مقالات

ثورة الجياع آتية على مافيا الدولار في لبنان

نظمت مهنة الصيارفة رسميا في 21 تشرين الثاني عام 1987، بقانون أقر في مجلس النواب و وقع عليه رئيس الجمهورية أمين الجميل و رئيس الحكومة سليم الحص و هذا القانون مؤلف من 18 مادة و أبرز مواده أن هذه المهنة تقع تحت رقابة مصرف لبنان، و يبلغ عدد الصيارفة المنتسبين إلى النقابة على 305، أما عدد الذين يعملون من دون رخص قانونية فيتراوح ما بين 200 و300 آخرين.

لبنان مر بفترات صعبة منذ إنتهاء الحرب الأهلية حتى اليوم و لكن على الصعيد النقدي و المالي حصل عام 1992 عند إرتفاع الدولار إلى حد 2800 ليرة لبنانية و هبوطه من بعدها، لكن كان الوضع الإقتصادي و الإجتماعي أفضل بكثير من واقعنا اليوم، حيث كانت كافة النسب من بطالة و فقر و غيرها أقل بكثير من واقع اليوم.

من بعدها جاء دعم دولي و إقليمي حافظ على وضع إلى حد ما مستتب و أصبح لبنان دولة تعيش على أساس الدعم الخارجي بسبب فسادها و هدر أموالها يمينا و يسارا من قبل قلة حاكمة، أدت إلى تدمير الطبقة الوسطى. هذه السياسات المالية و الإقتصادية المتتابعة و هدر أموال قدرات الشعب اللبناني أدت إلى ثورة 17 تشرين.

قبيل الثورة ببضعة أشهر بدء شح الدولار و كان لبنان عمره أشهر قبل الإنهيار، أدت الثورة إلى فضح السلطة و سياساتها الفاشلة، و لكن على الشعب دائما أن يدفع فاتورتين مثل كهرباء، خلال فترة ما قبل الثورة كان الشعب يدفع الثمن من جراء هدر الأموال و تهريبها، اليوم يدفع فاتورة ثانية خلال فترة الثورة من مافيا مشتركة بين قطاع المصارف و شركائها من نافذون و الصرافين حيث يلعبون بجنى حياة الشعب اللبناني.

هذه المافيا المشتركة المستفيدة الأول من اللعب بسعر صرف دولار مقابل الليرة اللبنانية، حيث تم تهريب أموال خلال الفترة الماضية إلى خارج المصارف، بالإضافة إلى صفقات تجري من تحت الطاولة بين الصرافين و المصرفيين النافذون في المصارف و بعض رجال الأعمال و ساسة بالإضافة إلى مصرف لبنان، هذه الفئة مسؤولة عن اللعب بأسعار سعر الصرف و مسؤولة عن تجويع نسبة كبيرة من الشعب اللبناني و مسؤولة عن إزدياد نسبة البطالة في لبنان، إنهم المافيا التي تتحكم بأموال اللبنانيين و يجنون أرباحا باهظة على ظهر الشعب اللبناني و أمواله و حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لم يتخذ أي إجراء لوقف هذه الجريمة لأنها من ضمن إختصاصه و مسؤولياته فأصبح شريكا واضحا و شريكه جميع الطبقة السياسية الساكتة عن هذا الواقع المرير.

ما الفرق بين العمالة و كل هذه النتائج التي ذكرتها، ألا يستحق المسؤولون عن ذلك وضعهم في السجون لقاء ما يرتكبونه بحقنا؟ أم نسمح لهم بالتنعم بأموال المواطن اللبناني على حساب معيشته و إذلاله في الوقوف بطوابير على أبواب البنوك لأخذ خرجية من فئة المئة دولار أسبوعيا، ألا يكفي المواطن الذل الذي كرسته الدولة من جراء الكهرباء و الماء و الإتصالات و كافة الخدمات التي هي من حقه؟

هذا من ناحية المودعين أما من ناحية أخرى يوجد 36% من الشعب اللبناني دون خط الفقر و بالتالي ليس لديهم ودائع في البنوك، و لكن هذه المافيا تزيدهم فقرا و تجلب لهم زملاء جدد لأن لبنان قريبا سوف يصبح أكثر من نصف شعبه فقير بسبب فقدان الليرة قيمتها حيث تدنت حوالي 40 بالمئة، و بالتالي من كان فوق الفقر بقليل أصبح تلقائيا فقيرا بسبب هؤلاء الذين يزداد غنائهم على حساب الفقراء و من تبقى من الطبقة الوسطى و على حساب المودعين الكبار و لكنهم ليسوا من التركيبة حيث يستغلونهم بشح الدولار.

هذه التركيبة دائما تجد مخرجا لنهب أموال الشعب و بطريقة قانونية و شرعية، و لكنكم لن تنعموا بهذه الأموال لأن ثورة الجياع قادمة و سوف تطال تركيبتكم و مخططاتكم، عليكم أن تعلموا جيدا أن الشعب يوما إذا أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر.

 

 

سلطة خبر كان

منذ بدء إنتفاضة 17 تشرين الأول 2019، نزل الشعب اللبناني إلى الشارع رفضا إلى السياسات الحكومية المتعاقبة و النظام الطائفي التي أدت إلى إنهيار الوضع الإقتصادي و المالي و إنهيار دولة مؤسسات و بالتالي بناء مشروع غياب الدولة.

معظم أركان السلطة ما زالوا في زمن “خبر كان” لم يتعاطوا بواقعية مع الإنتفاضة الحاصلة، حاولوا ضربها بوسائل مختلفة و لكن هذه الإنتفاضة ليس لها تمثيل تنظيمي أو مجموعة أو فرد إنها عبارة عن وجع و غضب المواطن اللبناني، و عند حصول مزيد من الإنهيار سوف نصل إلى مزيد من الغضب.

السلطة ما زالت حتى اليوم في زمن 16 تشرين الأول 2019، و لم تعي أننا في 17 تشرين و شتان الفرق ما بينهما، و مسار تشكيل الحكومة اليوم هو دليل على أنها ما زالت في ذلك الزمن، ليس مستبعدا هذا السيناريو لأنه يوجد صدمة فعلية و الخروج من تلك الصدمة و العنجهية بالتعاطي ليس بسهلا عليهم.

السلطة اليوم أمام واقعان إما أن تختار أن تكون في زمن الإنتفاضة و الحراك الشعبي و إما أن تختار الإنهيار و بالتالي سقوط المركب بالجميع،أما الخيار الآخر أخذ قرار جريء بإنقاذ الوطن عبر إجراء مراجعة ذاتية للسلطة و تصرفاتها و أخذ بعين الإعتبار الإنذار الذي وجهه الشعب لأن اليوم جزء من مناصريهم شاركوا إضافة إلى رأي عام و لكن المرة المقبلة و لن تكون ببعيدة سوف يشارك بها جزء كبير من مناصريهم لأن الجوع لن يرحم.

القرار الجريء يكون بسلخ الذات عبر الإقتناع بالإصلاحات و ليس اللف عليها، لمحاولة إعتبار كأن شيئا لم يحصل، لأنه لا يوجد أحد أكبر من وطنه، طبعا كل فريق سياسي له تمثيله و لكن عند سقوط الوطن الجميع سوف يكون بخبر كان، و البلد سوف ينتقل إلى مزيد من الفقر و البطالة و العنف.

في الأيام الماضية عدنا نسمع أن هذا الطرف يريد الحصة ذلك أو ذاك و الطرف الآخر يقبل بذلك أو ذاك و كأن شيئا لم يحدث في لبنان، الوطن بفترة إقتصادية حساسة و الجوع يأكل المواطن من جميع الطوائف و المذاهب و السلطة سوف تدفع المواطن اللبناني إن لم تلمس بعد حتى الآن أننا في زمن 17 تشرين و ما زالت تراهن على الوقت سوف تدفعه إلى ثورة تحت عنوان ثورة الجياع في لبنان مما يعني الذهاب إلى المجهول.

أي حكومة لا تأخذ بمعايير الأخصائيين ضمن برنامج عمل ينقذ لبنان من آفته سوف يكون مسؤول عن آخر طلقة في نعش الجمهورية اللبنانية و بالتالي في نعش إتفاق الطائف و سوف نتجه نحو الإفلاس.

إنها سلطة مجرمة بحق المواطن اللبناني، إستفادة من خيراته و تريد أن تستفيد من إفلاسه أيضا عبر صفقات جديدة تتعلق بثرواته، إنه الإرهاب الإقتصادي و المالي بحق الشعب اللبناني.

 

 

660 ألف قنبلة موقوتة أشعلت إنتفاضة لبنان

 

منذ بداية الإنتفاضة في لبنان و هناك الكثير من يسأل نفسه لماذا الآن، ماذا حصل، ماذا تغير. و البعض الأخر كان يسأل العكس لماذا لم تحصل حتى الآن و أي مخدر يتعاطاه الشعب حتى لا ينتفض، على الأقل القنابل الموقوتة شباب لبنان العاطلون عن العمل الذين على الأقل تأمين أدنى هدف لهم  في الحياة أي بناء عائلة كريمة لم يعد يتمكنوا منه بسبب البطالة، و من لديه وظيفة تم توقيف قروض الإسكان لهم منذ حوالي عام و أحد أسباب إيقافها كانت قروض ميسرة لأصحاب الثروات و الرأسماليين و هذا يزيد غضب “الشباب”.

 

الشباب اللبناني العاطل عن العمل ليس بمعدل بسيط حسب أرقام ​البنك الدولي​، يدخل 30 ألف فرد سوق العمل اللبناني سنوياً، ولاستيعابهم يحتاج الإقتصاد إلى خلق أكثر من 6 أضعاف عدد الوظائف الموجودة أساساً، علماً أن متوسط صافي فرص العمل التي كانت المتاحة بين 2004 – 2007 يبلغ 3400 وظيفة فقط.

 

قبل ظهور الأزمة السوريّة، كان هناك 11% من القوى العاملة عاطلة عن العمل في لبنان، أما اليوم فهي 36% هي النسبة التي توصلت إليها الدراسة حول البطالة في لبنان. تبين أن هناك حوالي 660 ألف شخص عاطل عن العمل و النسب متفاوتة بين المناطق المختلفة و اليوم الأرقام إلى إرتفاع.

 

طبعا الجميع مسؤول عن ما وصلنا إليه اليوم من حالة إجتماعية و إقتصادية صعبة جدا، و طبعا أولها ثقافة الفساد في لبنان و سوء الإدارة و التخطيط.، لقد وصل شبابنا إلى حد قنابل موقوتة تواجه القنابل المسيلة للدموع نتيجة سوء إدارة الدولة، إما أن تجد فرصة عمل و إما أن تهاجر و إما أن تلتجىء إلى العنف و المخدرات أو تنتحر.

 

لبنان شهد حوالي 200 حالة إنتحار خلال عام 2018 و نبشركم أن عام 2019 سوف تزداد النسب و كانت أول حالة قتل شاب لأطفاله و من ثم الإنتحار لأسباب إقتصادية أو إجتماعية.إن مواضيع سوق العمل و​البطالة​ في كل دول العالم تهز عروش وتسقط حكومات وكم من الثورات انطلقت من هذا الباب ، و إنتفاضة لبنان روحها البطالة و الوضع الإقتصادي و الإجتماعي.

 

المثل الفرنسي يقول ” البطالة أم الرذائل”.

 

الشباب في لبنان أطلق ثورته و صرخته و إنتفض على المخدر الذي كان متأثر به، لأن لبنان مجرم بحق كل شب ، كل صبية ، كل أم، كل طفل و كل أب، و لا ننسى اللبنانيين المغتربين المغيبين قصرا عن وطنهم بسبب سوء إدارة الدولة. و لكن الشباب اللبناني يثبت مرة أخرى كم هو متمسك بلبنانه و متمسك بأرضه و ترابه و مستعد أن يدفع بمزيد من الثمن لكي يحقق الوطن الذي يحلم به.

كم نحن في مرحلة نتمنى عودة لبناننا الذي نحب و الذي نطمح الموت فيه و لأجله و أن لا يكون شبابنا فيه قنابل موقوتة بسببه.