قضية تمديد أنانبيب توصيل نفط جديدة كبديلة لتلك الأنانبيب الممتدة من العراق، ولأن المملكة العربية السعودية، أكبر الدول المُصدرة للنفط، والجمهورية التركية، الدولة المستوردة للنفط من السعودية عبر العراق، كانتا أكثر الدول المتضررة من تلك الأزمة، فاضطرتا إلى الالتقاء المباشر على مستوى رفيع.

انتعشت العلاقات السعودية التركية بعد هذه الزيارات و بعد احتلال العراق للكويت في بداية التسعينيات حيث دعم الرئيس التركي “تورجوت أوزال” الموقف السعودي المعارض لذلك. فتم إبرام اتفاقيات تعاون سياسي واقتصادي وثقافي، بعد هذه الاتفاقيات انتقلت الكثير من شركات البناء التركية إلى السوق السعودية، الأمر الذي عاد بالعملة الصعبة الوفيرة على تركيا ومواطنيه وبدأت حالة ازدهار اقتصادي ملحوظة، في تركيا، على الصعيدين الحكومي والفردي.

التغير المستمر للحكومات التركية وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي جعلا السياسة التركية غامضة وغير قادرة على الاستمرار، بشكل مستقر، ليس مع المملكة العربية السعودية بل مع جميع الدول حول العالم، واستمرت حالة الجمود إلى عام 2003.

مع احتلال العراق عام 2003 وماخلفه من تغيرات دفعت المملكة العربية السعودية ان تبادر بإعادة قطار العلاقات السعودية التركية إلى طريقه الصحيح والفعال من جديد، وتُرجمت رغبة المملكة العربية السعودية في إعادة النشاط والحيوية للعلاقات المشتركة بينها وبين الجمهورية التركية، مما ادى الى ارتفاع التبادل التجاري بين البلدين الى نحو ثمانية مليارات دولارات سنويا.

نقاط الاختلاف الحديثة

في 5 يونيو/ حزيران 2017، أعلنت بعض الدول العربية ومنها السعودية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، مبررين ذلك بتدخلها في شؤونهم الداخلية ودعم الإرهاب. في تلك الأثناء التزمت تركيا الحياد لفترة، لكنها لم تلبث حتى أعربت عن وقوفها إلى جانب قطر. وصرح رجب طيب أردوغان في 9 حزيران 2017 بأن تركيا ستستمر بدعم أشقائها القطريين، ولن تتركهم وحدهم.

رغم ان هذا العام كانت سنة استثمار سعودي كبير في تركيا. إلا أن هذا لم يمنع البلدين من شن حرب إعلامية على بعضهما. في حين انهارت “الهدنة” التي تبناها الإعلام التركي لزمن، وشن هو الآخر هجوماً إعلامياً على السعودية، على خلفية الأزمة مع قطر وصراع الرياض مع الإخوان المسلمين و الملف الكردي.

ادى ذلك الى انفتاح تركي نحو دول الجوار و خاصة ايران و روسيا ما نتج الى مزيد من التوتر بين البلدين و الى مزيد من الحروب الغير المباشرة في مناطق مختلفة في سوريا، العراق، اليمن و ليبيا.

نقاط الالتقاء الحديثة

عززت الثورة السورية سابقا التقارب بين الرياض وأنقرة، لكن هذا التقارب لم يستمر طويلاً. فقد افترقت الدروب وانشغلت السعودية بحرب اليمن، فيما سيطر على تركيا هاجس قيام دولة كردية في شمال سوريا. إضافة الى التنسيق العسكري و السياسي في العراق و دعم تركيا بداية لعاصفة الحزم و لكن مصالح البلدين عادت لتفترق من جديد.

لكن مع فوز بايدن في الانتخابات ثمة تحول في هذا الخلاف بين الطرفين و خصوصا في ظل الهاجز السعودي بظل تصريحات الرئيس المنتخب تجاه حرب اليمن و غيرها من الامور مما ادى الى بداية الالتقاء ثانية بسبب تراكم المصالح المشتركة ثانية. مما ادى الى تجدد قنوات تواصل بين الطرفين منها تعزية السعودية تركيا بضحايا زلزال ازمير، ارسال مساعدات سعودية الى تركيا تحت عنوان مساعدات للاشقاء في تركيا، اتصال الرئيس التركي بملك البحرين و تحدثا عن مسار تطوير العلاقات،الملك سلمان اتصل باردوغان للتنسيق بشأن قمة العشرين ومناقشة العلاقات الثناية، تصريح وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في 22 نوفمبر 2020، إن المملكة “لديها علاقات طيبة ورائعة” مع تركيا .

من الناحية السعودية تريد حليف اقليمي قوي يخفف من وطأة الضغوط عليها و خاصة في اليمن، اضافة الى تعزيز التنسيق العسكري و تخفيف من هاجس الاخوان المسلمين حيث تركيا الداعم الاكبر لهم، هدف استباقي قبل تسلم بايدن الحكم و ممارسة سياسة التضييق عليها، تذليل قضية الخاشقجي و ممارسة الضغط على الحكم في المملكة، اضافة الى تخفيف من وطأة الحرب الاعلامية التي تؤثر على الطرفين.

اما من الناحية التركية، العمل على تخفيف من الحرب الاقتصادية و انهيار الليرة التركية، فحسب صحيفة “جمهوريت” التركية بلغ الرقم السنوي للمشاريع الجديدة التي نفذها المقاولون الأتراك في المملكة العربية السعودية في عامي 2017 و2018، 2.1 مليار دولار وتراجعت تلك الأرقام إلى 559 مليون دولار في عام 2019، وخلال التسعة أشهر الأولى من هذا العام انخفض إلى 21 مليون دولار.

في المقابل يعمل اردوغان على تحصين نفسه بالملف الكردي حيث تعد اولوية له بالمرحلة المقبلة و خاصة بايدن يعد داعم لانشاء دولة كردية مستقلة بالعراق، فمن خلال تعزيز التواصل مع المملكة ممكن تخفيف الدعم لهذه القضية و رفع الغطاء العربي عن تلك الملف.

ففي السياسة ليس هناك عدو دائم او صديق دائم هناك مصالح دائمة “ونستون تشرشل”

تجار الهيكل

أقر مجلس الوزراء في فبراير/شباط 2002 مشاريع قوانين لتعديل المرسوم الاشتراعي الصادر في 1967، وتعديلاته في العام 1975، وأحاله الى مجلس النواب لدراسته واقراره. كما أقرّ قانون إلغاء الحماية عن الوكالات الحصرية في مجلس النواب في يناير/كانون الثاني 2004، على أن يصبح سارياً بعد أربع سنوات من تاريخ إقراره، قبل أن يردّ رئيس الجمهورية السابق إميل لحود القانون إلى مجلس النواب. وأودع البرلمان أيضاً مشروع قانون في العام 2007 يهدف الى تنظيم المنافسة، لكنه لم يُقرّ حتى الآن.

القانون الجديد

في أواخر العام الماضي، أنجز وزير الاقتصاد السابق منصور بطيش مشروع قانون المنافسة وأرسله الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء. كان من المفترض أن يعمد وزير الاقتصاد الحالي راوول نعمة الى سحب المشروع ودراسته إذا ما كان من تعديل يذكر لتحسينه وجعله أكثر ملاءمة مع الانهيار الاقتصادي الحاصل. الا أن نعمة الذي أدخل تعديلات طفيفة عليه لا تمس بالجوهر.غير أن وزير اقتصاد وضّب مشروع القانون في أدراج الوزارة بدلاً من إرساله مجدداً الى مجلس الوزراء، لا لشيء سوى لرضوخه لـلمحتكرين.

لبنان و الاحتكار

تفرض الاحتكارات إرتفاعاً باهظاً بأسعار سلع أساسية لا بديل عنها، مثل الاسمنت المحتكر من ثلاث شركات محلية في الداخل  تبيع الاسمنت  بسعر 90 دولار اميركي للطن الواحد، بينما يتم تصديره بسعر أقل يصل الى 40 دولار اميركي الى خارج لبنان، ويمنع القانون استيراد الاسمنت. كذلك تفرض الاحتكارات ارتفاعاً في أسعار الادوية، وخصوصاً الادوية التي لا بديل لها (جنريك) ويقدر عددها بنحو 400 دواء… وقد استثنى القانون كل شيء يتعلق بالمواد الغذائية التي باتت خارج الوكالات الحصرية.

وينسحب الامر أيضاً على أسعار الفيول والمحروقات والمشتقات النفطية والغاز المنزلي، وتمس أسعارها المرتفعة بسبب الاحتكارات جميع المواطنين وفي مقدمهم ذوي الدخل المحدود، ويتم الاتفاق على الاسعار بين أعضاء تلك الكارتيلات، ويمنع أي طرف آخر من استيراد تلك المواد منعاً لتخفيض الاسعار.

ولا يُخفى أن كارتيلات الغاز والادوية والمحروقات يصعب على أي طرف مواجهتها، بالنظر الى انها تتحكم بالسوق وبأسعاره، وتمنع المنافسة فيه، وهو الحال الذي تنسحب عليه قضية عدم اقرار قانون المنافسة المرتبط بضغوط تمارسها بعض الكارتيلات في عدة قطاعات على السياسيين.

وتغوّلت الوكالات الحصرية في السوق، حيث سجل مستوى الحرّية الاقتصادية في لبنان 51.1 نقطة في مؤشر العام 2019، متراجعا عن العام 2018 حيث سجل 53.2 نقطة ما يجعله يأتي في المرتبة 154 عالميا، بحسب مؤشّر الحرّية الاقتصادية، الصّادر عن مؤسسة البحوث العالمية ” هاريتاج فوندايشن” ويقوم بقياس درجة الحرية الاقتصادية في 186 دولة.

احتكار الدولار

ممكن ان نقول ان “لعبة الدولار” بيد وكيل الإمارة “حاكم مصرف لبنان” و هي احد مكامن الاحتكار في لبنان في وقتنا الحالي حيث يتحكم بالسوق بضعة اشخاص يخفضون و يرفعون قيمة الليرة اللبنانية حسب مصالحهم، تارة تكون لاسباب سياسية و تارة لاسباب مالية. فهؤلاء يلعبون بالمواطن و ممكن ان نقول ان رفع و تخفيض قيمة الليرة يكون وهمي و لكنه النتيجة واحدة اخذ العملة الصعبة من المواطن اللبناني و خفض قيمة اموال المودعين في المصارف اللبنانية  بسبب الحجز و الهدرها من قبل ساسة لبنان و خوفا على مصالحهم  في والقت الحالي محاولين ضخ الايجابية من خلال تعاميم الامارة المذكورة “ضخ دولارات المواطن” في الاسواق لكي يهبط سعر الصرف في الاسواق.

تقديم اوراق الاعتماد

ان ارتكاب جرائم الاحتكار تعد اقصى انواع الجرائم لانها ساهمت و تساهم في القضاء على جنى عمر المواطنين و سببت فلتان في سوق الصرف و بالتالي ارتفاع نسب الفقر و البطالة في البلد.

انها جريمة منظمة ترتقي الى درجة الاعتداء على الامن القومي الاجتماعي ، و بهذا يكون حاكم مصرف لبنان قد قدم اوراق اعتماده مجددا و ديمومته في هذا العمل او تقاعد مبكر دون محاسبة.

 

من يسبق تعديل النظام ام حكومة حل؟

تأسست الجمهورية اللبنانية بالدستور اللبناني الصادر عام 1926، وحصل لبنان على استقلاله من فرنسا في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1943 وعاصمته بيروت. كان لبنان عضواً مؤسساً في كل من منظمتي الأمم المتحدة  وجامعة الدول العربية، ويستند النظام السياسي اللبناني رسمياً على مبادئ الفصل والتوازن والتعاون بين السلطات.

شهد لبنان حربا أهلية طاحنة لمدة خمسة عشر عاما من 1975 إلى 1990 قتل فيها مئات الآلاف، وضع اتفاق الطائف الذي رعاه المجتمعين العربي و الدولي عام 1990 نهاية للحرب الاهلية اللبنانية حيث تم تعديل الدستور اللبناني الذي كان من نتائجه تعزيز منطق الديمقراطية التشاركية بين الطوائف.

نظم الايقاع السياسي اللبناني بعد اتفاق الطائف حتى اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005 الادارة السورية التي كانت تتم عبر المخابرات السورية في لبنان، حيث شهد لبنان فترة استقرار سياسي لمدة خمس عشر عاما.

بعد استشهاد الحريري عام 2005 بدأت التوترات السياسية تستجد في لبنان فكانت تارة سياسية و تارة امنية و تارة طائفية او مذهبية و اصبح لبنان سياسيا يدور في اكثر من فلك سياسي و الهدوء فيه كان رهن التسويات و التفاهمات الاقليمية و الدولية.

و ابرز ثلاث محطات تأثر بها لبنان اقليميا بعد اغتيال الرئيس الحريري هم الحرب السورية حيث اصبح لبنان ساحة امنية، الاتفاق النووي الاميركي-الايراني حيث ادى الى هدوء نسبي و من بعدها فسخه، حيث صعد نجم حرب العقوبات الترامبية و الحرب في اليمن حيث بدأ شبه انقطاع الدعم الخليجي للبنان.

هذه المحطات ادت الى تغير سلم الاولويات في المنطقة و الاهتمامات حيث تأثر بها لبنان بشكل مباشر و غير مباشر، تخللها فترات تسويات لم تدم طويلا تارة س-س و تارة اتفاق الدوحة و تارة مرحلة ربط النزاع و لكنها كانت تسويات لتمرير الوقت لانها لم تكن شاملة و تحل المشكلة الاساسية في لبنان اي النظام السياسي.

بدأت رائحة فشل النظام السياسي تتبلور بعد بدء الانهيار المالي منذ عام 2016 و اصبح اكثر وضوحا بعد ثورة 17 تشرين 2019 حيث بدأت تظهر نتائج السياسات المالية و الادارية التي حصدها لبنان بعد ثلاثة عقود من الحكم الفاشل.

بالتوازي ممكن ان نتحدث عن المتغيرات الاقليمية و الدولية التي دائما و دوما تؤثر في السياسة الداخلية في لبنان و المنطقة، حيث حصدت ايران انتصارات عسكرية في العراق و سوريا و لبنان و اليمن و لكنها بالمقابل تواجه العقوبات الاميركية اضافة الى نفوذ اعلى لقوى اقليمية اخرى في المنطقة منها تركيا حيث تنسجم في مكان و تتنافس في مكان اخر و ايضا الدور الروسي المستجد في المنطقة و خاصة سوريا. اضافة الى اتفاقات السلام بين اسرائيل و دول عربية مختلفة و لعب دور الحماية لتلك الدول، اضافة الى التنافس العربي-التركي على الساحة السنية..

جميع تلك المتغيرات اضافة الى الانهيار المالي الحاصل، ستؤدي حتما الى تعديل في النظام السياسي في لبنان و لكن السؤال متى ممكن ان تظهر حكومة تسوية فعلية هل هي قبل مسار الاتفاق على مسار سياسي جديد؟ ام بعدها؟

جميع المؤشرات تدل على ان لا حكومة تسوية من دون تسوية في المنطقة و الجميع ينتظر الانتخابات الاميركية و اي شكل من اشكال التسوية ممكن ان تحدث ! ما هو الدور الايراني؟ ما هو الدور التركي؟ ما هو الدور الروسي؟ و ما هو الدور الاوروبي؟ و لكن السؤال المهم هل تلك التسوية ستشمل جميع هذه الدول ام لا؟

فمعركة تعديل النظام او الاتفاق على نظام سياسي جديد بدأت منذ فترة، عندما نرى تشبص الثنائي الشيعي بوزارة المالية اي ضمان الامضاء الثالث في السلطة التنفيذية، تلويح نادي رؤساء الحكومات السابقين دائما بورقة دور رئيس الحكومة، و تلويح الوزير السابق جبران باسيل دائما بورقة اللامركزية الادارية.

فالسؤال المهم كيف سيتم الاتفاق على الادارة الجديدة في لبنان هل بعد معارك متفرقة ام بوسائل دبلوماسية؟ و من سينتصر؟ و ما هو الاتفاق؟ ممكن ان نقول ان الحل في لبنان سيكون توافقي و المخرج سيكون بنظام لا مركزي موسع يعطي لكل طائفة او منطقة جغرافية دورها بالمقابل اخذ ثنائي الشيعي التوقيع الثالث في السلطة التنفيذية المركزية.

لا حكومة حل قبل بلورت الامور الشائكة في نظامنا السياسي في لبنان، و نحن اليوم امام خيارين ان طال مسار تسوية  اما تفعيل حكومة تصريف الاعمال حتى حدوث التسوية اما حكومة تشبهها فلا حكومة حل قبل مسار تعديل النظام او بالاحرى تطبيق النظام

كاراباخ الأزمات المؤجلة

 

تصاعدت الاشتباكات على طول الحدود بين أرمينيا وأذربيجان، في أحدث جولة من صراع طويل الأمد بين البلدين اللذين خرجا من رحم الاتحاد السوفيتي السابق. في العنوان العام، هو نزاع تاريخي بين أرمينيا واذربيجان على إقليم “ناغورنو كاراباخ”، ولكن في الأبعاد الاستراتيجية والجغرافيا السياسية والاقتصادية، هو صراع يحضر فيه لاعبون كثر، من روسيا إلى تركيا إلى أميركا إلى إيران و إسرائيل.

ناغورني- كاراباخ

توجد منطقة ناغورني-قره باغ في محور العلاقات المتوترة بين يريفان وباكو. وقد ألحقت السلطات السوفياتية هذا الجيب الذي تسكنه أغلبية أرمينية بأذربيجان عام 1921، لكنه أعلن استقلاله عام 1991 بدعم من أرمينيا.

تلى ذلك حرب أدت إلى مقتل 30 ألف شخص ونزوح مئات الآلاف. ورغم توقيع اتفاق وقف لإطلاق النار عام 1994 وقيام وساطة روسية أميركية فرنسية تحت اسم “مجموعة مينسك”، لا تزال الاشتباكات المسلحة متواترة وجرت آخر المعارك الجديرة بالذكر في نيسان/ابريل 2016، وقد أدت إلى مقتل 110 أشخاص.

روسيا – تركيا و ايران

جعلت تركيا التي لها طموحات جيواستراتيجية في القوقاز وآسيا الوسطى، من أذربيجان الثرية بالمحروقات والتي يتحدث شعبها لغة متفرعة من التركية، حليفها الأساسي في المنطقة، وهي صداقة يعززها العداء المشترك لأرمينيا. وتدعم أنقرة باكو في رغبتها في استعادة ناغورني-قره باغ.

و يدخل ذلك من ضمن صراعها الشرق المتوسطي مع فرنسا و بعض دول الاقليمية و العربية، و التصعيد اليوم هي ورقة يستعملها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان كإحدى اوراق الضغط و خصوصا ان اذربيجيان بلد نفطي و تسعى أن تكون بديل للنفط الروسي و بالتالي تصبح اوروبا بحاجة الى تركيا.

أما روسيا أكبر قوة إقليمية، وهي تقيم مع أرمينيا علاقات أوثق من علاقاتها مع أذربيجان، لكنها تبيع الأسلحة للطرفين انضمت يريفان إلى أحلاف سياسية واقتصادية وعسكرية تهيمن عليها موسكو، أبرزها منظمة معاهدة الأمن الجماعي.

و لكن ترتبط موسكو بعلاقة صعبة مع الزعيم الأرميني الجديد الذي تولى منصبه في عام 2018، نيكول باشينيان، لذا من المرجح أن تفضل يريفان أن تتعامل مع هذا التصعيد بالاعتماد على نفسها لأكبر قدر ممكن. فستحاول روسيا اكبر قدر ممكن التزام الحياد ان لم يحصل تدخل تركي و ظل الصراع في منطقة محددة، لأن روسيا تعتبر هذه المنطقة حيوية لها و تؤثر على مصالحها الاستراتيجية بالمباشر.

أما بخصوص إيران تشعر بالقلق لأن القتال قريب من حدودها، وقد أدى أيضا إلى احتجاجات من قبل الأقلية الأذرية في إيران. وإضافة إلى ذلك فإن إيران أقرب إلى أرمينيا، لكنها تريد التجارة والسلام مع جيرانها في هذه المنطقة، بحسب تصريحات طهران.

ويعيش في إيران ملايين الأذريين الذين يشتركون في القومية مع سكان جارتهم أذربيجان، والذين يتعاطفون مع المطالب الأذربيجانية في إقليم ناغورنو قره باغ، ويناصبون أرمينيا العداء بسبب صراعها مع أذربيجان. لذا تحاول ايران طرح ميادرات دبلوماسية لعدم توسع رقعة القتال و بالتالي يتهدد امنها القومي.

لذا نشهد محاولات دبلوماسية مختلفة تارة عبر تحالف مينسك الذي يضم روسيا و الولايات المتحدة و فرنسا و تارة اخرى تصريحات ايرانية بانها على تواصل مع الطرفين و في اخر خطوة مباحثات ثنائية برعاية روسية و لكن هناك اشبه باصرار من قبل الطرفين بالتصلب بمواقفه مما يستدعي مزيدا من جولات القتال حتى يتحقق خرق ميداني و عسكري يدير الدفة الى احد الطرفين للبدء بجولات دبلوماسية لاجراء اتفاق هدنة او سلام بين الطرفين و على الارجع سيكون اتفاق هدنة و ليس سلام في المستقبل القريب..

مقاربة عسكرية للطرفين المتنازعتين

بحسب موقع “سي اي اي فاكت بوك” يبلغ تعداد سكان ارمينيا 3021324 نسمة، و قد أنفقت في عام 2019 ما يقارب 4.9 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي على الجيش، والذي كان في 2017 عند حدود 28.34 مليار دولار.

وتتألف القوات المسلحة الأرمنية من 45 ألف جندي عاملين بشكل دائم، 42 ألف منهم يتبعون للقوة البرية، في حين يخدم 3 آلاف منهم في القوة الجوية. وتمتلك أرمينيا التي يحتل جيشها المرتبة 111 عالميا ترسانة أسلحة معظمها روسية أو تعود للحقبة السوفيتية، علما بأن معظم الأسلحة التي قامت باستيرادها منذ عام 2010 روسية الصنع.

أما أذربيجان التي يبلغ تعدادها السكاني 10205810 نسمة، فقد أنفقت السنة الماضية ما يقارب الـ4 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي على الجيش، والذي كان في 2017 عند حدود 172.2 مليار دولار.

ويعمل في الجيش الأذري 126 ألف جندي دائم، هذا إلى جانب 300 ألف جندي احتياطي، ويحتل الجيش في أذربيجان المرتبة 64 عالميا بمؤشر أقوى الجيوش في العالم.

وفيما يتعلق بميزانية الدفاع للبلدين، تشير أرقام “غلوبال فاير باور” إلى أنها تبلغ مليارين و805 ملايين دولار بالنسبة لأذربيجان، ومليار و385 ملايين دولار تخصصها أرمينيا لهذا الغرض.