اللاجئين في لبنان مسؤولية مشتركة

صدرت اتفاقية اللاجئين العالمية في العام 1951، وأعقبها بروتوكول العام 1967 التابع لها؛ والجدير بالذكر أن لبنان لم يوقّع على هاتين الوثيقتين المتعلّقتين باللاجئين وحقوقهم في بلد اللجوء، وبالتالي فإنه متحرّر من أي التزامات تجاههم كلاجئين، إلا أنّ ذلك لا يحرّره من التزامه القانون الدولي والإنساني، وعدم مخالفة التشريعات والأعراف الدولية التي تحمي الإنسان وتفرض تأمين الحد الأدنى من المستوى الحياتي له من قبل أي سلطة قائمة.
تقدّم الدولة اللبنانية للسوريين المدنيين الموجودين على أراضيها جميع المساعدات والتسهيلات وفق ما تسمح به الإمكانات، وهي تتعاون في هذا المجال مع المنظّمات والهيئات الدولية.

تاريخ اللجوء إلى لبنان

استقبل لبنان في مراحل تاريخه الحديث عددًا كبيرًا من اللاجئين، ليس لكونه يقع جغرافيًا في جوار البلدان التي أصابتها أزمات وحروب، بل أيضًا لوجود نقاط جذب أخرى ترتبط بخصائص موقعه، ونظامه السياسي والحرية الفردية فيه، إضافة إلى تركيبته الديموغرافية المتنوّعة، وقد بدأت دفعات اللاجئين بالدخول إلى لبنان منذ الحرب العالمية الأولى وعلى الشكل الآتي:

_ الأرمن، من العام 1915 حتى العام 1940: اندمجوا في المجتمع اللبناني وأصبحوا لاحقًا مواطنين لبنانيين. حاليًا يقدّر عددهم بحوالى 234 ألف شخص تتمركز كتلتهم البشرية الأكبر في منطقة برج حمود.

_ الفلسطينيون، من العام 1948 حتى العام 1970: دخلت أول موجة لاجئين بعد أحداث 1948 وقدّر عددهم بـ100 ألف شخص، والثانية بعد حرب العام 1967، وآخر موجة جاءت من مخيم اليرموك في سوريا بعد الأحداث الأخيرة التي حصلت هناك. وقد أصبح عدد اللاجئين حاليًا وفق مصادر الأونروا 450 ألف فلسطيني، وهناك تقديرات أخرى تفيد بأن عددهم يفوق الـ500 ألف شخص.

_ العراقيون، من العام 2003 حتى العام 2008: دخلوا الى لبنان بعد الحرب في العراق، وقد وصل عددهم الى 50 ألفًا ثم تدنى تدريجيًا ليصبح حاليًا حوالى 10 آلاف شخص.

_ السوريون، من العام 2011 حتى العام 2014: بتاريخ 3 نيسان 2014، تمّ تسجيل النازح السوري الرقم مليون، ووفق إحصائيات الأمم المتحدة، يبلغ عددهم حاليًا 1.170.000 (مليونًا ومئة وسبعين الفًا)، وقد صدر قرار عن الحكومة اللبنانية بعدم تسجيل أي سوري بعد تاريخ 1/1/2015.

تعتبر الحكومة اللبنانية السوريين المدنيين الموجودين على الأراضي اللبنانية نازحين وليسوا لاجئين، وذلك لعدة أسباب:

– إن الأحداث الأليمة في سوريا تجري على أجزاء وليس على كل الأراضي السورية، وبالتالي هناك الكثير من الأماكن الآمنة الصالحة لاستقبالهم داخل حدود دولتهم.

– إن هذه الأحداث هي أحداث مرحلية ومن المفترض أن يعود الوضع إلى طبيعته بعد حين، بعكس ما حصل في فلسطين المحتلة.

فقد وصل عدد اللاجئون السوريون إلى مليون و نصف حسب منظمة الأمم المتحد لشؤون اللاجئين، خسر لبنان مليارات الدولارات و في الوقت عينه إستفاد من وجودهم بسبب الهبات و المشاريع التنموية في المناطق الآوية لللاجئين.

فاليوم أكثر من ثلث سكان لبنان من اللاجئين ، و هذا له تداعيات مختلفة إجتماعية و إقتصادية. فاليوم حسب التقارير الدولية لبنان الأول عالميا بإحتضان اللاجئين و ذلك قياسا بمساحته الجغرافية.

بالإضافة إلى ذلك هناك تداعيات مختلفة كالتالي:

هناك أكثر من 170 ألف لبناني تأثّروا اقتصاديًا وأصبحوا تحت خط الفقر، و200 ألف فقدوا فرص عملهم أو أصبحوا عديمي الإنتاجية بسبب البطالة ومنافسة اليد العاملة السورية لهم.
• ارتفاع نسبة التلوّث بشكل كبير في الأرض والمياه الجوفية والأنهار والسواقي، خصوصًا في المناطق القريبة من تجمّعات اللاجئين السوريين.
• استهلاك كبير للموارد (كهرباء ومياه) من دون أي مقابــل مــادي للدولــة.
• ازدياد نسبة الجريمة (سرقات، قتل، دعارة)

بالإضافة إلى ذلك التوتر الحاصل و الذي يؤدي إلى تأثير بالعلاقات الإجتماعية بين المجموعات الحاضنة و اللاجئين مما يؤدي إلى ثقافة الكره بين المجموعتين و هذا طبعا يعد من العوامل السلبية التي تؤدي إلى أعمال جرمية و غيرها.

فاليوم لبنان في حيرة بين موضوعين و الإثنين مهمين حقوق الإنسان التي يجب لبنان مراعاة هذا الموضوع و في الوقت عينه وضع مصلحة لبنان القومية و الإجتماعية و الإقتصادية من ضمن أولوياته.

و ذلك يتطلب إستراتيجية واضحة من قبل الدولة اللبنانية و هذه الخطة بعد إعدادها يتم مناقشتها مع المجتمعين الدولي و الإقليمي و خصوصا أننا اليوم في ظل ظروف دقيقة على الصعيدين المالي و الإقتصادي.

هذه الخطة كان يجب أن تعد منذ بداية الأزمة و لكن أن تأتي متأخرة أفضل من أن لا تأتي و ينهار البلد على الجميع، على لبنان أن يستفيد أكثر من هذا الواقع و أن يضع أولوياته بطريقة مساوية للوضع الإنساني و الإقتصادي و الإجتماعي.

على المجتمعين الإقليمي و الدولي أن يتحمل مسؤولياته بشكل أكبر على الصعد كافة و على لبنان يعد خطته و يتفق عليها جميع المكونات السياسية و أن يضع المجتمع الدولي و الإقليمي تحت أمر الواقع.