العائلات الأكثر فقرا بين النقمة و إنتظار الرحمة

في معظم دول العالم تعمد الدولة المركزية الإستفادة من كافة مواردها في العاصمة و خارجها، أما في لبنان العكس لا للإستفادة سوى من موارد العاصمة حتى لو على حساب الوطن بأكمله. تلك السياسات الإنمائية و الإقتصادية و المالية المختلفة أدت نتيجتها إلى توسيع رقعة الفقر على مدى سنوات في المناطق خارج العاصمة و بالأخص شمال لبنان.

أرادت الدولة اللبنانية أن تعطي طرابلس وساما فأصبحت أفقر مدينة على مدن بحر المتوسط و 57 بالمئة من أهلها دون خط الفقر حسب آخر إحصاءات لبرنامج أمم المتحدة، و الرقم إلى مزيد من الإرتفاع في ظل الأجواء السوداوية أيامنا هذه.

هذه الدولة العتية العاطلة عن العمل، أطلقت عام 2007 برنامج دعم العائلات الأكثر فقرا بهبة من البنك الدولي و الحكومتين الكندية و الإيطالية، هذا البرنامج كان في الأساس للعائلات الأكثر حاجة حيث يستفيد منها المواطن من الإستشفاء و المساعدات المدرسية و الإعانات الحياتية.

من المفترض و بشكل تلقائي أن العائلات الأكثر فقرا هي من يجب أن يتم تسجيلها، حيث دخل على هذا البرنامج المحاصصة بكافة جوانبها و حتى الخدمات الإنتخابية حيث يأخذ الميسور من درب الفقير ليستفيد من خدماتها، هناك عائلات ليس لديها مأوى أو مأواها معرض للإنهيار و بالمقابل أشخاص يعيشوا بمناطق على الأقل تعد للطبقة الوسطى و تستفيد من تلك البطاقات على ظهر تلك العائلات.

حتى تسجيل العائلات مركزيا في لبنان و مرتبط بقرار الدوائر المركزية في الوزارة، المراكز المحلية دورها فقط تسجيل من دون أخذ أي قرار مما يعطي الإدارة المركزية التي لا تعرف أحياء الفقراء بالأصل أن تقيم من هو فقير و من لا، إحدى العائلات لا أريد أن أذكرها لكي لا يضعوا فيتو على إسمهم لأن ما زال لهم أملا بأن يقبلوا بهذا البرنامج المتجدد حيث أصبح إسمه “حياة”، قدموا ثلاثة مرات على هذا البرنامج و تم رفضهم، تعيش هذه العائلة بمنطقة باب التبانة في منزل معرض للإنهيار في أي لحظة، أب عاطل عن العمل و لهم ثلاثة أولاد، و في المقابل عائلة لها ضمان إجتماعي حيث رب المنزل يعمل في إحدى مؤسسات الدولة و تم تسجيله بهذا البرنامج.

إنها تعد أبشع أنواع المحسوبيات حيث يستفيد الميسور على ظهر الفقير ببرنامج للعائلات الأكثر فقرا، و يسألون لماذا الشعب ينتفض؟ أنتم من أوصلتم الشعب إلى هنا سياساتكم اللاإنسانية.

هذا البرنامج يجب إعادة النظر بطريقة عمله من التسجيل إلى التنفيذ، أولا يجب أن يتم إعلان و إعلام بوسائل مختلفة عن كيفية التسجيل لأنه حتى اليوم هناك عائلات كثيرة لا تعلم كيفية التسجيل، بدل بذخ وزارة الشؤون لجمعيات زوجات الساسة و دعمها، فليتم التعاون مع المؤسسات المحلية بالإضافة إلى المخاترة و البلديات بهكذا برنامج لأن موظفوا الوزارة في الإدارة المركزية لا يمكنهم أخذ قرارات بقبول و عدم قبول مبني على تقارير يجب أن يتم المشاركة مع لجنة محلية على تواصل مع هذه العائلات و تضع من لهم أولوية في التسجيل، بالإضافة يجب تشكيل لجان محلية بالتنسيق مع الوزارة لتقييم المسجلين و إعادة ترتيب هذا الملف ليستفيد منه فقط من هم الأكثر فقرا ضمن معايير محددة و عادلة.

هذا الموضوع تتحمل مسؤوليته الوزارات المتعاقبة منذ عام 2007 حتى اليوم ليس فقط هذه الوزارة، و مراكز الشؤون المحلية دورها صندوق بريد فقط ليس عليها مسؤولية أساسية، السؤال الذي يطرح نفسه متى ستصبح مؤسسات الدولة تفكر بطريقة إنسانية و تراعي حاجات الفقراء و أولوياتهم بعيدا عن المحسوبيات؟ طبعا إنتفاضة 17 تشرين الأول إن وضع بنك أهداف بطريقة غير عشوائية سوف يكون هذا المسار إطلاق رصاصة في نعش زمن اللانسانية و يتم تصويب هذا المسار.