أرواح مئات اللبنانيين برسم وزير الداخلية

الطبيعة الفيزيائية لمدينة طرابلس، وازدياد عدد السكان، والمشاكل البيئية كتدني المساحات الخضراء التي ما زالت أقل بكثير من المعدل الذي وضعته منظمة الصحة العالمية للفرد (10م2/للفرد بينما هو 3م2/للفرد في مدن اتحاد بلديات الفيحاء)، علماً أن الأشجار تساهم في تنظيف وامتصاص الروائح والغازات الملوثة والجسيمات في الهواء، وتوفر الأوكسجين، ناهيك عن جبل الموت الذي لم تحلّ معضلته منذ عام 2011 حتى اليوم من خلال تجديد المناقصة نفسها منذ انتهائها عام 2013 حتى اليوم، إضافة إلى إنشاء معمل فرز للنفايات والذي تحوم عليه شبهات فساد عديدة، وما زالت روائح هذا المعمل الذي كلف ملايين الدولارات تفوح في أجواء المدينة وتنشر السموم في سماء الشمال ولبنان… فيما الدولة متغافلة عنها.

أما اليوم، فالموضوع القديم الجديد هو حرق الكابلات والدواليب لاستخراج مادة النحاس وبيع الكيلو بقيمة سبعة آلاف ليرة لبنانية! يستفيق المواطن الشمالي، وخصوصاً ضمن نطاق طرابلس والجوار، على روائح الحرائق اليومية في أماكن قريبة من ثكنتين عسكريتين، ووجود مخافر تبعد مئات الأمتار فقط عنها، حيث يوجد حوالي خمسين “بورة” بين منطقتي طرابلس والبداوي، والأجهزة الأمنية والعسكرية لديها أسماؤهم بالتفصيل. ولكن للأسف هناك من يغطيهم سياسياً وأمنياً أو يستفيد منهم مادياً أو انتخابياً.

تمكّنا من التواصل مع أحد حارقي الكابلات والدواليب. سألناه عن كيفية إتمام عملية الحرق، فأجاب أن أحد أصحاب الأراضي المسيجة لبيع الحديد وغيرها من المستلزمات يؤجره الأرض ليلاً بقيمة 75 ألف ليرة، فيبدأ الحرق من منتصف الليل حتى الصباح الباكر، وبالتالي يكسب من النحاس ما قيمته 200 إلى 300 ألف ليرة. وهذا العمل غير القانوني يتحمله المواطن اللبناني على حساب صحته والمزيد من الأمراض السرطانية والتنفسية.

محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا، كان تحدث منذ حوالي سنة عن هذا الموضوع، ولكن للأسف بقي كلاماً دون فعلٍ لأن المخافر الإقليمية هي بجوار هذه الأماكن ولم تحرك ساكناً.