ثقافة الفساد في لبنان

عندما قررت البدء بكتابة هذه المقالة كنت محتارا كثيرا من أين أبدأ و خصوصا أن الفساد في لبنان أصبح ثقافة و ليس نهجا ءلة فقط ، فالفساد لا يرتبط فقط بالهدر المالي كما معرف عنه . إنما الفساد ممكن أن ينخر كافة أجزاء المجتمع حتى يصبح من الروتين اليومي للمواطن . و لكن لكي يتعزز الفساد هناك عوامل كثيرة تساعد على ذلك .

نحن في لبنان يجب أن لا ننسى أننا مرينا في حرب أهلية أوصلت إلى السلطة زعماء الميليشيات الذي لا يمكنهم من البقاء في السلطة إلا إدخال المواطن في هذه الديمومة لكي يؤمن بها و بالتالي يصبح ولاءه إلى هذه الطبقة الفاسدة أو أن يجعلوه يؤمن في هذا النهج كحل لتيسير أموره اليومية .

لا ننسى أن الطائفية في الوطن هي ركن أساسي في تعزيز هذه الثقافة ، لأنه من خلال الطائفية يتمكن الزعيم من حماية مصالحه الشخصية و بالتالي فساده و من خلال ذلك يتمكن من تدمير نهج الموءسسات و جعل المواطن موءمنا بالزعيم لحماية مصالحه أكثر من الدولة ، و هذا ما فعله من كانوا في السلطة منذ إنتهاء الحرب الأهلية حتى اليوم .

و نتيجة ذلك إنعدمت ذهنية المحاسبة و المساءلة و أصبح الزعيم و حاشيته يطمئنون بأنهم لن يساءلوا عن أعمالهم بسبب الغطاء الطائفي و بسبب ضعف أركان الدولة و دخول كافة القطاعات بهذا النهج من السلطة القضائية و نزولا .

كما ما يلفتني أن الساسة يلجؤون إلى الإضطرابات الأمنية لكي يحموا مصالحهم و إنعدام الإستقرار و الحكم الأمني هم من العوامل الأساسية التي تؤدي إلى إبقاء المواطن في كبوته و عدم تمكنه من التغيير أو المحاسبة .

فلبنان مر منذ عام 1992 حتى 2005 بوصاية سورية حيث تشارك اللبناني و السوري مغانم الفساد و من بعدها جرت التحالفات و الإئتلافات المبنية على حماية المصالح السياسية و الإقتصادية و تقاسم المغانم .

و لكن هل يعلم المواطن اللبناني أن تكلفت الفساد سنويا حوالي 1.5 مليار دولار في لبنان ، أي أن أجرينا عملية حسابية بسيطة يشكل ذلك نصف ديننا العام منذ عام 1992 حتى اليوم ، و بالتالي نصل إلى نتيجة أن جميع من في السلطة مسؤولون عن تدهور وضعنا الإقتصادي – الإجتماعي – السياسي .

أليس ذلك أصبح دليل واضح لكي يبدأ المواطن بالتغيير و المحاسبة و المساءلة ؟ فهنا أريد أن أستجدي بمقولة  للرئيس الراحل فؤاد شهاب الذي قال لأحد مقربيه قبيل وفاته: «إن الزعماء السياسسيين مستمرون في اعتبار الدولة «بقرة حلوباً» ولا يهتمون إلا بمصالحهم الشخصية أو الطائفية او الإقليمية، ولا يشعرون بأن الأرض تتحرك من تحتهم. إنهم سيستيقظون يوماً ليروا الثورة في كل مكان».

و لكن هذه الثورة الواضح سوف تكون نتائجها التقاتل الداخلي و ذلك بسبب ظروف المنطقة حيث يجري تقاتل مذهبي مما سوف تكون نتيجة الفساد في لبنان بسبب الفقر و البطالة إلى مزيدا من التناحر الداخلي و هذا ما أوصلونا ساستنا إليه ؟ بعلمهم أو بغير علمهم أنهم دمروا لبنان وطن الرسالة .

و لكن السؤال الذي يطرح نفسه إلى متى ؟ إلى متى سوف نبقى غائشين و نائمين ؟ إلى أين سوف نصل ؟ هل لن نتعلم من تجاربنا السابقة ؟ أين هو دور المجتمع المدني الذي جزء كبير منه إنخرط بثقافة الفساد ؟

هذه الأسئلة برسم المواطن اللبناني