إنتفاضة لبنان عرض مدني و تحية عسكرية

 

 

مناسبة الإستقلال 76 هذا العام كانت بنفحة مميزة أبهرت الشعب اللبناني و العربي، في كل عام كان ينتظر الشعب اللبناني ليرى إحتفال عيد الإستقلال الرسمي بطريقة تقليدية و يشهد خطابا من هنا و خطابا من هناك، و كلاما من هنا و كلاما من هناك، و موكبا من هنا و موكبا من هناك.

في كافة إحتفالات الإستقلال كان الشعب من ينظر إلى الساسة و لكن في هذا العام الساسة من نظر إلى الشعب، جرى الإحتفال الرسمي هذا العام بحفل صغير في وزارة الدفاع في اليرزة حيث كان يطغى عليه أجواء الحزن و الشعب اللبناني إحتفل في كل لبنان و بأجواء فرح لا توصف، و الوحيد من كان موجود في الإحتفاليين هم القوى الأمنية و العسكرية و هذا دليل على مدى إحترامهم من قبل الشعب و الدور الإيجابي الذي يشكرونهم دائما عليه في حماية الإنتفاضة و الشعب اللبناني و في كل المناسبات التي مرت، و إحياءا لشهداء القوى الأمنية و العسكرية جميعا الذين دفعوا دم لأجل بقاء الوطن.

يجب قراءة هذا العرض المدني مليا لأنه رسالة يجب أن يفهمها جميع من هم أصحاب قرار، أنه الشعب اللبناني سئم من الآداء التقليدي للساسة و الآداء التقليدي للدولة و لم يعد له ثقة، هذا هو شعار المنتفضون و على من في الدولة أن يتعاطوا مع الموضوع ضمن هذا الإطار و ليس كما كان يتم التعاطي بالقرن السابق، الشعب إفتتح قرن جديد قبل أوانه و بدأ يكتب التاريخ من خلال الجمهورية الثالثة التي يريدها بعيدة عن الآداء السابق من فساد إداري و مالي و سياسي و الإستهتار به.

أما الرسالة الثانية و الواضحة أنه لا يحاول أحد بضرب الشعب مع القوى الأمنية و العسكرية لأنهم واحد منهم، إنهم في القلب و العين و لن يتمكن أحد بلعب هذه اللعبة، لأن هذا الزمن قد ولى، و تاريخيا إنهم دائما فوق كل إعتبار رغم وجود بعض الأخطاء أو الإرتكابات و لكنها ليست بقرار مؤسساتي بل فردي، فلا يلعب أحد بهذه الورقة لأنهم من لحمنا و دمنا.

أما الرسالة الثالثة أن الشعب لن يمل و باق حتى تحقيق أدنى مطالبه و أن لا يراهن أحد على ملل الناس و إنها سوف تكون بمثابة كرة ثلج تكبر و تكبر في حال لم يتم الإستجابة إلى مطالب الناس و على الأقل البدء بتنفيذ المطالب المرتبطة بتشكيل الحكومة و العمل على تشريعات مرتبطة بالإصلاح القضائي.

فهل ستصل الرسالة إلى أصحاب القرار؟ أظن أنها لن تصلهم الآن و سوف يسعون إلى إستعمال وسائل أخرى بعيدة عن الرهان على الوقت و بعض الأساليب التي إستعملت سابقا، و لكن من إستعمال وسائل أكثر دموية أو على الأقل لعبة الشارع مقابل شارع حيث ينتج عنها تلقائيا العنف و التوتر و أخشى من الطابور الخامس في تلك الحالة و هذا عداك عن الإنهيار الإقتصادي الذي نشهده. فليجري عملية إستئصال لهذه الأزمة و ليبدأ العمل على حل فعلي و ليس وهمي، لأنه من بقى في الشوارع لمدة أربعين يوما ممكن أن يجلس مثلها لمدة سنوات لأن الشعب يعتبرها أنها الفرصة الأخيرة لتحقيق ما يصبوا إليه منذ سنوات طويلة.