سلطة خبر كان

منذ بدء إنتفاضة 17 تشرين الأول 2019، نزل الشعب اللبناني إلى الشارع رفضا إلى السياسات الحكومية المتعاقبة و النظام الطائفي التي أدت إلى إنهيار الوضع الإقتصادي و المالي و إنهيار دولة مؤسسات و بالتالي بناء مشروع غياب الدولة.

معظم أركان السلطة ما زالوا في زمن “خبر كان” لم يتعاطوا بواقعية مع الإنتفاضة الحاصلة، حاولوا ضربها بوسائل مختلفة و لكن هذه الإنتفاضة ليس لها تمثيل تنظيمي أو مجموعة أو فرد إنها عبارة عن وجع و غضب المواطن اللبناني، و عند حصول مزيد من الإنهيار سوف نصل إلى مزيد من الغضب.

السلطة ما زالت حتى اليوم في زمن 16 تشرين الأول 2019، و لم تعي أننا في 17 تشرين و شتان الفرق ما بينهما، و مسار تشكيل الحكومة اليوم هو دليل على أنها ما زالت في ذلك الزمن، ليس مستبعدا هذا السيناريو لأنه يوجد صدمة فعلية و الخروج من تلك الصدمة و العنجهية بالتعاطي ليس بسهلا عليهم.

السلطة اليوم أمام واقعان إما أن تختار أن تكون في زمن الإنتفاضة و الحراك الشعبي و إما أن تختار الإنهيار و بالتالي سقوط المركب بالجميع،أما الخيار الآخر أخذ قرار جريء بإنقاذ الوطن عبر إجراء مراجعة ذاتية للسلطة و تصرفاتها و أخذ بعين الإعتبار الإنذار الذي وجهه الشعب لأن اليوم جزء من مناصريهم شاركوا إضافة إلى رأي عام و لكن المرة المقبلة و لن تكون ببعيدة سوف يشارك بها جزء كبير من مناصريهم لأن الجوع لن يرحم.

القرار الجريء يكون بسلخ الذات عبر الإقتناع بالإصلاحات و ليس اللف عليها، لمحاولة إعتبار كأن شيئا لم يحصل، لأنه لا يوجد أحد أكبر من وطنه، طبعا كل فريق سياسي له تمثيله و لكن عند سقوط الوطن الجميع سوف يكون بخبر كان، و البلد سوف ينتقل إلى مزيد من الفقر و البطالة و العنف.

في الأيام الماضية عدنا نسمع أن هذا الطرف يريد الحصة ذلك أو ذاك و الطرف الآخر يقبل بذلك أو ذاك و كأن شيئا لم يحدث في لبنان، الوطن بفترة إقتصادية حساسة و الجوع يأكل المواطن من جميع الطوائف و المذاهب و السلطة سوف تدفع المواطن اللبناني إن لم تلمس بعد حتى الآن أننا في زمن 17 تشرين و ما زالت تراهن على الوقت سوف تدفعه إلى ثورة تحت عنوان ثورة الجياع في لبنان مما يعني الذهاب إلى المجهول.

أي حكومة لا تأخذ بمعايير الأخصائيين ضمن برنامج عمل ينقذ لبنان من آفته سوف يكون مسؤول عن آخر طلقة في نعش الجمهورية اللبنانية و بالتالي في نعش إتفاق الطائف و سوف نتجه نحو الإفلاس.

إنها سلطة مجرمة بحق المواطن اللبناني، إستفادة من خيراته و تريد أن تستفيد من إفلاسه أيضا عبر صفقات جديدة تتعلق بثرواته، إنه الإرهاب الإقتصادي و المالي بحق الشعب اللبناني.