مقالات

النظام السياسي في لبنان و مخالفة معايير حقوق الإنسان

إن النظام اللبناني إن نظرنا إليه من الخارج نستمدح به و نتحدث أنه من أكثر الأنظمة الديمقراطية في الشرق الأوسط ، و لكن إن تمعنا به و نظرنا إلى حقيقته و واقعه ، نكاد نخجل أن نقول عنه وطن ديمقراطي و يحترم معايير حقوق الإنسان للأسف، و واجبنا أن نضوي على بعض النقاط المخالفة لهذه المعايير و ذلك لكي نتمكن مستقبلا من تحسن و تطوير نظامنا و الأهم من ذلك هو التنفيذ.

لقد ادخلت على الدستور اللبناني مقدمة تنفيذاً لوثيقة الوفاق الوطني بموجب القانون الدستوري رقم 18، 21/9/1990.

حيث ورد فيها: “لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز او تفضيل” (ف. ج)، “الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية” (ف.د)، “النظام قائم على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها” (ف.هـ)، “الغاء الطائفية السياسية هدف وطني اساسي يقتضي العمل على تحقيقه وفق خطة مرحلية” (ف.ح)، “لا شرعية لاي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك” (ف.ي).

أحد المواطنين توفي بسبب عدم السماح له بدخول المستشفى بسبب إمكانياته المادية

فهنا عن أي عدالة إجتماعية نتحدث أين هي حقوق المواطنين في التعلم و الطبابة المجانية ، أين نحن من ضمان الشيخوخة، أين نحن من تأمين الإستقرار الأمني لمواطنينا، أين إحترام رأي الآخر؟ أين نحن من تطبيق الدستور؟……إلخ

ويبدو من خلال هذه المقدمة الدستورية مدى الالتباس في الاتجاه العام للمشرّع اللبناني، اذ أبقى ضمناً على التمايز بين المواطنين، وولوج باب المساواة، فيما بينهم استناداً للفقرة (ي)، وخلافاً مع ما ورد في الفقرة (ج)، مع انه كرّس مبدأ الغاء الطائفية السياسية بموجب الفقرة (ح)، ادراكاً منه انها تشكل علة هذا الوطن المزمنة، هذا الالتباس، اذا لم نقل التناقض في النصوص، ابقى نسب التذرع بالنص بالعيش المشترك ذريعة يتلطى وراءها كل ذي مصلحة، ويعلن تمسكه بها مظهراً غير ما يضمر. كما ان المادة 19 من الدستور اعطت “الى رؤوساء الطوائف المعترف بها قانوناً في ما يتعلق حصراً بالاحوال الشخصية وحرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية وحرية التعليم الديني”، حق مراجعة المجلس الدستوري في ما يتعلق بمراقبة دستورية القوانين، يضاف لذلك العرف المطبق في لبنان بحصر الرئاسات الثلاث بطوائف معينة، وتقسيم النيابات والوزارات مناصفة بين المسلمين والمسيحيين.

ان تداخل هذه المبادئ بالحياة السياسية اللبنانية، واعتبارها معايير ثابتة بحكم دستوريتها، كان لها تأثيراتها على مجمل الحركة السياسية وتطلعات المواطنين بالانتماء لوطن ودولة، بديلاً عن اي انتماء طائفي او مذهبي او فئوي، قد ادى ليس فقط لتجميد حركة المجتمع في بنيته وتركيبته عند نقطة معينة، بل تعداها الى تكريس الحالة الشاذة والاستثنائية، وتجاوزت الانقسامات الحالة الطائفية الى الاطر المذهبية، مما ادى لاتساع دائرة نطاق التدخل الخارجي من هذه الدولة او تلك، مما فاقم من عمق الشرخ اللبناني، الذي نشهد ترجماته في كل إنتخابات.

و عند كل مفترق طرق نرى الساسة يتلطون وراء طوائفهم ، و هذه السياسة تؤدي إلى إثارة الفتنة و الحقد ضد الفريق الآخر و هذا تجاوز أساسي لحقوق الإنسان و لمبدأ تكريس إحترام الآخر.

علينا أن نعمل جميعا جهدا و جاهدا لكي نتمكن من تحقيق و تطبيق مبدأ حقوق الإنسان في لبنان ، لأنني أعتبره أنه ركن أساسي لتحقيق المواطنة و الإستقرار في وطننا العزيز.

الديمقراطية الشكلية في لبنان

إن لبنان يصنف عربيا أنه من أكثر البلدان ديمقراطية ، لكن الديمقراطية لا تكون فقط بحرية التعبير عن الرأي…. فللديمقراطية أساليب و قوانين و مراسيم و أخلاقيات يجب أن تتبع….
كيف لبنان ديمقراطي و لا يعامل ذوي الإحتياجات الخاصة إسوة بغيرهم أليس هم بشرا ، أليس على الدولة و المؤسسات الخاصة واجبات تجاههم….
أليس على الدولة اللبنانية أن تؤمن لهم التعلم بشكل سليم و يليق بهم…لماذا لا تطبق وزارة التعليم القانون الذي ينص على حق ذوي الإحتياجات بمدارس تليق بهم و بحالاتهم….
أليس الأمن و الإستقرار داخل في الديمقراطية، كيف ممكن أن يكون في بلد ما ديمقراطية من دون أمن و إستقرار…..
أليس الديمقراطية تأمين على الأقل الطبابة للمواطن… أليس قهر علينا جميعا أن نرى أناس لا تتمكن من دخول المستشفيات لأسبباب مادية أليس ذلك إجحاف بحق المواطن اللبناني…..
أليس الديمقراطية أن يوجد نوع من الشفافية و المراقبة و المحاسبة للمال العام لأنه مال الشعب اللبناني……
أليس الديمقراطية هي بتطبيق العدالة على الجميع و إخضاع جميع المجرمين و السارقين إلى العقاب و عدم إدخال الوساطة السياسية في القضاء أي فصل الساسة عن القضاء…
أليس الديمقراطية هي في وضع الشخص المناسب في المكان المناسب و عدم إدخال الواسطة و الوظائف الوهمية في الدوائر العامة !!!!
أين الديمقراطية في ظل عدم التمكن من تأمين فرص عمل للشباب و عدم الإستثمار فيه …فأنتم لا تؤمنون في وطن يسمى فيه و لو تستثمروا ربع ما تملكون لتكونوا نهيم المشكلة أي البطالة….
هل الديمقراطية تكون بالتهديد و الوعيد بين الأطراف السياسية !!!!
فعن أي ديمقراطية نتحدث اليوم ؟؟؟
يجب إعلان حالة طوارىء في لبنان و و ضع إستراتيجية مستقبلية لإنهاء حالة التشرذم و العيش في حياة كريمة و ديمقراطية فعلا…فنحن نحتاج إما إلى ثورة تنهي هذه الحالة إما إلى إصلاح فعلي و عملي و ليس شكلي.
لأن معظمهم مشترك في عدم تطبيق الديمقراطية في لينان، فمعظمهم يغلب المصلحة الشخصية عن مصلحةة الوطن و ذلك مستقبليا قد يؤدي إلى كارثة فعلية : إقتصادية ، إجتماعية، أمنية و سياسية.
إنني أطلب من جميع المعنيين البدء في الإصلاح و تطبيق الديمقراطية و الإصلاح في لبنان لأنه ممكن اليوم أن نبدأ للعمل على ذلك رغم الأعوام العشرون التي مضت…
و شكرا

النظم الإنتخابية و إدارة الصراع في لبنان

النظم الانتخابية أو نظم التصويت ، هي نظم تتيح للناخبين الاختيار بين الخيارات ، عادة في وقت الإنتخابات حيث يتم اختيار المرشحين للمناصب العامة. يمكن أن يستخدم التصويت أيضا لمنح الجوائز ، أو للاختيار ما بين مختلف خطط العمل . ويمكن للتصويت أن يتناقض مع صانعي القرار أو مع نظام السلطة.

فما تعنيه الانتخابات من أهمية التأثير على حياة الناس سلباً وايجاباً لتوضح بجلاء وعي المجتمع وانه الاهم فكلما ارتقى مستوى وعيه امكنه التعامل مع قاعدة الانتخاب بمسؤولية مايؤمن لتشكل الحاكم والمحكوم السلامة والصحة في تداول سلطات الولاية العامة الفوقية والتحتية على افضل اوجه النزاهة.

و ما الأهم من الإنتخابات فهو قانون الإنتخابات و التي تؤكد أهميته فيما يتعلق بإدارة الصراعات. فمن الواضح بأن النظم الانتخابية المختلفة من شأنها أن تفاقم من حدة التوتر والصراع في مجتمع ما أو أن تسهم في تهدئته. فعلى المستوى الأول، هناك نزاع بين النظم التي ترتكز إلى إشراك الأقليات وتلك التي تدفع باتجاه تمكين الحزب الواحد من السيطرة على الحكم. وعلى المستوى الآخر، فإذا لم ينظر للنظام الانتخابي على أنه نظام عادل وأن الإطار القانوني القائم قد يمكن المعارضة من الفوز في الانتخابات القادمة، فقد يرى الخاسرون أنفسهم مجبرين على العمل خارج النظام، بما في ذلك اللجوء إلى وسائل غير ديمقراطية، وصدامية أو عنيفة حتى. أخيراً، ولكون النظام الانتخابي يحدد صعوبة أو سهولة عملية الاقتراع، فهو ينعكس بالضرورة على الأقليات والمجموعات المهمشة. وهذا أمر بالغ الأهمية، إلا أن أهميته تتعاظم في المجتمعات التي تكثر فيها أعداد الأميين.

فرسخت تجربة الممارسة الديمقراطية التعددية في العالم ثلاثة أنظمة انتخابية رئيسية هي:
1. نظام تمثيل الاكثرية ويسمى أيضا النظام الفردي أو نظام الأغلبية النسبية، أو الأكثرية.
2. نظام القائمة النسبية، أو التمثيل النسبي.
3. النظام المختلط.
وأثبتت التجربة العالمية أن النظام الانتخابي لا يبنى على فراغ، إنما يعتمد على السياق الاجتماعي والسياسي الخاص بكل بلد. ولا يوجد أي نموذج موحد قابل للتطبيق في كل دول العالم، بل ينبغي أن تختار كل دولة ما يتلاءم مع ظروفها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية ودرجة تقدمها الحضاري، والمستوى الثقافي والتعليمي السائد. ومن ثم يكون النظام الانتخابي الأصلح لهذه الدولة هو النظام الذي تكون عيوبه اقل من مزاياه على اعتبار ان ما من نظام وطريقة انتخابية تخلو من العيوب والمزايا.
وثمة معايير عديدة للحكم على الأنظمة الانتخابية، من أهمها: مدى تمثيل النظام للناخبين، وتركيبة البرلمان الذي ينتح عن النظام الانتخابي، واستقرار الحكومة وفعاليتها، وتشجيع الأحزاب السياسية، وتعزيز المعارضة والمراقبة التشريعية. ويتفق الباحثون على انه لا يوجد نظام انتخابي واحد يستطيع تجسيد كل هذه المعايير إلى أقصى حد.

ففي مفهومها الأساسي تعمل النظم الانتخابية على ترجمة الأصوات التي يتم الإدلاء بها في الانتخابات إلى عدد المقاعد التي تفوز بها الأحزاب والمرشحين المشاركين بها. أما المتغيرات الأساسية فتتمثل في المعادلة الانتخابية المستخدمة (هل يتم استخدام إحدى نظم التعددية/الأغلبية، أو النسبية، أو المختلطة أو غيرها.

النظم التعددية تتقسم إلى التالي:

  • الفائز الأول
  • الكتلة
  • الكتلة الحزبية
  • الصوت البديل
  • الجولتين

نـظام الفـائـز الأول

يعد نظام الفائز الأول أبسط أنظمة التعددية/الأغلبية، حيث يتم استخدامه ضمن دوائر انتخابية أحادية التمثيل. وهو نظام يتمحور حول المرشحين الأفراد، إذ يقوم الناخب باختيار واحد فقط من مجموع المرشحين المدرجين على ورقة الاقتراع. وببساطة، فإن المرشح الفائز هو الحاصل على أعلى عدد من أصوات الناخبين. ونظرياً فقد يفوز المرشح بصوتين فقط في حال لم يحقق أي من المرشحين الآخرين سوى صوت واحد فقط.

نـظـام الكـتـلـة

يتمثل نظام الكتلة، ببساطة، في استخدام نظام الأغلبية في دوائر

انتخابية متعددة التمثيل (أي التي تنتخب أكثر من ممثل واحدة عن

كل منها). ويتمتع الناخبون بعدد من الأصوات يساوي عدد المقاعد

التي يتم انتخابها عن دوائرهم، بحيث يمكنهم الاقتراع لأي من

المرشحين على ورقة الاقتراع، بغض النظر عادةً عن انتماءاتهم

الحزبية. وفي غالبية نظم الكتلة، يمكن للناخب الإدلاء بما شاء من

الأصوات التي يمتلكها طالما لم يتعدى ذلك عدد المقاعد

المخصصة لدائرته الانتخابية. ولقد استخدم نظام الكتلة في الأردن

في العام 1989، وفي منغوليا في العام 1992، وفي كل من

الفلبين والتايلاند حتى العام 1997، إلا أن هذه البلدان قامت

بتغييره نظراً لعدم الارتياح لنتائجه.

نـظـام الكـتـلـة الحـزبيـة

على عكس ما يحصل في ظل نظام الفائز الأول، يقوم نظام الكتلة

الحزبية على وجود دوائر انتخابية متعددة التمثيل، حيث يملك

الناخب صوتاً واحداً يستخدمه لممارسة خياره بين قوائم حزبية

من المرشحين بدلاً من الاختيار بين المرشحين الأفراد. ويفوز

الحزب (أو القائمة) الحاصل على أعلى الأصوات بكافة مقاعد

الدائرة الانتخابية، وبذلك يتم انتخاب كافة مرشحيه على القائمة.

وكما هي الحال في نظام الفائز الأول لا يتحتم على الفائز الحصول

على الأغلبية المطلقة من الأصوات. وحسب المعطيات المتوفرة

حتى عام 2004، يتم استخدام هذا النظام في أربع دول هي:

الكاميرون، والتشاد، وجيبوتي، وسنغافورة.

نـظام الـصـوت البـديـل

تنتظم الانتخابات في ظل هذا النظام عادةً على أساس الدوائر الانتخابية أحادية التمثيل، كما هي الحال في ظل نظام الفائز الأول. إلا أن نظام الصوت البديل يعطي الناخب خياراً أوسع مما يعطيه نظام الفائز الأول لدى ممارسة الاقتراع. فبدلاً من تحديد مرشحهم المفضل على ورقة الاقتراع، يقوم الناخبون حسب هذا النظام بترتيب المرشحين حسب الأفضلية وذلك من خلال إعطاء المرشح المفضل الرقم “1” ومن ثم إعطاء الذي يليه في الأفضلية الرقم “2” ومن ثم الرقم “3” للذي يليه وهكذا.

نـظام الجـولتيـن

كما يستدل من اسمه، يقوم هذا النظام على انتظام العملية الانتخابية من خلال جولتين انتخابيتين بدلاً من الجولة الواحدة، عادةً ما يفصل بينهما فاصل زمني قصير، حيث تسير الجولة الأولى بذات الطريقة التي يتم فيها تنظيم الانتخاب على أساس الجولة الواحدة ضمن نظم التعددية/الأغلبية، وغالباً ما يكون ذلك استناداً إلى نظام الفائز الأول. إلا أنه من الممكن استخدام نظام الجولتين في دوائر انتخابية متعددة التمثيل، من خلال استخدام نظام الكتلة (كما هي الحال في كيريباتي) أو نظام الكتلة الحزبية (كما هي الحال في مالي). ويفوز في الانتخاب بشكل مباشر في الجولة الأولى، ودون الحاجة إلى جولة ثانية، الحزب أو المرشح الحاصل على أغلبية معينة من الأصوات، عادةً ما تكون الأغلبية المطلقة لأصوات الناخبين الصالحة، على الرغم من اعتماد بعض الدول لأغلبية أخرى في الانتخابات الرئاسية لدى استخدامها لنظام الجولتين. وفي حال عدم فوز أي من الأحزاب أو المرشحين بتلك الأغلبية في الجولة الأولى، يتم تنظيم جولة انتخابية ثانية يفوز فيها بالانتخاب الحزب أو المرشح الحاصل على أعلى الأصوات.

أما النظام الآخر فهو نظام التمثيل النسبي:

التي تقوم الفكرة الأساسية لنظم التمثيل النسبي على تقليص الفارق النسبي بين حصة الحزب المشارك في الانتخابات من أصوات الناخبين على المستوى الوطني وحصته من مقاعد الهيئة التشريعية (البرلمان) التي يتم انتخابها. فلو فاز حزب كبير بما نسبته 40 بالمئة من الأصوات، يجب أن يحصل على ذات النسبة تقريباً من مقاعد البرلمان، وكذلك الحال بالنسبة للحزب الصغير الذي يفوز بنسبة 10 بالمئة من الأصوات يجب أن يحصل كذلك على حوالي 10 بالمئة من تلك المقاعد. ويعمل هذا المبدأ على تعزيز ثقة مختلف الأحزاب بالنظام الانتخابي وبالتالي تأييدهم له.

وكثيراً ما يعتقد بأن اللجوء إلى استخدام القوائم الحزبية يزيد من فرص تحقيق النسبية في التمثيل، حيث تقوم الأحزاب السياسية بتقديم قوائم من المرشحين سواء على المستوى الوطني أو المحلي، إلا أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال نظم الانتخاب التفضيلية أيضاً: فنظام الصوت الواحد المتحول، حيث يقوم الناخبون بترتيب المرشحين على ورقة الاقتراع بالتسلسل حسب الأفضلية في الدوائر الانتخابية متعددة التمثيل، يعتبر نظاماً نسبياً آخر أثبت فعاليته في هذا الاتجاه.

هناك الكثير من الاعتبارات ذات التأثير الكبير والمباشر على طريقة عمل نظم التمثيل النسبي على أرض الواقع. فكلما زاد عدد المرشحين المنتخبين عن كل دائرة انتخابية كلما ارتفع مستوى النسبية في النظام الانتخابي. كما وأن نظم التمثيل النسبي تختلف فيما بينها بماهية الخيارات التي توفرها للناخب، من حيث استطاعة الناخب الاختيار بين الأحزاب السياسية أو المرشحين الأفراد أو كليهما معاً.

ميـزات التـمثيـل النسـبي

تمتاز نظم التمثيل النسبي بشكل أساسي بكونها تعمل على تفادي النتائج غير المرغوب بها لنظم التعددية/الأغلبية مما يجعلها صالحة لإفراز هيئات تشريعية تمثيلية بشكل أفضل. ففي كثير من الديمقراطيات الناشئة، وخاصة تلك التي تواجه انقسامات اجتماعية حادة، قد تصبح مسألة إشراك كافة المجموعات والمكونات الاجتماعية شرطاً مفصلياً لا غنى عنه لتدعيم النظام الديمقراطي بشكل عام. إذ أن الفشل في توفير الفرصة الحقيقة لكافة الأقليات، بالإضافة للأكثرية، للمشاركة في صنع القرار وتطوير النظام السياسي من شأنه أن يفضي إلى نتائج كارثية.

وتتلخص أهم مميزات نظم التمثيل النسبي بما يلي:

  • تعمل هذه النظم على ترجمة الأصوات إلى مقاعد بشكل دقيق، متفادية بذلك بعض النتائج المترتبة على نظم التعددية/الأغلبية الأكثر مدعاة للقلق والأقل عدالة. حيث تعمل هذه النظم على الحد من حصول الأحزاب الكبيرة على مقاعد إضافية تفوق نسبتها من أصوات الناخبين، في الوقت الذي تسمح للأحزاب الاصغيرة الوصول إلى البرلمان من خلال الحصول على أعداد محدودة من أصوات الناخبين.
  • تحفز نظم التمثيل النسبي قيام الأحزاب السياسية أو تشكيل التجمعات الانتخابية من قبل المرشحين المتقاربين فكرياً لتقديم قوائم من المرشحين للانتخاب. ومن شأن ذلك الإسهام في إيضاح السياسات والاختلافات الأيديولوجية والقيادية القائمة ضمن مجتمع ما، خاصةً عندما يفتقد ذلك المجتمع لأحزاب سياسية قوية ومتماسكة، كما كانت عليه الحال في تيمور الشرقية لحظة استقلالها.
  • ينتج عن هذه النظم انحسار في أعداد الأصوات الضائعة أو المهدورة. فعندما تنخفض نسبة الحسم تفضي كافة الأصوات تقريباً إلى انتخاب مرشح ما. وهو ما يزيد من قناعة الناخب بالفائدة من المشاركة في العملية الانتخابية والتوجه إلى مراكز الاقتراع، حيث تزداد القناعة لدى الناخبين بأن لأصواتهم تأثير حقيقي من شأنه أن يحدث تغييراً فعلياً في نتائج الانتخاب، مهما كان ذلك التغيير متواضعاً.
  • تساعد نظم التمثيل النسبي أحزاب الأقليات في الحصول على تمثيل لها. فعدا تلك الحالات التي ترتفع فيها نسبة الحسم إلى مستويات غير مقبولة، أو يصغر فيها حجم الدوائر الانتخابية بشكل غير معتاد، يصبح بإمكان أي حزب يحصل على نسبة بسيطة من أصوات الناخبين الحصول على تمثيل له في البرلمان. وهذا ما يحقق مبدأ التعددية والذي يمكن اعتباره أساسياً في استقرار المجتمعات المنقسمة، بالإضافة إلى فوائده المثبتة والمتعلقة بعملية اتخاذ القرارات في الديمقراطيات الراسخة.
  • تعمل هذه النظم على تحفيز الأحزاب السياسية للتوجه إلى أطر واسعة من الناخبين، خارج نطاق الدوائر التي يكثر فيها مؤيديها أو تلك التي تتوقع حصول منافسة أكبر فيها. حيث أن الحافز الحقيقي في ظل نظم التمثيل النسبي يكمن في العمل على الحصول على أكبر عدد ممكن من الأصوات، بغض النظر عن مصدر تلك الأصوات. إذ يمكن لكل صوت إضافي، حتى ولو أتى من مواقع يضعف فيها تواجد الحزب، أن يسهم في الحصول على مقعد إضافي.
  • تحد هذه النظم من نمو ما يعرف بالإقطاعيات المحلية. وذلك لكونها تمنح الأحزاب الصغيرة فرصة الحصول على بضعة مقاعد، مما يقلل من إمكانية حصول الحزب الواحد على كافة مقاعد الدائرة الانتخابية الواحدة. وهو ما تزيد أهميته بالنسبة للأقليات، خاصةً تلك التي لا تتمركز في مواقع جغرافية محددة ومحصورة ولا تملك وسائل بديلة للحصول على تمثيل لها.
  • تقود نظم التمثيل النسبي إلى تحقيق مستويات أعلى من الاستمرارية واستقرار السياسات. فقد أثبتت التجارب في أوروبا الغربية نجاعة هذه النظم لدى اعتمادها لانتخاب البرلمانات في تحقيق استقرار أفضل للحكومات، بالإضافة إلى تحقيق مستويات أعلى من المشاركة والأداء الإقتصادي. أما السبب في ذلك فيعود إلى أن التناوب المتكرر في مقاليد الحكم بين أحزاب سياسية متناقضة كلياً من الناحية الأيديولوجية، كما يمكن أن يحصل في ظل نظام الفئز الأول، يصعب عملية التخطيط الإقتصادي على المدى الطويل، بينما تسهم الحكومات الائتلافية الناتجة عن النظم النسبية في تأصيل الاستقرار والتماسك في القرارت الهامة والتي تفسح المجال أمام التطوير والنمو المستدام.
  • تسهم هذه النظم في تجذير مبدأ الشراكة في الحكم بين الأحزاب والمجموعات ذات الاهتمامت المختلفة. ففي كثير من الديمقراطيات الناشئة تعتبر مسألة الشراكة في الحكم بين الأكثرية العددية للسكان والتي تسيطر على القوة السياسية والأقلية التي تسيطر على القوة الإقتصادية في البلد أمراً لا بد منه وحقيقة لا يمكن تجاهلها. إذ نرى بأنه حيث تنفرد الأكثرية العددية بالسيطرة على السلطة بينما تنحصر اهتمامات الأقلية في السيطرة على مصادر الثروة والقوة الإقتصادية تصبح المشادات بين مختلف مصادر القوى أقل وضوحاً وأكثر ضبابية ولا تخضع لبمادئ المساءلة والمحاسبة (كما حصل في زمبابوي خلال العشرين سنة الأولى من استقلالها على سبيل المثال). وعليه، فكثيراً ما يعتقد بأن نظم التمثيل النسبي، ومن خلال إشراك كافة المجموعات في السلطة التشريعية، توفر فرصة أكبر لاتخاذ القرارت الهامة تحت الضوء وعلى مرأى من أعين العامة وبما يحقق متطلبات شرائح أوسع من المجتمع.

عيـوب التـمثيـل النسـبي

لنظم التمثيل النسبي مساوئها كذلك، وأهمها كونها تميل إلى إفراز حكومات ائتلافية وتعمل على شرذمة الأحزاب السياسية. أما أهم الانتقادات الموجهة عادةً لهذه النظم فتكمن في كونها تقود إلى ما يلي:

  • حكومات ائتلافية تفضي بدورها إلى اختناقات في سير الأعمال التشريعية وما ينتج عنه من عدم القدرة على تنفيذ السياسات المتماسكة. وتزداد خطورة الوقوع في ذلك بشكل خاص في حالات ما بعد الصراع والمراحل الانتقالية، حيث تكون تطلعات الشعب للانجازات الحكومية في أوجها. إذ يمكن للحكومات الائتلافية وحكومات الوحدة الوطنية المشكلة من أحزاب مختلفة الحؤول دون القدرة على اتخاذ القرارات بشكل سريع ومتماسك.
  • انقسامات في الاحزاب السياسية تمس باستقرار النظام السياسي. حيث يمكن لنظم التمثيل النسبي أن تؤدي إلى، أو على الأقل أن تسهم في تشرذم الأحزاب السياسية. وقد يفسح تعدد الأحزاب السياسية بشكل كبير المجال أمام الأحزاب الصغيرة جداً لاستنزاف الأحزاب الكبيرة ودفعها إلى تقديم التنازلات الكبيرة بهدف تشكيل حكومة ائتلافية. وهنا يعتبر البعض ميزة التعددية في نظم التمثيل النسبي كأحد ارتداداتها السلبية. ففي إسرائيل على سبيل المثال، عادةً ما تلعب الأحزاب الدينية المتطرفة الصغيرة دوراً مفصلياً في تشكيل الحكومات، بينما عانت إيطاليا لسنوات طويلة من تقلبات مستمرة وانعدام في استقرار الحكومات الائتلافية المتعاقبة. وكثيراً ما تتخوف البلدان المتحولة إلى النظام الديمقراطي من أن تؤدي نظم التمثيل النسبي إلى ظهور الأحزاب السياسية المستندة إلى قيادات تقليدية أو جماعات عرقية، وذلك بسبب عدم تطور نظامها الحزبي السياسي بشكل عام.
  • استخدامها كقاعدة لظهور الأحزاب المتطرفة. إذ كثيراً ما تنتقد نظم التمثيل النسبي لكونها تفسح المجال أمام الأحزاب المتطرفة، اليسارية أو اليمينية على حد سواء، للحصول على تمثيل في الهيئة التشريعية. فلقد رأى الكثيرون في أن أحد الأسباب خلف انهيار جمهورية ويمر في ألمانيا يعود إلى كيفية إعطاء النظام الانتخابي النسبي الفرصة للأحزاب المتطرفة اليمينية واليسارية للحصول على موطئ قدم لها في السلطة.
  • حكومات ائتلافية لا تتمتع بقدر كاف من الخلفية المشتركة سواء فيما يتعلق بسياساتها أو بقواعدها الشعبية. وكثيراً ما تتم مقارنة هذا النوع من ائتلافات المصلحة بالائتلافات المتماسكة الناتجة عن نظم انتخابية أخرى (مثل نظام الصوت البديل)، حيث تميل مختلف الأحزاب السياسية إلى الاعتماد، وبشكل متبادل، على أصوات الأحزاب الأخرى كذلك، مما يؤدي إلى قيام ائتلافات أقوى وأكثر تعاضداً.
  • حصول أحزاب سياسية صغيرة على حصص من السلطة لا تتناسب مع حجمها وقوتها الحقيقية. إذ قد تضطر الأحزاب الكبيرة للائتلاف مع أحزاب صغيرة جداً لتشكيل الحكومة، وذلك من خلال إعطاء الحزب الممثل لنسبة ضئيلة من الناخبين القدرة على تعطيل أية اقتراحات ومبادرات قد تأتي بها الأحزاب الكبيرة.
  • عدم قدرة الناخب على تنفيذ مبدأ المساءلة من خلال حجب ثقته وإقصاء حزب سياسي ما عن السلطة. حيث قد يكون من الصعب بمكان إقصاء حزب مركزي كبير من السلطة في ظل نظم التمثيل النسبي. فعندما تتشكل الحكومات من ائتلافات، نجد بأن بعض الأحزاب متواجدة دائماً في الحكومة بشكل أو بآخر، على الرغم من تراجع أدائها الانتخابي من حين لآخر. وعلى سبيل المثال، استمر الحزب الديمقراطي الحر في ألمانيا كعضو في كافة الحكومات الائتلافية على مدى خمسين عام، من عام 1949 إلى عام 1998، ما عدا فترة ثماني سنوات منها فقط، وذلك على الرغم من عدم حصوله أبداً على ما يزيد على 12 بالمئة من أصوات الناخبين في أفضل الحالات.
  • الصعوبات التي قد يفرضها تنفيذ هذه النظم على أرض الواقع، سواء بالنسبة للناخبين وقدرتهم على فهم بعض تفاصيل النظام، أو بالنسبة للإدارة الانتخابية في تطبيق قواعده المعقدة أحياناً. إذ تعتبر بعض نظم التمثيل النسبي أكثر تعقيداً من غيرها من النظم غير النسبية، وهو ما يتطلب جهوداً توعوية أكبر للناخبين، بالإضافة إلى مزيد من التدريب المهني لموظفي الانتخابات لضمان صحة العملية.

المـرشـحون المسـتقلـون ونظـم التـمثيـل النسـبي

من الأخطاء الشائعة أنه لا يمكن للمرشحين المستقلين المشاركة في الانتخابات في ظل نظم التمثيل النسبي. وهذا غير صحيح، على الرغم من تنفيذ معظم الانتخابات في ظل هذه النظم بمشاركة مرشحين عن الأحزاب السياسية فقط. إلا أننا نجد بأن نظام الصوت الواحد المتحول يتمحور حول المرشح الفرد، وعليه فإن مشاركة المرشحين المستقلين في ظله أمر اعتيادي في بلد مثل أيرلندا.

كما و أن من خلال النظام النسبي يتمكن المرشحون المستقلون إما تأليف لائحة منهم و إما يتحالفوا مع اللوائح الحزبية و التي ممكن من خلالها أن يصلوا إلى المجلس.

أخيرا ، إنني أرى أنه من خلال تطبيق النظام النسبي في لبنان سوف نتمكن من الوصول إلى إلغاء الطائفية السياسية في لبنان و سوف نخفف من المحادل الإقطاعية و سوف نمكن من إدخال دم جديد إلى المجالس التشريعية مما سوف يمكننا من القضاء على المحاصصة و إلى إجراء إصلاح إداري و مالي يخطوا بنا نحو إنشاء دولة المؤسسات.

و لكن القانون الإنتخابي وحده لا ينفع فذلك يجب أن يكون ضمن إستراتيجية كاملة منها الإصلاح القضائي و تفعيل مبدأ المساءلة و المحاسبة ، كما و أن تطبيق اللامركزية الإدارية التي تسهل الحركة الإنمائية و تفعل الإصلاح الإداري.