لبنان بين وبائين…صحي و اجتماعي

حلّت جائحة كورونا ضيفًا ثقيلًا على لبنان، مثله مثل الكثير من الدول في مختلف أنحاء الأرض، وفرضت الأزمة على الدولة اللبنانيّة إعلان حالة التعبئة العامّة والطوارئ الصحيّة لتخطّي المرحلة. لكنّ لسوء حظ اللبنانيين، شاءت الظروف أن تتقاطع أزمة حلول الكورونا مع مرور البلاد بأسوأ انهيار مالي واقتصادي عرفته البلاد، حيث  من المقرر حسب صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد بنسبة 25٪ هذا العام. وانخفضت الواردات إلى النصف لأن القوة الشرائية اللبنانية تلاشت مع انهيار العملة المحلية، التي فقدت أكثر من 80٪ من قيمتها مقابل الدولار منذ العام الماضي.، وهو ما أنتج محنة قاسية تختلف ظروفها عن الكثير من الدول التي تشهد اليوم أزمة انتشار جائحة الكورونا.

فمن قطاع الاستشفاء الذي كان على حافّة الانهيار قبيل أزمة الكورونا بفعل عدم توفّر الدولار لاستيراد المعدّات، إلى تراجع مخزون الأدوية لدى تجّار الدواء للسبب نفسه و لسبب تهريب الدواء المدعوم، وصولًا إلى المأساة المعيشيّة التي كان يعاني منها اللبنانيون بالأصل اضافة الى الفراغ السياسي الموجود و اللاحس بالمسؤولية من قبل الطبقة الحاكمة و التلهي بشؤون الحصص و حماية المصالح ودخول البلاد في مرحلة الإقفال التام، كان هناك ما يكفي من عوامل لتكون البلاد في أصعب ظروف أمام الفيروس المستجد.

كورونا و قطاع الاستشفاء

في الأشهر الستّة الأخيرة، لم يستورد لبنان سوى 5% فقط من المستلزمات والمعدّات الطبيّة التي تحتاجها المستشفيات عادةً لعمليّاتها اليوميّة، بما فيها أبسط المواد الضروريّة مثل مواد التعقيم والتطهير، والتجهيزات والمواد التي يحتاجها عادةً ذوو الأمراض المزمنة، وهي الفئة الأكثر تأثّرًا عادةً عند الإصابة بفايروس كورونا المستجد. وهكذا، دخلت البلاد أزمة الكورونا بقطاع استشفائي هش وضعيف، يعاني حتى في تشغيل أجهزة التنفّس الإصطناعي الضروريّة لبعض حالات الكورونا، والتي تبيّن لاحقًا أنّ 80% منها لا يعمل بسبب النقص في قطع الغيار المطلوبة لها.

هكذا، دخلت مستشفيات لبنان المعركة في وجه كورونا بلا سلاح، حتّى أنّ منظمة «هيومن رايتس واتش» رفعت الصوت في ظل أزمة الكورونا، محذّرةً من نقص اللوازم الضروريّة لمواجهة فيروس كورونا، ومعربةً عن قلق الطواقم التمريضيّة إزاء عجز الحكومة والمستشفيات عن توفير التجهيزات اللازمة لحماية العاملين في الحقل الطبي من الإصابة بالفيروس.

وباء إجتماعي و إقتصادي

كانت البلاد على شفير الفقر المدقع منذ بداية العام، وقبل دخول فيروس كورونا وتبعات التعبئة العامّة على الخط. فالأرقام المتداولة كانت تفيد بتراجع أعمال الشركات التجاريّة بنسب تراوحت بين 70% و80% منذ بداية العام، فيما كان إقفال المؤسسات وانضمام الشباب إلى صفوف العاطلين عن العمل سيّد الموقف. وبحسب بعض الإحصاءات، بلغت نسبة المؤسسات التي أقفلت جراء الأزمة حدود 20%، فيما بلغت نسبة البطالة 40% وسط توقّعات ببلوغها مستوى 50%. وبشكل عام، يُقدّر عدد الذين باتوا دون خط الفقر بعد الانهيارالاقتصادي بحدود 1.3 مليون شخص. و من تداعيات كورونا ايضا تراجع الناتج المحلي بما لا يقل عن 40%، وهو قابل لزيادة التراجع. وقد قدّر صندوق النقد الدولي أن الناتج المحلي الإجمالي السنوي للفرد سينكمش من ما يعادل 14500 دولار سنويًا في عام 2019 إلى 10900 دولار في عام 2020.

فشل الادارة الاجتماعية

منذ اليوم الاول لبدء مشوار التعبئة العامة و الاقفال الجزئي و التام، لم تكن السلطة على قدر المسؤولية فتحدثت عن فقاعات وعود لم يلمس المواطن المتألم تلك الالتزامات.

فحسب منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن نظام الحماية الاجتماعية في لبنان غير كاف على الإطلاق، مع انعدام الخدمات الأساسية. فذلك يؤدي إلى انعدام العدالة الاجتماعية، معززا بشبكات الزبائنية والمحسوبية، مع سيطرة الأحزاب السياسية على الخدمات وتقديمها لمؤيديها.

للاسف الخطط الحكومية كالعادة لا تنطلق من خلال استرتيجية واضحة تأخذ بعين الاعتبار الواقع الصحي و الاجتماعي فتنطلق من عين واحدة فقط. و ذلك يؤدي الى مزيد من الانفجار الاجتماعي و الاقتصادي سنشهد تبعاته في الفترة القريبة المقبلة و ممكن القول ان الحلول دائما تأتي على حساب المواطن و ليس لحسابه و متل ما بقول المتل اللبناني “دائما العترة على الفقير”.

ما بين الترسيم و العرقلة.. هل سنشهد حربا

يمر لبنان منذ العام 2006 بشبه هدنة غير مباشرة مع إسرائيل حيث تتخللها من حين إلى آخر أجواء توحي بالحرب أو خروقات متكررة من قبل الأخيرة. تلك الهدنة أتت نتيجة قرار 1701 الذي صدر عن الأمم المتحدة ونتيجة للتحولات السياسية في المنطقة من العراق وصولاً إلى سوريا واليمن وأخيرا لبنان. حيث تبدلت قواعد اللعبة ما بين الإيراني والإسرائيلي.

نشأة حزب الله

في العام 1982 اجتاحت إسرائيل لبنان وصولاً إلى بيروت ونتيجة لذلك استشهد حوالي 14000 مدني من اللبنانيين والفلسطينيين على إثرها بدأ تأسيس حزب الله اللبناني، إلا أن جذوره الفكرية تعود إلى ما يعرف “بالصحوة الإسلامية الشيعية” في لبنان في الستينيات والسبعينيات التي شهدت ظهور نشاط علمي شيعي ومرجعيات دينية في جنوب لبنان كمرجعية السيد محمد حسين فضل الله وكان قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 بقيادة آية الله الخميني دافعاً قوياً لنمو حزب الله، وذلك للارتباط المذهبي والسياسي والعقائدي بين الطرفين.

تاريخ الحروب بين حزب الله وإسرائيل

خلال انطلاقة حزب الله لم يكن اللاعب الوحيد في الصراع اللبناني-الإسرائيلي بل كانت هناك قوى أخرى مثل المقاومة الفلسطينية والوطنية ومع مرور الوقت واكتمال المصالح السورية-الإيرانية تم القضاء على القوى المختلفة وأبقي اللاعب الأوحد في هذا الملف؛ حزب الله.

وأحد أبرز الحروب بين الطرفين هو عدوان نيسان عام 1996 “عناقيد الغضب” حيث سقط حوالي 200 شهيد وآلاف الجرحى. أما العدوان الأخير كان في تموز 2006 حيث استشهد حوالي 1200 شخص وسقط آلاف الجرحى.

احتمال حدوث حرب جديدة

خلال الفترة الماضية تصاعدت وتيرة الضربات الإسرائيلية لمواقع حزب الله في سوريا تارة يعلن عنها وتارة يخيم الصمت. وحسب المعلومات، فإن تلك الضربات تكون على شكل إرسال رسائل وتارة لضرب منظومة الصواريخ الذكية تعود لحزب الله لعدم التمكن من إيصالها إلى لبنان.

مفاوضات الترسيم

صادقت الحكومة الإسرائيلية في حزيران 2020 على التنقيب عن الغاز في المنطقة البحرية المتنازع عليها مع لبنان المسماة “ألون دي” التي تقع بمحاذاة البلوك رقم 9 اللبناني، وقد بدأ الضغط الأميركي على لبنان قبل هذا الإعلان على موضوع ضرورة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بكافة الوسائل، حتى بدأت ورقة العقوبات على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس. وقد ساهمت في تسريع الإعلان عن تلك المفاوضات. لكن خلال الفترة الماضية ظهرت عقبات في هذا المسار، تلك المفاوضات حيث كان يوجد تشدد من الفريق اللبناني بخصوص المسار الجغرافي الذي يفصل بين البلدين، وبالتالي إبقاء هذا الملف من دون حلول يؤدي إلى خسائر مادية لإسرائيل بسبب عدم ثقة الشركات النفطية بمناطق غير مستقرة أمنياً وقيمة التأمين سيكون ضخماً جداً. إضافة إلى ذلك أصبحت إسرائيل جزءاً من منتدى شرق المتوسط وهي تلعب دوراً أساسياً في ملعب النفط والغاز في تلك البقعة الجغرافية، فهي بحاجة إلى حلحلة كافة العقد التي تقف بوجه موقعها الريادي. إضافة إلى ذلك إن حصل الترسيم قد يخفف من حاجة وجود سلاح حزب الله لأن بعد الترسيم البحري قد يبدأ الترسيم البري وبالتالي يصبح لبنان بحالة هدنة غير مباشرة مع إسرائيل.

الصواريخ الدقيقة

في مناسبات مختلفة تحدث الطرف الإسرائيلي عن هذا الموضوع، فحسب تقاريرهم أنه تم نقل جزء من هذه الصواريخ بين عامي 2013 و2015، وفي المفاوضات السرية التي تجري من تحت الطاولة بطريقة غير مباشرة، فهذا البند أي التخلص من الصواريخ الذكية يعد أساسياً لهم، حيث يتم إدراج التخلص من تلك المنظومة كأساس لأي تسوية سياسية في المنطقة وأي هدنة بين الطرفين اللبناني والإسرائيلي. ولكن حتى اليوم لم تحصل تلك التسوية. ومع خروج ترامب من البيت الأبيض يزداد الهاجس الإسرائيلي جراء هذا الموضوع ويطمع الإسرائيلي بنزع هذه الورقة من يد إيران قبل بدء التفاوض بينها وبين الإدارة الأميركية الجديدة.

خسارة ترامب

بعد هزيمة ترامب في الانتخابات الأميركية هناك تخوف من أخذه قرارات متهورة إن كان على الصعيد الداخلي أو الخارجي، وخصوصا أن ترامب يعد من المتشددين في السياسة الخارجية ويريد أن يبني على انجازات في السياسة الخارجية قد تساعده داخلياً وخارجياً في المرحلة الحالية والمستقبلية، فقد حاول ترامب جر الطرف الإيراني إلى المعركة سابقاً ولكن الأخيرة كان لها سياسة الصبر.

في المقابل نرى نتانياهو في مأزق داخلي بعد هزيمة حليفه ترامب، كما سيستغل خصومه أكثر ملفات الفساد حيث كان ترامب الداعم الأكبر له وأهداه إنجازات مختلفة، فكانت مصالح مشتركة بين الطرفين. ولكن نتانياهو بعد هزيمة ترامب قد يجد نفسه وحيدا في الساحة وبالتالي عليه أن يعمل على ضربات استباقية كأسلافه، مثل عمليات نوعية ضد حزب الله قد تعطيه أوكسجيناً داخلياً وتفرض على الإدارة الأميركية الجديدة مستقبلاً يحدد بمعايير محددة بالملف الإيراني.

إضافة إلى كل تلك المواضيع، هناك سياسة واضحة من قبل الولايات المتحدة الأميركية بعد اغتيال قاسم سليماني وهي تقويض أجنحة إيران في المنطقة وبالأخص العراق، لبنان، سوريا واليمن. وبالتالي هي بحاجة إلى ضربة قوية للجناح الأقوى أي حزب الله، حيث يخفف من نفوذ إيران في الخارج ويخفف الأجواء الضاغطة والرافضة لاتفاقات السلام في المنطقة.

 

تجار الهيكل

أقر مجلس الوزراء في فبراير/شباط 2002 مشاريع قوانين لتعديل المرسوم الاشتراعي الصادر في 1967، وتعديلاته في العام 1975، وأحاله الى مجلس النواب لدراسته واقراره. كما أقرّ قانون إلغاء الحماية عن الوكالات الحصرية في مجلس النواب في يناير/كانون الثاني 2004، على أن يصبح سارياً بعد أربع سنوات من تاريخ إقراره، قبل أن يردّ رئيس الجمهورية السابق إميل لحود القانون إلى مجلس النواب. وأودع البرلمان أيضاً مشروع قانون في العام 2007 يهدف الى تنظيم المنافسة، لكنه لم يُقرّ حتى الآن.

القانون الجديد

في أواخر العام الماضي، أنجز وزير الاقتصاد السابق منصور بطيش مشروع قانون المنافسة وأرسله الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء. كان من المفترض أن يعمد وزير الاقتصاد الحالي راوول نعمة الى سحب المشروع ودراسته إذا ما كان من تعديل يذكر لتحسينه وجعله أكثر ملاءمة مع الانهيار الاقتصادي الحاصل. الا أن نعمة الذي أدخل تعديلات طفيفة عليه لا تمس بالجوهر.غير أن وزير اقتصاد وضّب مشروع القانون في أدراج الوزارة بدلاً من إرساله مجدداً الى مجلس الوزراء، لا لشيء سوى لرضوخه لـلمحتكرين.

لبنان و الاحتكار

تفرض الاحتكارات إرتفاعاً باهظاً بأسعار سلع أساسية لا بديل عنها، مثل الاسمنت المحتكر من ثلاث شركات محلية في الداخل  تبيع الاسمنت  بسعر 90 دولار اميركي للطن الواحد، بينما يتم تصديره بسعر أقل يصل الى 40 دولار اميركي الى خارج لبنان، ويمنع القانون استيراد الاسمنت. كذلك تفرض الاحتكارات ارتفاعاً في أسعار الادوية، وخصوصاً الادوية التي لا بديل لها (جنريك) ويقدر عددها بنحو 400 دواء… وقد استثنى القانون كل شيء يتعلق بالمواد الغذائية التي باتت خارج الوكالات الحصرية.

وينسحب الامر أيضاً على أسعار الفيول والمحروقات والمشتقات النفطية والغاز المنزلي، وتمس أسعارها المرتفعة بسبب الاحتكارات جميع المواطنين وفي مقدمهم ذوي الدخل المحدود، ويتم الاتفاق على الاسعار بين أعضاء تلك الكارتيلات، ويمنع أي طرف آخر من استيراد تلك المواد منعاً لتخفيض الاسعار.

ولا يُخفى أن كارتيلات الغاز والادوية والمحروقات يصعب على أي طرف مواجهتها، بالنظر الى انها تتحكم بالسوق وبأسعاره، وتمنع المنافسة فيه، وهو الحال الذي تنسحب عليه قضية عدم اقرار قانون المنافسة المرتبط بضغوط تمارسها بعض الكارتيلات في عدة قطاعات على السياسيين.

وتغوّلت الوكالات الحصرية في السوق، حيث سجل مستوى الحرّية الاقتصادية في لبنان 51.1 نقطة في مؤشر العام 2019، متراجعا عن العام 2018 حيث سجل 53.2 نقطة ما يجعله يأتي في المرتبة 154 عالميا، بحسب مؤشّر الحرّية الاقتصادية، الصّادر عن مؤسسة البحوث العالمية ” هاريتاج فوندايشن” ويقوم بقياس درجة الحرية الاقتصادية في 186 دولة.

احتكار الدولار

ممكن ان نقول ان “لعبة الدولار” بيد وكيل الإمارة “حاكم مصرف لبنان” و هي احد مكامن الاحتكار في لبنان في وقتنا الحالي حيث يتحكم بالسوق بضعة اشخاص يخفضون و يرفعون قيمة الليرة اللبنانية حسب مصالحهم، تارة تكون لاسباب سياسية و تارة لاسباب مالية. فهؤلاء يلعبون بالمواطن و ممكن ان نقول ان رفع و تخفيض قيمة الليرة يكون وهمي و لكنه النتيجة واحدة اخذ العملة الصعبة من المواطن اللبناني و خفض قيمة اموال المودعين في المصارف اللبنانية  بسبب الحجز و الهدرها من قبل ساسة لبنان و خوفا على مصالحهم  في والقت الحالي محاولين ضخ الايجابية من خلال تعاميم الامارة المذكورة “ضخ دولارات المواطن” في الاسواق لكي يهبط سعر الصرف في الاسواق.

تقديم اوراق الاعتماد

ان ارتكاب جرائم الاحتكار تعد اقصى انواع الجرائم لانها ساهمت و تساهم في القضاء على جنى عمر المواطنين و سببت فلتان في سوق الصرف و بالتالي ارتفاع نسب الفقر و البطالة في البلد.

انها جريمة منظمة ترتقي الى درجة الاعتداء على الامن القومي الاجتماعي ، و بهذا يكون حاكم مصرف لبنان قد قدم اوراق اعتماده مجددا و ديمومته في هذا العمل او تقاعد مبكر دون محاسبة.

 

من يسبق تعديل النظام ام حكومة حل؟

تأسست الجمهورية اللبنانية بالدستور اللبناني الصادر عام 1926، وحصل لبنان على استقلاله من فرنسا في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1943 وعاصمته بيروت. كان لبنان عضواً مؤسساً في كل من منظمتي الأمم المتحدة  وجامعة الدول العربية، ويستند النظام السياسي اللبناني رسمياً على مبادئ الفصل والتوازن والتعاون بين السلطات.

شهد لبنان حربا أهلية طاحنة لمدة خمسة عشر عاما من 1975 إلى 1990 قتل فيها مئات الآلاف، وضع اتفاق الطائف الذي رعاه المجتمعين العربي و الدولي عام 1990 نهاية للحرب الاهلية اللبنانية حيث تم تعديل الدستور اللبناني الذي كان من نتائجه تعزيز منطق الديمقراطية التشاركية بين الطوائف.

نظم الايقاع السياسي اللبناني بعد اتفاق الطائف حتى اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005 الادارة السورية التي كانت تتم عبر المخابرات السورية في لبنان، حيث شهد لبنان فترة استقرار سياسي لمدة خمس عشر عاما.

بعد استشهاد الحريري عام 2005 بدأت التوترات السياسية تستجد في لبنان فكانت تارة سياسية و تارة امنية و تارة طائفية او مذهبية و اصبح لبنان سياسيا يدور في اكثر من فلك سياسي و الهدوء فيه كان رهن التسويات و التفاهمات الاقليمية و الدولية.

و ابرز ثلاث محطات تأثر بها لبنان اقليميا بعد اغتيال الرئيس الحريري هم الحرب السورية حيث اصبح لبنان ساحة امنية، الاتفاق النووي الاميركي-الايراني حيث ادى الى هدوء نسبي و من بعدها فسخه، حيث صعد نجم حرب العقوبات الترامبية و الحرب في اليمن حيث بدأ شبه انقطاع الدعم الخليجي للبنان.

هذه المحطات ادت الى تغير سلم الاولويات في المنطقة و الاهتمامات حيث تأثر بها لبنان بشكل مباشر و غير مباشر، تخللها فترات تسويات لم تدم طويلا تارة س-س و تارة اتفاق الدوحة و تارة مرحلة ربط النزاع و لكنها كانت تسويات لتمرير الوقت لانها لم تكن شاملة و تحل المشكلة الاساسية في لبنان اي النظام السياسي.

بدأت رائحة فشل النظام السياسي تتبلور بعد بدء الانهيار المالي منذ عام 2016 و اصبح اكثر وضوحا بعد ثورة 17 تشرين 2019 حيث بدأت تظهر نتائج السياسات المالية و الادارية التي حصدها لبنان بعد ثلاثة عقود من الحكم الفاشل.

بالتوازي ممكن ان نتحدث عن المتغيرات الاقليمية و الدولية التي دائما و دوما تؤثر في السياسة الداخلية في لبنان و المنطقة، حيث حصدت ايران انتصارات عسكرية في العراق و سوريا و لبنان و اليمن و لكنها بالمقابل تواجه العقوبات الاميركية اضافة الى نفوذ اعلى لقوى اقليمية اخرى في المنطقة منها تركيا حيث تنسجم في مكان و تتنافس في مكان اخر و ايضا الدور الروسي المستجد في المنطقة و خاصة سوريا. اضافة الى اتفاقات السلام بين اسرائيل و دول عربية مختلفة و لعب دور الحماية لتلك الدول، اضافة الى التنافس العربي-التركي على الساحة السنية..

جميع تلك المتغيرات اضافة الى الانهيار المالي الحاصل، ستؤدي حتما الى تعديل في النظام السياسي في لبنان و لكن السؤال متى ممكن ان تظهر حكومة تسوية فعلية هل هي قبل مسار الاتفاق على مسار سياسي جديد؟ ام بعدها؟

جميع المؤشرات تدل على ان لا حكومة تسوية من دون تسوية في المنطقة و الجميع ينتظر الانتخابات الاميركية و اي شكل من اشكال التسوية ممكن ان تحدث ! ما هو الدور الايراني؟ ما هو الدور التركي؟ ما هو الدور الروسي؟ و ما هو الدور الاوروبي؟ و لكن السؤال المهم هل تلك التسوية ستشمل جميع هذه الدول ام لا؟

فمعركة تعديل النظام او الاتفاق على نظام سياسي جديد بدأت منذ فترة، عندما نرى تشبص الثنائي الشيعي بوزارة المالية اي ضمان الامضاء الثالث في السلطة التنفيذية، تلويح نادي رؤساء الحكومات السابقين دائما بورقة دور رئيس الحكومة، و تلويح الوزير السابق جبران باسيل دائما بورقة اللامركزية الادارية.

فالسؤال المهم كيف سيتم الاتفاق على الادارة الجديدة في لبنان هل بعد معارك متفرقة ام بوسائل دبلوماسية؟ و من سينتصر؟ و ما هو الاتفاق؟ ممكن ان نقول ان الحل في لبنان سيكون توافقي و المخرج سيكون بنظام لا مركزي موسع يعطي لكل طائفة او منطقة جغرافية دورها بالمقابل اخذ ثنائي الشيعي التوقيع الثالث في السلطة التنفيذية المركزية.

لا حكومة حل قبل بلورت الامور الشائكة في نظامنا السياسي في لبنان، و نحن اليوم امام خيارين ان طال مسار تسوية  اما تفعيل حكومة تصريف الاعمال حتى حدوث التسوية اما حكومة تشبهها فلا حكومة حل قبل مسار تعديل النظام او بالاحرى تطبيق النظام

التدقيق المالي الجنائي في لبنان من “كرول” الى “ألفاريز” فمن هي ؟

اذا كان تدقيق الاحتيال هو الكشف عن أسباب حصول أخطاء جوهرية، فإن وظيفة المحاسبة الجنائية أبعد من ذلك. فهي تقوم على تقييم الخسائر وتوثيق الأدلّة وليس عملها مرتبطاً بوجود الشكّ أو الشكوى أو غيرها، بل عليها أن تقدّم خدمات الدعم القضائي والتحقيق المحاسب للدوائر والشركات والوحدات الحكومية لمساعدتها على إصدار أحكامها، ومنع واكتشاف الجرائم الاقتصادية ذات الأبعاد المحاسبية من خلال منظومة من المعارف والخبرات في مجال المحاسبة والتدقيق والقانون والكمبيوتر مدعومة بقدرات ومهارات شخصية في مجالَي التواصل والتحقيق.

والمحاسبة الجنائية من أقدم المهن التي مارسها المصريون. فقد كان للفرعون شخص يعمل كمحاسب جنائي، ويراقب مخزونات الحبوب والذهب وغيرهما من الأصول. ويتم انتقاء هذا الشخص لكونه جديراً بالثقة ومسؤولاً وقادراً على التعامل مع مواقع النفوذ.

غالباً، يتم استدعاء المحاسبين الجنائيين مباشرة بعد ظهور أدلّة أو شكّ في وجود احتيال من خلال ادّعاء أو شكوى أو اكتشاف. يسهم المحاسبون الجنائيون في ترجمة المعاملات المالية المعقدة والبيانات الكمية إلى مصطلحات يمكن أن يفهمها الأشخاص غير المتخصصين. ويعتمد المحاسب الجنائي على موارد مختلفة للحصول على أدلّة مالية ذات صلة وتفسيرها وتقديمها بطريقة مفيدة. إن إشراك المحاسب الجنائي يكون دائماً تفاعلياً، وهذا يميّزه عن مدقّقي الاحتيال، إذ يميل إلى المشاركة بنشاط في الوقاية والكشف في بيئة مؤسّسية أو تنظيمية.

على سبيل المثال، في حالة عدم التزام أحد المصارف بمتطلبات معيار الأدوات المالية (IFRS9)، يتوجّب على المدقّق المالي الإشارة في تقريره إلى هذا الخطأ بصفته من «الأخطاء الجوهرية» التي تؤثّر على قرارات مستخدمي البيانات المالية. بينما يتولى مدقّق الاحتيال والمحاسب الجنائي البحث عن الأسباب الذي أدّت إلى حدوث الخطأ وإذا كانت تنطوي على عمليات احتيال، بالإضافة إلى احتساب كلفة الخسائر الناتجة من هذا الخطأ.

مجالات خبرة المحاسبين الجنائيين تتعدّى المحاسبة والتدقيق إلى مهارات التحقيق الجنائي والمقابلات وكتابة التقارير والشهادة كشهود خبراء. يدرَّب المحاسبون الجنائيون على الرّد على الشكاوى الناشئة في المسائل الجنائية، وبيانات المطالبات الناشئة في الدعاوى المدنية، والشائعات والاستفسارات الناشئة في تحقيقات الشركات. تُعطى موضوعية واستقلالية مدققي الاحتيال والمحاسبين الجنائيين أهمية قصوى.

وقد بدأ التدقيق المالي الجنائي بالمؤسسات مع أول احتيال كبير للشركات هو الاحتيال المعروف باسم فقاعة بحر الجنوب). حيث تأسّست شركة بحر الجنوب (SSC) في بريطانيا عام 1711، بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، وأعطيت لاحقاً الحقّ الحصري بالمتاجرة في بحار قارة أميركا الجنوبية. في عام 1719 اقترحت الشركة مخططاً يقضي بتحملها الدين العام في بريطانيا، والمقدر بأكثر من 30 مليون جنيه إسترليني، عن طريق دعوة المستثمرين بالاكتتاب في أسهم الشركة مقابل السندات الحكومية التي يحملونها. ورغم أن بنك إنكلترا عرض تحمّل الدين، إلّا أن البرلمان وافق على تولّي الشركة هذا الدين. قادت شركة بحر الجنوب ارتفاع سعر السهم من خلال وسائل اصطناعية، موهمة المستثمرين بعوائد على الأسهم تفوق بكثير تلك المحققة من السندات الحكومية، ما أدّى إلى تهافت المستثمرين على الاكتتاب في أسهم الشركة. وفي جنون المضاربة هذا، ارتفعت قيمة سهم الشركة من 128 جنيهاً إسترلينياً إلى 1000 جنيه إسترليني خلال الفترة بين كانون الثاني وآب من عام 1720. وبعدما شاع خبر أن الأسعار المتداولة تفوق بكثير القيمة الحقيقية لأسهم الشركة، بدأت عمليات بيع الأسهم بالتسارع من قِبل مديري المحافظ بداية، ثم المستثمرين للاستفادة من أرباح الأسهم الضخمة. وبحلول نهاية شهر أيلول من السنة نفسها، انخفض سعر السهم إلى 150 جنيهاً إسترلينياً.

ألفاريز آند مارسال

تأسست شركة ألفاريز آند مارسال عام 1983 بجهود مشتركة بين طوني الفاريز و براين مارسال لمساعدة القطاعين العام و الخاص على تطوير انفسهم و لمساعدتهم في التدقيق الحسابي و التدقيق المالي الجنائي و مقرها الرئيسي في نيو يورك.

وهي أحد الشركات الرائدة على المستوى العالمي والتي تختص في تقديم الخدمات الاستشارية لتحسين أداء الأعمال ومراحل إدارة التحول.

وتمتلك ألفاريز آند مارسال أكثر من 4500 مختص من نخبة كبار الاستشاريين ذوي الخبرات العالمية موزعين على أربع قارات حول العالم، وتقدم ألفاريز آند مارسال خدمات استشارية مميزة للشركات، ومجالس الإدارة، وشركات الأسهم الخاصة، وشركات المحاماة والجهات الحكومية التي تواجه تحديات معقدة وتسعى إلى تحقيق نتائج ملموسة. إضافة إلى مجموعة من الخبراء في هذا القطاع الذين يكرسون خبراتهم لمساعدة قادة الأعمال على تحويل التغيير إلى أحد الأصول التجارية، وإدارة المخاطر وتحقيق قيمة أفضل في جميع المراحل، مستفيدين من إرث الشركة وسجلها في تحقيق النجاحات.

الشركة لديها مكاتب في حوالي ثلاثون دولة ، وقد عملت في ملفات مختلفة حول العالم و في منطقة شرق الاوسط تعمل في ملفات مختلفة في الخليج العربي و ابرزها في المملكة العربية السعودية حيث تم تعيين أول سيدة سعودية دينا ابو عنق في منصب رئيس تنفيذية للشركة عام 2018 في الممكلة حيث دليل على مدى نية الشركة التوسع في المنطقة  ، و بالتوازي لديها وجود أساسي في الامارات العربية المتحدة حيث يوجد لديها مكتب أساسي هناك.

و من أبرز أنشطة الشركة في المنطقة العربية كان التدقيق المالي في مصارف المملكة العربية السعودية و الامارات العربية المتحدة و آخرها كان تقييم لادام مصارف الامارات في الربع الاول لسنة 2020.

لبنان و ألقاريز آند مارسال

لنبدأ اولا بموضوع ماذا أدى إلى الاطاحة بشركة كرول؟ هل فعلا علاقتها بإسرائيل؟ او لديها خبراء يهود؟ رغم انها كانت تتعاون مع مصرف لبنان سابقا؟ و هل هناك من يصدق ان ليس جميع تلك الشركات العالمية لديها موظفون اسرائيليون؟ و لماذا بعد عدة أشهر اتى تقرير امني بذلك؟

من هنا ممكن ان نقول ان الموضوع اكبر ن ذلك و لكن السؤال الذي يطرح نفسه ما هو الاتفاق مع هذه الشركة و كيف سيكون و ما هي المعوقات التي كانت مع كرول و ليست مع ألفاريز !!

عسى ان ياخذ التدقيق المالي الجنائي مجراه و يعمل بالتوازي على إنشاء محكمة خاصة بالجرائم المالية لكي يتم محاسبة فعلا المسؤولين و هذا التدقيق الجنائي يجب ان يمتد غلى مؤسسات مختلفة ساهمت في هدر المال العام مثل الكهرباء و مجلس الانماء و الاعمار و مجلس الجنوب و غيرها.

و لكن لكي نكون ايجابيين ان خطوة تلزيم الشركة بالتدقيق المالي الجنائي تعد خطوة متقدمة في ظل الانحطاط السياسي و المالي و المحاسبي في وطن إسمه لبنان.

أرواح مئات اللبنانيين برسم وزير الداخلية

الطبيعة الفيزيائية لمدينة طرابلس، وازدياد عدد السكان، والمشاكل البيئية كتدني المساحات الخضراء التي ما زالت أقل بكثير من المعدل الذي وضعته منظمة الصحة العالمية للفرد (10م2/للفرد بينما هو 3م2/للفرد في مدن اتحاد بلديات الفيحاء)، علماً أن الأشجار تساهم في تنظيف وامتصاص الروائح والغازات الملوثة والجسيمات في الهواء، وتوفر الأوكسجين، ناهيك عن جبل الموت الذي لم تحلّ معضلته منذ عام 2011 حتى اليوم من خلال تجديد المناقصة نفسها منذ انتهائها عام 2013 حتى اليوم، إضافة إلى إنشاء معمل فرز للنفايات والذي تحوم عليه شبهات فساد عديدة، وما زالت روائح هذا المعمل الذي كلف ملايين الدولارات تفوح في أجواء المدينة وتنشر السموم في سماء الشمال ولبنان… فيما الدولة متغافلة عنها.

أما اليوم، فالموضوع القديم الجديد هو حرق الكابلات والدواليب لاستخراج مادة النحاس وبيع الكيلو بقيمة سبعة آلاف ليرة لبنانية! يستفيق المواطن الشمالي، وخصوصاً ضمن نطاق طرابلس والجوار، على روائح الحرائق اليومية في أماكن قريبة من ثكنتين عسكريتين، ووجود مخافر تبعد مئات الأمتار فقط عنها، حيث يوجد حوالي خمسين “بورة” بين منطقتي طرابلس والبداوي، والأجهزة الأمنية والعسكرية لديها أسماؤهم بالتفصيل. ولكن للأسف هناك من يغطيهم سياسياً وأمنياً أو يستفيد منهم مادياً أو انتخابياً.

تمكّنا من التواصل مع أحد حارقي الكابلات والدواليب. سألناه عن كيفية إتمام عملية الحرق، فأجاب أن أحد أصحاب الأراضي المسيجة لبيع الحديد وغيرها من المستلزمات يؤجره الأرض ليلاً بقيمة 75 ألف ليرة، فيبدأ الحرق من منتصف الليل حتى الصباح الباكر، وبالتالي يكسب من النحاس ما قيمته 200 إلى 300 ألف ليرة. وهذا العمل غير القانوني يتحمله المواطن اللبناني على حساب صحته والمزيد من الأمراض السرطانية والتنفسية.

محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا، كان تحدث منذ حوالي سنة عن هذا الموضوع، ولكن للأسف بقي كلاماً دون فعلٍ لأن المخافر الإقليمية هي بجوار هذه الأماكن ولم تحرك ساكناً.

هل سننعم بالحريرالصيني أم بفخ الديون؟

بدأت العلاقـات اللبنانية – الصينية فـي العام 1955 حيث تـم توقيع أول اتفاقية تجارية بين لبنان والصين، وقد شـهدت العلاقات التجارية بين لبنـان والصين تطوراً كبيراً، فأصبحت الصين أكبر شـريك تجـاري للبنان، إذ بلغـت قيمة الصادرات الصينيـة إلى لبنان عام 2018 بمليارين و48 مليون دولار وهي تعد أكبر مصدر، وبالمقابل صدّر لبنان بـ22 مليوناً و194 ألف دولار.

وتأسست العلاقة الديبلوماسية بين الصين ولبنان في 9 تشرين الثاني 1971، وبعد ذلك شهدت العلاقات الثنائية تنمية مستقرة في شتى المجالات بما فيها الاقتصادية والتجارية والمالية والثقافية وغيرها.

إتخذت الجامعة اللبنانية قراراً عام 2015 بتأسيس قسم خاص لتعليم اللغة الصينية كجزء من منهج مركز اللغات والترجمة، فضلاً عن اتخاذها قراراً عام 2018 بإنشاء ماستر الدراسات الصينية.

ومع دخولنا الألفية الثالثة، تتطور التعددية القطبية والعولمة الاقتصادية والمعلوماتية الاجتماعية والتنوع الثقافي على نحو معمق، وتتسارع وتيرة التغير لمنظومة الحوكمة العالمية والنظام الدولي ويترابط مصير شعوب العالم بشكل أوثق من أي وقت مضى.

وفي الوقت نفسه، نواجه تحديات غير مسبوقة، إذ ما زالت الهيمنة وسياسة القوة موجودة. في هذا السياق طرح رئيس الصين شي جين بينغ مبادرة “الحزام والطريق” أي “الحزام الاقتصادي لطريق الحرير” و”طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين” العام 2013، ولقد لبى لبنان هذه المبادرة بشكل إيجابي، وتم التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن البناء المشترك للحزام والطريق بين الحكومتين الصينية واللبنانية في أيلول 2017 وذلك بعد إقرار قانون 48 الذي ينظم العلاقة بين القطاعين العام والخاص في مجلس النواب اللبناني.

خلال الأعوام التي تلت هذه الاتفاقية، جاءت إلى لبنان وفود صينية مختلفة ترغب في الاستثمار. وقد أعدت دراسات ميدانية ووضعت أولوياتها في الاستثمارات، وحيث قد تصل نسبة استثماراتها إلى 12.5 مليار دولار.

ومن ضمن هذا المبلغ تنفيذ 9 مشاريع كبيرة، أبرزها سكك الحديد وقطاع الكهرباء. ولا يلتزم الصينيون بسكّة حديد واحدة تمتّد على الخط الساحلي، بل بشبكة متكاملة تجعل لبنان مترابطاً من أقصاه إلى أقصاه، عبر سكّة الخط الساحلي وربط المرافئ وسكّة طريق الشام، بما فيها نفق حمانا.

ويهتمّ الصينيون كذلك بإنشاء معامل لإنتاج الكهرباء، وكذلك منشآت إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، التي وُضعت دراسات لتوليدها فوق مجاري نهر الليطاني وسدوده، إضافة إلى مساحات أخرى. ولا يغيب نهر الليطاني عن الاهتمام الصيني، حيث يعرض الصينيون تنظيف مجرى النهر ومعالجة الملوّثات التي جعلت مياه النهر ومجراه مكاناً غير قابل للحياة، بدل أن تكون مصدراً للإنماء وتطوير الانتاج الزراعي، إضافة إلى ذلك هناك اهتمام صيني بالصناعات الغذائية كالبطاطا والتفاح الأحمر.

أما بخصوص التحديات التي قد نواجهها في مجال التعاون اللبناني-الصيني، فهي مختلفة وتنقسم بين سياسية واقتصادية وإدارية.

على الصعيد السياسي هل شق طريق استثمار الصين في لبنان سيكون سهلاً؟ في ظل الأجواء المتوترة بين الصين والولايات المتحدة الأميركية وخاصة أننا نعيش في شبه حرب باردة بين الطرفين. رغم أن الصين تحتل صدارة الشركاء التجاريين مع الولايات المتحدة والمصدرين إليها. وجاء نحو 22 في المائة من إجمالي الواردات السلعية الأميركية من الصين في 2017، بينما أتت الصين في المركز الثالث للصادرات الأميركية بعد كندا والمكسيك، حيث صدرت الولايات المتحدة إليها نحو 8.5 في المائة من إجمالي صادراتها.

ماذا سيكون رد المجتمع الغربي؟ وما هي الأوراق التي قد تستعملها وحيث هناك أوراق متعددة من ضمنها سلل العقوبات وتوقيف الهبات التي تقدم، تفعيل الحروب الباردة على أرضنا وغيرها من السيناريوات.

أما على الصعيد الاقتصادي، فما هو المقابل؟ هل الطروحات الصينية في طريقة الاستثمار والأرباح ستأخذ بالاعتبار المصالح اللبنانية؟ أم لأننا في أمس الحاجة الى هكذا دعم واستثمار حالياً فتضع الصين شروطها بطريقة لا تناسب مصالح اللبنانيين. وخاصة أن الطبقة السياسية على مدى عقود كانت تهتم بمصالحها الشخصية قبل العامة.

أما على الصعيد الإداري، فكيف سيكون شكل العقود، هل ستكون بشكل استثمار أم قروض؟ كيف ستكون نسب اليد العاملة هل ستفرض الصين شروطها؟ حصل ذلك النقاش سابقاً في المنطقة الاقتصادية الحرة في طرابلس حيث كانت الصين تضغط للحصول على نسبة 70% من العمال الأجانب مقابل 30% لبنانيون ولكن ختاماً وصل الفريقان إلى حل مشترك 50%.

ولكن ذلك كان في فترة سياسية واقتصادية مختلفة، فالاستثمار الصيني مهم ولكن على لبنان أن يكون واعياً تماماً والتفاوض يجب أن يكون بناءً وشفافاً ويحفظ حقوق اللبنانيين حتى لا نصل إلى مرحلة كما حصل في سريلانكا والإكوادور ودول أوروبية مختلفة حيث وقعت هذه البلاد في فخ الديون الصينية.

على سبيل المثال اضطرت حكومة سريلانكا إلى تسليم ميناء “هامبانتوتا” الجنوبي لنظيرتها الصينية بموجب عقد إيجار مدته 99 عامًا، بعد فشلها في سداد أقساط الديون التي حصلت عليها لتمويل بناء المشروع الذي فشل أيضًا في تحقيق العائدات المرجوة.

لبنان يعد في مرحلة حساسة جداً اقتصادياً ومالياً وسياسياً وأي خطوة خاطئة قد تدمرنا إلى عقود مستقبلاً، ومن هنا تأتي أهمية الإصلاحات الإدارية حتى قبل بناء علاقات وتلقي دعم من أي جهة كانت لكي تأخذ الإجراءات الإدارية والشفافية الطريق الصحيح.

ثورة الجياع آتية على مافيا الدولار في لبنان

نظمت مهنة الصيارفة رسميا في 21 تشرين الثاني عام 1987، بقانون أقر في مجلس النواب و وقع عليه رئيس الجمهورية أمين الجميل و رئيس الحكومة سليم الحص و هذا القانون مؤلف من 18 مادة و أبرز مواده أن هذه المهنة تقع تحت رقابة مصرف لبنان، و يبلغ عدد الصيارفة المنتسبين إلى النقابة على 305، أما عدد الذين يعملون من دون رخص قانونية فيتراوح ما بين 200 و300 آخرين.

لبنان مر بفترات صعبة منذ إنتهاء الحرب الأهلية حتى اليوم و لكن على الصعيد النقدي و المالي حصل عام 1992 عند إرتفاع الدولار إلى حد 2800 ليرة لبنانية و هبوطه من بعدها، لكن كان الوضع الإقتصادي و الإجتماعي أفضل بكثير من واقعنا اليوم، حيث كانت كافة النسب من بطالة و فقر و غيرها أقل بكثير من واقع اليوم.

من بعدها جاء دعم دولي و إقليمي حافظ على وضع إلى حد ما مستتب و أصبح لبنان دولة تعيش على أساس الدعم الخارجي بسبب فسادها و هدر أموالها يمينا و يسارا من قبل قلة حاكمة، أدت إلى تدمير الطبقة الوسطى. هذه السياسات المالية و الإقتصادية المتتابعة و هدر أموال قدرات الشعب اللبناني أدت إلى ثورة 17 تشرين.

قبيل الثورة ببضعة أشهر بدء شح الدولار و كان لبنان عمره أشهر قبل الإنهيار، أدت الثورة إلى فضح السلطة و سياساتها الفاشلة، و لكن على الشعب دائما أن يدفع فاتورتين مثل كهرباء، خلال فترة ما قبل الثورة كان الشعب يدفع الثمن من جراء هدر الأموال و تهريبها، اليوم يدفع فاتورة ثانية خلال فترة الثورة من مافيا مشتركة بين قطاع المصارف و شركائها من نافذون و الصرافين حيث يلعبون بجنى حياة الشعب اللبناني.

هذه المافيا المشتركة المستفيدة الأول من اللعب بسعر صرف دولار مقابل الليرة اللبنانية، حيث تم تهريب أموال خلال الفترة الماضية إلى خارج المصارف، بالإضافة إلى صفقات تجري من تحت الطاولة بين الصرافين و المصرفيين النافذون في المصارف و بعض رجال الأعمال و ساسة بالإضافة إلى مصرف لبنان، هذه الفئة مسؤولة عن اللعب بأسعار سعر الصرف و مسؤولة عن تجويع نسبة كبيرة من الشعب اللبناني و مسؤولة عن إزدياد نسبة البطالة في لبنان، إنهم المافيا التي تتحكم بأموال اللبنانيين و يجنون أرباحا باهظة على ظهر الشعب اللبناني و أمواله و حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لم يتخذ أي إجراء لوقف هذه الجريمة لأنها من ضمن إختصاصه و مسؤولياته فأصبح شريكا واضحا و شريكه جميع الطبقة السياسية الساكتة عن هذا الواقع المرير.

ما الفرق بين العمالة و كل هذه النتائج التي ذكرتها، ألا يستحق المسؤولون عن ذلك وضعهم في السجون لقاء ما يرتكبونه بحقنا؟ أم نسمح لهم بالتنعم بأموال المواطن اللبناني على حساب معيشته و إذلاله في الوقوف بطوابير على أبواب البنوك لأخذ خرجية من فئة المئة دولار أسبوعيا، ألا يكفي المواطن الذل الذي كرسته الدولة من جراء الكهرباء و الماء و الإتصالات و كافة الخدمات التي هي من حقه؟

هذا من ناحية المودعين أما من ناحية أخرى يوجد 36% من الشعب اللبناني دون خط الفقر و بالتالي ليس لديهم ودائع في البنوك، و لكن هذه المافيا تزيدهم فقرا و تجلب لهم زملاء جدد لأن لبنان قريبا سوف يصبح أكثر من نصف شعبه فقير بسبب فقدان الليرة قيمتها حيث تدنت حوالي 40 بالمئة، و بالتالي من كان فوق الفقر بقليل أصبح تلقائيا فقيرا بسبب هؤلاء الذين يزداد غنائهم على حساب الفقراء و من تبقى من الطبقة الوسطى و على حساب المودعين الكبار و لكنهم ليسوا من التركيبة حيث يستغلونهم بشح الدولار.

هذه التركيبة دائما تجد مخرجا لنهب أموال الشعب و بطريقة قانونية و شرعية، و لكنكم لن تنعموا بهذه الأموال لأن ثورة الجياع قادمة و سوف تطال تركيبتكم و مخططاتكم، عليكم أن تعلموا جيدا أن الشعب يوما إذا أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر.

 

 

سلطة خبر كان

منذ بدء إنتفاضة 17 تشرين الأول 2019، نزل الشعب اللبناني إلى الشارع رفضا إلى السياسات الحكومية المتعاقبة و النظام الطائفي التي أدت إلى إنهيار الوضع الإقتصادي و المالي و إنهيار دولة مؤسسات و بالتالي بناء مشروع غياب الدولة.

معظم أركان السلطة ما زالوا في زمن “خبر كان” لم يتعاطوا بواقعية مع الإنتفاضة الحاصلة، حاولوا ضربها بوسائل مختلفة و لكن هذه الإنتفاضة ليس لها تمثيل تنظيمي أو مجموعة أو فرد إنها عبارة عن وجع و غضب المواطن اللبناني، و عند حصول مزيد من الإنهيار سوف نصل إلى مزيد من الغضب.

السلطة ما زالت حتى اليوم في زمن 16 تشرين الأول 2019، و لم تعي أننا في 17 تشرين و شتان الفرق ما بينهما، و مسار تشكيل الحكومة اليوم هو دليل على أنها ما زالت في ذلك الزمن، ليس مستبعدا هذا السيناريو لأنه يوجد صدمة فعلية و الخروج من تلك الصدمة و العنجهية بالتعاطي ليس بسهلا عليهم.

السلطة اليوم أمام واقعان إما أن تختار أن تكون في زمن الإنتفاضة و الحراك الشعبي و إما أن تختار الإنهيار و بالتالي سقوط المركب بالجميع،أما الخيار الآخر أخذ قرار جريء بإنقاذ الوطن عبر إجراء مراجعة ذاتية للسلطة و تصرفاتها و أخذ بعين الإعتبار الإنذار الذي وجهه الشعب لأن اليوم جزء من مناصريهم شاركوا إضافة إلى رأي عام و لكن المرة المقبلة و لن تكون ببعيدة سوف يشارك بها جزء كبير من مناصريهم لأن الجوع لن يرحم.

القرار الجريء يكون بسلخ الذات عبر الإقتناع بالإصلاحات و ليس اللف عليها، لمحاولة إعتبار كأن شيئا لم يحصل، لأنه لا يوجد أحد أكبر من وطنه، طبعا كل فريق سياسي له تمثيله و لكن عند سقوط الوطن الجميع سوف يكون بخبر كان، و البلد سوف ينتقل إلى مزيد من الفقر و البطالة و العنف.

في الأيام الماضية عدنا نسمع أن هذا الطرف يريد الحصة ذلك أو ذاك و الطرف الآخر يقبل بذلك أو ذاك و كأن شيئا لم يحدث في لبنان، الوطن بفترة إقتصادية حساسة و الجوع يأكل المواطن من جميع الطوائف و المذاهب و السلطة سوف تدفع المواطن اللبناني إن لم تلمس بعد حتى الآن أننا في زمن 17 تشرين و ما زالت تراهن على الوقت سوف تدفعه إلى ثورة تحت عنوان ثورة الجياع في لبنان مما يعني الذهاب إلى المجهول.

أي حكومة لا تأخذ بمعايير الأخصائيين ضمن برنامج عمل ينقذ لبنان من آفته سوف يكون مسؤول عن آخر طلقة في نعش الجمهورية اللبنانية و بالتالي في نعش إتفاق الطائف و سوف نتجه نحو الإفلاس.

إنها سلطة مجرمة بحق المواطن اللبناني، إستفادة من خيراته و تريد أن تستفيد من إفلاسه أيضا عبر صفقات جديدة تتعلق بثرواته، إنه الإرهاب الإقتصادي و المالي بحق الشعب اللبناني.

 

 

شمال لبنان في خطر !!

منذ سنوات و يشعر أهالي الشمال و خاصة المناطق السنية منها بعدم وجود قيادة فعلية لها، و يتزامن مع ذلك مزيدا من الفقر و البطالة و آخر الأرقام تعد مذهلة أي أكثر من نصف شعب الشمال بين الفقر و ما دون و أكثر من نصف أهل الشمال بحالة بطالة مما يعكس واقع الشمال الفعلي، 1000 طالب من الجامعة اللبنانية في كل لبنان لم يتمكنوا من دفع رسم 500 ألف ليرة لبنانية و 860 منهم من أهل الشمال مما يؤشر إلى واقع الشمال الإقتصادي.

منذ بدء إنتفاضة لبنان في تشرين الأول 2019 كان ذلك واضحا في طريقة نزول المواطنون المقهورون و المستاؤون من واقعهم الإقتصادي و الإجتماعي و السياسي و أصبحت طرابلس عاصمة الشمال شعلة لا تنطفئ مما جعلها أن تلقب بعروسة الثورة. و لكن مع إمتداد الوقت و مزيد من التدهور الإقتصادي و الإجتماعي أصبح الشمال في خطر، خصوصا أنه لا يوجد قيادة واحدة و هناك صراع بين جهات مختلفة تحاول إستغلال حاجات أهل الشمال و خصوصا طرابلس، البداوي، المنية، الضنية و عكار.

الجرح في الشمال كبير على كافة الأصعدة بداية من الشعور بالغبن على الصعيد السياسي، و شمالا ذلك الشعور منذ إنتهاء زمن الحرب الأهلية خلال فترة الوصاية السورية حيث كان التركيز على المركزية الإدارية و التنموية، يأس الشعب من شبه غياب الدولة فيها و خاصة أنه منذ سنوات لم تحصل مشاريع فعلية على قدر حاجات المدينة، حيث مشاريعها معروفة و يرددها مسؤوليها في كل جولة إنتخابية من دون أي تنفيذ و أصبح لدى هذه المشاريع لقب بالخمسة ميم ( مطار القليعات، منشآت النفط، المرفأ، معرض رشيد كرامي الدولي و المنطقة الإقتصادية الخاصة التي إحتفل فيها مواطنوا الشمال حيث سرق جزء منها لأجل منطقة أخرى).

و كلما يطال زمن الأزمة كلما يزداد الحقن في الشمال و كلما يزداد الحقن سوف يزداد العنف، و في آخر تطور إغتيال قاسم سليماني حيث زاد من وتيرة إسراع العنف هناك، خاصة بعد وعيد من هنا و شماتة من هناك، مما أدى إلى إستنهاض العصب الطائفي و المذهبي على صعيد الوطن مما سيؤدي إلى تطور قد يكون لونه أحمر من لون الدم.

هناك أسباب و مؤشرات مختلفة قد تضع الشمال في خطر!

دائما الشمال مخصص له دور البريد بين الأفرقاء السياسية المختلفة ربما لأنه بعيد عن العاصمة حيث “طراطيش” الرسائل لا تصل إلى منطقة القرار بيروت و بالأخص الصراع هناك لن يكون سني-شيعي بالمباشر و لكن بالغير المباشر، حالته الإجتماعية و الإقتصادية مساعدة لإستعمال شبابه كوقود، وجود الشمال جغراقيا على الحدود السورية و ممكن إستعماله لصالح النظام و ضد النظام في سوريا.

أما الأسباب الحالية، من الواضح أن هناك دور ما لإسترجاع دور الشمال العنفي الذي لا يشبهه، تارة من خلال إطلاق النار في الشوارع و تارة أخرى برمي قنابل صوتية و غير صوتية و تارة قطع الطرقات مما يساعد في لا أمن، و كل ذلك يؤشر أن هناك دور دموي للمدينة و الشمال و لكن  ليس واضحا بين من و من و لكن الواضح أن الجيش اللبناني من سوف يستنزف في جميع الأحوال.

الشمال ممكن أن يكون له دور وطني كبير مساهم في الإقتصاد و في الإنتاج المحلي و لكن هناك من يريد أن يكون له دور سني و هذا الدور سوف يكون مبني على العنف و الفوضى، خاصة أن الشمال هو الثقل السني عدديا في لبنان.

بعد مرحلة تكليف الرئيس حسان دياب ليست كما قبلها و خاصة أن هناك جو من الشعور بالغبن مجددا إن تألفت حكومة من لون واحد، و بالتالي سوف يكون التصويب أن الإنتفاضة أسقطت الرئيس السني فقط مما سوف يشعل الشمال أكثر فأكثر و سوف تعم الفوضى، و واضح اليوم أن الثقل البشري للإنتفاضة اليوم هواها شمالي و هذه الورقة سوف تستعمل من أخصام الحكومة و مع إزدياد التوتر في المنطقة ممكن أن يكون هناك مصلحة بزلزلة الأرض تحت أقدام الحكومة المقبلة من خلال خلق الفوضى و التوترات الأمنية لعدم السماح لمن يسيطر على الحكومة بتحقيق أي إنجاز أو السيطرة على مفاصل القرار.

كل ذلك عنوانه أن الشمال مظلوم في جميع المراحل السلمية من خلال التهميش الإنمائي و الحرب حيث يستعمل أدوات للرسائل بين الأفرقاء المتخاصمون محليا و إقليميا،  ريما أنه كتب للشمال في هذه العقود أن يبقى فقيرا و أن يكتب تاريخه بالدم ليس بالقلم، مما يجعله رجعيا ذو إقتصاد متدهور، حيث ممكن أن يلعب دورا أفضل بكثير مليء بالحيوية و التنمية على كافة الصعد و خصوصا أنه يوجد فيه طاقات بشرية و غير بشرية و موارد كثيرة.