مقالات

السلطة تقتبس الحلول الوهمية بانتظار الحل الاعجوبة

في هذه المرحلة الهشة،الحساسة والصعبة شغل شاغل اللبنانيين موضوع رفع الدعم وكيفية تحمل اعباء هكذا قرار، لنكون واقعيين اصبح لبنان بشبه مرحلة رفع الدعم من دون سياسات اقتصادية واضحة توازن هكذا قرار سوى موضوع البطاقة الرشوة او ابرة المورفين التي لن ترفع “الزير من البير” سوى محاولة مزيد من ايضاع الوقت والهاء المواطن باموره اليومية.

البطاقة التمويلية

في قراءة بسيطة لمسودة البطاقة التمويلية في مجلس النواب من الواضح ان هناك تخبط بين عدد العائلات التي سوف يتم ادراجها والية تسجيل العوائل وبين تأمين التمويل اللازم، حسب المعطيات الاولية سيكون البرنامج لمدة عام واحد وسيشمل 750 الف عائلة، 250 الف عائلة عبر برنامجي البنك الدولي والاتحاد الاوروبي و 500 الف سيتم حجز مبلغ 360 مليون دولار التي لا تغطي كافة عدد العوائل حيث يوجد مراهنة ان المنظمات الدولية ستؤمن ما تبقى. هذه البطاقة التي ستكون بمبلغ 93 دولارا، هذه القيمة مع الية رفع الدعم لن تسند خاوية ولن تحل الازمة.

سياسة الهروب الى الامام

السلطة تحاول في كل مرة سياسة الهروب الى الامام ولا تؤتي بالحلول الجذرية المطلوبة منذ اول الازمة، فعلى سبيل المثال منذ عام ونصف كان الاحتياطي في المصرف المركزي 38 مليار دولار ولو اتخذت الاجراءات المطلوبة لكنا تفادينا هذا الانهيار الحاصل، ولكن السلطة تريد تطبيق ما هو مناسب لها وليس للوطن ومن خلال هذه السياسة تعتمد سياسة شراء الوقت من خلال بدع مختلفة بانتظار الاتفاقات الخارجية التي قد تحصل لمساعدة لبنان ولكن من خلال اولويات السلطة وليس تطبيق اصلاحات صندوق النقد الدولي بشق محاربة الفساد واسترداد الاموال المنهوبة بل من خلال سياسة الشحادة التي تعودنا عليها منذ اتفاق الطائف حتى اليوم.

هدف رفع الدعم

من الواضح ان اللبناني كان يعيش حياة كذبة تتمثل بصرف امواله على مشاريع السلطة السياسية وفي الوقت عينه اسكاته من خلال سياسة دعم الليرة على اساس 1500 ليرة مقابل الدولار، والهدف الحقيقي من رفع الدعم غير نفاد النقد الاجنبي في المصرف المركزي، هو سياسة عكسية اعادة المواطن الى الحياة الحقيقية واخراجه من الكذبة، هذه السياسة هي لتخفيف من استهلاك المواطن على صعيد المواد الاساسية وخاصة بالطاقة والصحة. هذه السياسة المتبعة حاليا تفضح الكذبة التي اوهموها الى المواطن اللبناني خلال ثلاثة عقود الماضية، اضافة الى ذلك طبعا هناك محاولة من حاكم مصرف لبنان امتصاص جزء من الليرة اللبنانية من الاسواق.

نتائج رفع الدعم

نتائج رفع الدعم بهذه الطريقة من دون اجراء اصلاحات وان تكون موازية لحل سياسي ورؤية اقتصادية ومالية واضحة هي كارثية على المواطن اللبناني، فنسب الفقر الى مزيد من الارتفاع، المواطنون ذوي الدخل المحدود وما تبقى من الطبقة الوسطى سيكون واقعهم مأساوي جدا، ارتفاع الاسعار سيكون بشكل هستيري سنرى مشهدا لم نراه في لبنان منذ تأسيسه حتى اليوم. هذه النتائج سيكون لها نتائج ايضا على الصعيدين الاجتماعي والامني، ارتفاع لنسب السرقات وجرائم القتل والانتحار والهجرة طبعا التي ستكون وسيلة للهروب من هذه الفترة المأساوية في لبنان.

الحلول

الحل الفعلي رسم منذ سنوات هو تطبيق الاصلاحات التي تهربت منها السلطة السياسية وايقاف هدر المال العام، الحل لن يكون الا من خلال العمل على بناء سلطة فعلية وتوزيع الخسائر بشكل عادل وصارم، الحل باقرار كل التشريعات التي طالب بها صندوق النقد منذ بداية الازمة. انها مرتبطة باستعادة الملاءة المالية العامة وسلامة النظام المالي، وضع ضمانات مؤقتة لتجنب استمرار تدفقات رأس المال إلى الخارج، خطوات أولية لتقليل الخسائر الممتدة في العديد من الشركات المملوكة للدولة، وضع شبكة أمان اجتماعي موسعة لحماية الأشخاص الأكثر ضعفاً. فهذه العناوين الاربعة التي يرتكز عليها الصندوق ترتبط بتشريعات مختلفة تحاول السلطة السياسية المناورة في تنفيذها وهناك امثلة مختلفة مثل قانون التدقيق الجنائي وثغراته واسترداد الاموال المنهوبة وغيرها من التشريعات. هذا ناهيك عن اهمية استقلالية القضاء والاصلاحات النقدية. هذا الكباش والتعنت اوصلنا الى ما وصلنا اليه اليوم وسوف ننهار اكثر واكثر ان استمر وللاسف لا يوجد نية فعلية في الافق والمخرج الوحيد حاليا هو الانهيار الشبه كامل واعادة بناء السلطة من جديد، لان لا السلطة ستطبق ما يطلبه الصندوق لانها بمثابة انتحار سياسي لها ولا الصندوق سيساند لبنان ان لم تطبق وبالتالي نحن ندور في دائرة مفرغة لا حل سوى الانهيار او حل اعجوبي تنتظره الطبقة الحاكمة بفعل التسويات في المنطقة.

شمال لبنان في خطر !!

منذ سنوات و يشعر أهالي الشمال و خاصة المناطق السنية منها بعدم وجود قيادة فعلية لها، و يتزامن مع ذلك مزيدا من الفقر و البطالة و آخر الأرقام تعد مذهلة أي أكثر من نصف شعب الشمال بين الفقر و ما دون و أكثر من نصف أهل الشمال بحالة بطالة مما يعكس واقع الشمال الفعلي، 1000 طالب من الجامعة اللبنانية في كل لبنان لم يتمكنوا من دفع رسم 500 ألف ليرة لبنانية و 860 منهم من أهل الشمال مما يؤشر إلى واقع الشمال الإقتصادي.

منذ بدء إنتفاضة لبنان في تشرين الأول 2019 كان ذلك واضحا في طريقة نزول المواطنون المقهورون و المستاؤون من واقعهم الإقتصادي و الإجتماعي و السياسي و أصبحت طرابلس عاصمة الشمال شعلة لا تنطفئ مما جعلها أن تلقب بعروسة الثورة. و لكن مع إمتداد الوقت و مزيد من التدهور الإقتصادي و الإجتماعي أصبح الشمال في خطر، خصوصا أنه لا يوجد قيادة واحدة و هناك صراع بين جهات مختلفة تحاول إستغلال حاجات أهل الشمال و خصوصا طرابلس، البداوي، المنية، الضنية و عكار.

الجرح في الشمال كبير على كافة الأصعدة بداية من الشعور بالغبن على الصعيد السياسي، و شمالا ذلك الشعور منذ إنتهاء زمن الحرب الأهلية خلال فترة الوصاية السورية حيث كان التركيز على المركزية الإدارية و التنموية، يأس الشعب من شبه غياب الدولة فيها و خاصة أنه منذ سنوات لم تحصل مشاريع فعلية على قدر حاجات المدينة، حيث مشاريعها معروفة و يرددها مسؤوليها في كل جولة إنتخابية من دون أي تنفيذ و أصبح لدى هذه المشاريع لقب بالخمسة ميم ( مطار القليعات، منشآت النفط، المرفأ، معرض رشيد كرامي الدولي و المنطقة الإقتصادية الخاصة التي إحتفل فيها مواطنوا الشمال حيث سرق جزء منها لأجل منطقة أخرى).

و كلما يطال زمن الأزمة كلما يزداد الحقن في الشمال و كلما يزداد الحقن سوف يزداد العنف، و في آخر تطور إغتيال قاسم سليماني حيث زاد من وتيرة إسراع العنف هناك، خاصة بعد وعيد من هنا و شماتة من هناك، مما أدى إلى إستنهاض العصب الطائفي و المذهبي على صعيد الوطن مما سيؤدي إلى تطور قد يكون لونه أحمر من لون الدم.

هناك أسباب و مؤشرات مختلفة قد تضع الشمال في خطر!

دائما الشمال مخصص له دور البريد بين الأفرقاء السياسية المختلفة ربما لأنه بعيد عن العاصمة حيث “طراطيش” الرسائل لا تصل إلى منطقة القرار بيروت و بالأخص الصراع هناك لن يكون سني-شيعي بالمباشر و لكن بالغير المباشر، حالته الإجتماعية و الإقتصادية مساعدة لإستعمال شبابه كوقود، وجود الشمال جغراقيا على الحدود السورية و ممكن إستعماله لصالح النظام و ضد النظام في سوريا.

أما الأسباب الحالية، من الواضح أن هناك دور ما لإسترجاع دور الشمال العنفي الذي لا يشبهه، تارة من خلال إطلاق النار في الشوارع و تارة أخرى برمي قنابل صوتية و غير صوتية و تارة قطع الطرقات مما يساعد في لا أمن، و كل ذلك يؤشر أن هناك دور دموي للمدينة و الشمال و لكن  ليس واضحا بين من و من و لكن الواضح أن الجيش اللبناني من سوف يستنزف في جميع الأحوال.

الشمال ممكن أن يكون له دور وطني كبير مساهم في الإقتصاد و في الإنتاج المحلي و لكن هناك من يريد أن يكون له دور سني و هذا الدور سوف يكون مبني على العنف و الفوضى، خاصة أن الشمال هو الثقل السني عدديا في لبنان.

بعد مرحلة تكليف الرئيس حسان دياب ليست كما قبلها و خاصة أن هناك جو من الشعور بالغبن مجددا إن تألفت حكومة من لون واحد، و بالتالي سوف يكون التصويب أن الإنتفاضة أسقطت الرئيس السني فقط مما سوف يشعل الشمال أكثر فأكثر و سوف تعم الفوضى، و واضح اليوم أن الثقل البشري للإنتفاضة اليوم هواها شمالي و هذه الورقة سوف تستعمل من أخصام الحكومة و مع إزدياد التوتر في المنطقة ممكن أن يكون هناك مصلحة بزلزلة الأرض تحت أقدام الحكومة المقبلة من خلال خلق الفوضى و التوترات الأمنية لعدم السماح لمن يسيطر على الحكومة بتحقيق أي إنجاز أو السيطرة على مفاصل القرار.

كل ذلك عنوانه أن الشمال مظلوم في جميع المراحل السلمية من خلال التهميش الإنمائي و الحرب حيث يستعمل أدوات للرسائل بين الأفرقاء المتخاصمون محليا و إقليميا،  ريما أنه كتب للشمال في هذه العقود أن يبقى فقيرا و أن يكتب تاريخه بالدم ليس بالقلم، مما يجعله رجعيا ذو إقتصاد متدهور، حيث ممكن أن يلعب دورا أفضل بكثير مليء بالحيوية و التنمية على كافة الصعد و خصوصا أنه يوجد فيه طاقات بشرية و غير بشرية و موارد كثيرة.

 

كفى

هذا بفضل سياستكم الخاطئة

السياسة في لبنان أزمة كبرى و هي مضحكة جدا، و لكن ذلك ليس بسبب السياسة فيها  بل بسبب سياسييها. و لكن هنا أريد أن ألوم المواطن اللبناني لأنه شريك في ذلك، فالمواطن لا يلعب دوره بشكل فعال، مما يجعل السياسي الإستمرار بعمله في نفس الطريقة أي سياسة الكذب على المواطن و تبنيه سياسة الهدر و الفساد و التبعية للخارج.

إستعمال المواطن كسلعة

فالسياسي يستعمل المواطن اللبناني كسلعة يستعملها لفترة موجزة و عندما يصل إلى ما يبتغيه يرميه في سلة المهملات و يعود من جديد و يستعملها للأسف. و ذلك بوسائل عدة إما إستعمال لغة الطوائف و التطرف، إما شرائه بالمال و يكون ذلك خلال فترة الإنتخابات، و المواطن للأسف يعلم ما يحصل و لكنه يتبنى ما يفعله الساسة.

فهنا السياسي يكون فرح جدا، لأن ذلك يعد أفضل سيناريو ممكن له، ألا يعلم الشعب اللبناني أن الأموال التي تدفع له هي من أمواله، لأن الساسة يحسبونها بطريقة تجارية فما يصرفه يعوضه من خلال وجوده في السلطة فكفى كذب و كفى نفاق.

يا أيها الساسة أنتم مجرد موظفون لدى الشعب اللبناني، فواجبكم خدمة المواطن و التشريع لمصلحته و تحقيق العدالة و المساواة و ليس العمل لمصالحكم الشخصية الآنية و الذاتية….

و أريد أن أقول لكم أن المواطن اللبناني أصبح واعي أكثر بكثير من قبل و العدل و التغيير آت لا محال….

فمنذ إتفاق الطائف حتى اليوم العمل العام يرتكز على المحاصصة و تنفيذ ما يلبي مصالحكم و ليس مصلحة الوطن و المواطن. فتارة نسمع بالترويكا أي بتقسيم مغانم الدولة على الرؤساء الثلاثة و توابعهم و تارة أخرى نسمع بطاولة الحوار فهنا تكبر المغانم و عندما تكبر المحاصصة يحصل خلاف أكبر بينهم البعض.

هنا ما يجعلني أحزن هو ان المواطن اللبناني ما يزال يتبع  ” الزعيم ” و يناضل من أجله رغم أنه يعلم أن هذا الزعيم أو ذاك أو هذا الحزب أو ذاك يعمل لصالح مصالحه الذاتية . ففي جميع التعيينات الإدارية يريد الزعيم أن يدخل الأشخاص المقربون منه و ذلك لو لم يكونوا ذوي كفاءات ففي أغلب الأحيان ذوي الكفاءات لدى الزعيم أو الأحزاب يدمرون.

سرقة أموال الناس

أغلبيتهم يريدون إستعمال نفوذهم في السلطة لأخذ مغانم الدولة و الشعب و ذلك عبر سياسة الهدر و الفساد ، ممكن أن يكون عبر الخصخصة أو العقود إلخ…

تطبيق العدالة هو الحل

يستعملون السلطة بشكل مدروس و ذلك ليغطوا عن بعضهم البعض السرقات، فيضعفون السلطة القضائية لإعدام سلطة الرقابة عليهم، فيعينون القضاة حسب إنتماءهم و ليس حسب الكفاءة و يفعلون ذلك لعدم تطبيق مبدأ فصل السلطات الذي يؤثر عليهم و يكشف أوراقهم.

الفقر في طرابلس لبنان

فسياستهم تجويع المواطن ليظلوا حاكميه بالوسيلة الأرخص، فعندما يلتهي المواطن بلقمة عيشه لا يلتف إلى ما يحصل في الإدارات العامة، فكفى هدر، كفى فساد، كفى إستعمال المواطن كسلعة تجارية، كفى إتباع سياسة المحاور و الرضوخ إلى مصلحة الدول و ليس مصلحة الدولة اللبنانية و المواطن اللبناني، كفى السيطرة على القضاء، كفى الهروب من تطبيق دولة المؤسسات و الهروب من تطبيق مبدأ فصل السلطات.

و هنا أريد أن أذكر أن ليس كل الساسة فاسدون و لكن الأغلبية، فإنني أدعم كل من يجرؤ مثلي بالتكلم عن تلك المأساة، فواجب كل شخص يعمل في الحقل العام و هو ضد ما يحصل في الوطن أن يعبر و يحارب ما يحصل من فساد في السلطة.

أخيرا، إنني أشكر من تكلم في مجلس النواب من طالب بتطبيق دولة المؤسسات و ملىء الفراغات في الإدارات العامة و المطالبة بتحييد سياستنا الخارجية فالإعتدال هو الحل. فإنني أهنئه و أطلب أن تكون ذلك نقطة إنطلاق للوصول إلى هدف خدمة المواطن و تحقيق رفاهيته.