شمال لبنان في خطر !!

منذ سنوات و يشعر أهالي الشمال و خاصة المناطق السنية منها بعدم وجود قيادة فعلية لها، و يتزامن مع ذلك مزيدا من الفقر و البطالة و آخر الأرقام تعد مذهلة أي أكثر من نصف شعب الشمال بين الفقر و ما دون و أكثر من نصف أهل الشمال بحالة بطالة مما يعكس واقع الشمال الفعلي، 1000 طالب من الجامعة اللبنانية في كل لبنان لم يتمكنوا من دفع رسم 500 ألف ليرة لبنانية و 860 منهم من أهل الشمال مما يؤشر إلى واقع الشمال الإقتصادي.

منذ بدء إنتفاضة لبنان في تشرين الأول 2019 كان ذلك واضحا في طريقة نزول المواطنون المقهورون و المستاؤون من واقعهم الإقتصادي و الإجتماعي و السياسي و أصبحت طرابلس عاصمة الشمال شعلة لا تنطفئ مما جعلها أن تلقب بعروسة الثورة. و لكن مع إمتداد الوقت و مزيد من التدهور الإقتصادي و الإجتماعي أصبح الشمال في خطر، خصوصا أنه لا يوجد قيادة واحدة و هناك صراع بين جهات مختلفة تحاول إستغلال حاجات أهل الشمال و خصوصا طرابلس، البداوي، المنية، الضنية و عكار.

الجرح في الشمال كبير على كافة الأصعدة بداية من الشعور بالغبن على الصعيد السياسي، و شمالا ذلك الشعور منذ إنتهاء زمن الحرب الأهلية خلال فترة الوصاية السورية حيث كان التركيز على المركزية الإدارية و التنموية، يأس الشعب من شبه غياب الدولة فيها و خاصة أنه منذ سنوات لم تحصل مشاريع فعلية على قدر حاجات المدينة، حيث مشاريعها معروفة و يرددها مسؤوليها في كل جولة إنتخابية من دون أي تنفيذ و أصبح لدى هذه المشاريع لقب بالخمسة ميم ( مطار القليعات، منشآت النفط، المرفأ، معرض رشيد كرامي الدولي و المنطقة الإقتصادية الخاصة التي إحتفل فيها مواطنوا الشمال حيث سرق جزء منها لأجل منطقة أخرى).

و كلما يطال زمن الأزمة كلما يزداد الحقن في الشمال و كلما يزداد الحقن سوف يزداد العنف، و في آخر تطور إغتيال قاسم سليماني حيث زاد من وتيرة إسراع العنف هناك، خاصة بعد وعيد من هنا و شماتة من هناك، مما أدى إلى إستنهاض العصب الطائفي و المذهبي على صعيد الوطن مما سيؤدي إلى تطور قد يكون لونه أحمر من لون الدم.

هناك أسباب و مؤشرات مختلفة قد تضع الشمال في خطر!

دائما الشمال مخصص له دور البريد بين الأفرقاء السياسية المختلفة ربما لأنه بعيد عن العاصمة حيث “طراطيش” الرسائل لا تصل إلى منطقة القرار بيروت و بالأخص الصراع هناك لن يكون سني-شيعي بالمباشر و لكن بالغير المباشر، حالته الإجتماعية و الإقتصادية مساعدة لإستعمال شبابه كوقود، وجود الشمال جغراقيا على الحدود السورية و ممكن إستعماله لصالح النظام و ضد النظام في سوريا.

أما الأسباب الحالية، من الواضح أن هناك دور ما لإسترجاع دور الشمال العنفي الذي لا يشبهه، تارة من خلال إطلاق النار في الشوارع و تارة أخرى برمي قنابل صوتية و غير صوتية و تارة قطع الطرقات مما يساعد في لا أمن، و كل ذلك يؤشر أن هناك دور دموي للمدينة و الشمال و لكن  ليس واضحا بين من و من و لكن الواضح أن الجيش اللبناني من سوف يستنزف في جميع الأحوال.

الشمال ممكن أن يكون له دور وطني كبير مساهم في الإقتصاد و في الإنتاج المحلي و لكن هناك من يريد أن يكون له دور سني و هذا الدور سوف يكون مبني على العنف و الفوضى، خاصة أن الشمال هو الثقل السني عدديا في لبنان.

بعد مرحلة تكليف الرئيس حسان دياب ليست كما قبلها و خاصة أن هناك جو من الشعور بالغبن مجددا إن تألفت حكومة من لون واحد، و بالتالي سوف يكون التصويب أن الإنتفاضة أسقطت الرئيس السني فقط مما سوف يشعل الشمال أكثر فأكثر و سوف تعم الفوضى، و واضح اليوم أن الثقل البشري للإنتفاضة اليوم هواها شمالي و هذه الورقة سوف تستعمل من أخصام الحكومة و مع إزدياد التوتر في المنطقة ممكن أن يكون هناك مصلحة بزلزلة الأرض تحت أقدام الحكومة المقبلة من خلال خلق الفوضى و التوترات الأمنية لعدم السماح لمن يسيطر على الحكومة بتحقيق أي إنجاز أو السيطرة على مفاصل القرار.

كل ذلك عنوانه أن الشمال مظلوم في جميع المراحل السلمية من خلال التهميش الإنمائي و الحرب حيث يستعمل أدوات للرسائل بين الأفرقاء المتخاصمون محليا و إقليميا،  ريما أنه كتب للشمال في هذه العقود أن يبقى فقيرا و أن يكتب تاريخه بالدم ليس بالقلم، مما يجعله رجعيا ذو إقتصاد متدهور، حيث ممكن أن يلعب دورا أفضل بكثير مليء بالحيوية و التنمية على كافة الصعد و خصوصا أنه يوجد فيه طاقات بشرية و غير بشرية و موارد كثيرة.